قرار بعض الدول بالتوقف عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، يمثل عقوبة جماعية للفلسطينيين ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وتأتي هذه الخطوة في اليوم التالي لاستنتاج محكمة العدل الدولية أن دولة الاحتلال ترتكب إبادة جماعية في غزة، حيث سارعت بعض الدول وقررت وقف تمويل "الأونروا"، مما يؤدي إلى معاقبة جماعية لملايين الفلسطينيين في الوقت الأكثر أهمية، وعلى الأرجح بما ينتهك التزامات تلك الدول بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية . في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما نتج عنه من موت ونزوح قسري وإبادة وتدمير لكل مرافق الحياة والبنى التحتية أصبح وجود "الأونروا" وبرامجها وتدخلاتها يمثل أولوية قصوى من الناحية الإنسانية والإغاثية، وهناك ثقة دولية بها كمؤسسة، وبتدخلاتها وعملها، وبالتالي التحريض على "الأونروا" وتشويه سمعتها يمثل هدفا إسرائيليا من أجل تشديد الخناق على شعبنا، خاصة في قطاع غزة، والاستمرار بتجويع السكان وإبادتهم وتهجيرهم، فحكومة الاحتلال لا تريد الإبقاء على أي مؤسسة دولية لتكون شاهدا على جرائمها ووحشيتها وإبادتها التي تمارسها في قطاع غزة . وجاء الهجوم الإسرائيلي ضد "الأونروا" بعد قرار محكمة العدل الدولية مباشرة، والذي طالب دولة الاحتلال بالتوقف عن ممارسة إعمال الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، حيث عملت حكومة التطرف على ممارسة الضغط على المجتمع الدولي لوقف دعم وتمويل "الأونروا" للحد من أهمية قرار المحكمة الدولية كونه يعطى فرصة إلى إنفاذ العدالة الدولية وآلياتها، كونها صاحبة ولاية قضائية واختصاص مبدئي بالبت في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جمهورية جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، قوة الاحتلال والفصل العنصري والإبادة الجماعية، وهذا يعني صراحة أن إسرائيل تحاكم اليوم بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والتحريض عليها . ممارسات ونوايا ومواقف حكومة الاحتلال أصبحت واضحة بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ووطنه، بما ينطوي على ذلك من آثار لا تحمد عقباها، والمجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الأمريكية، مطالب بالتدخل الفوري لمنع إسرائيل من القيام بهذه الجريمة الكبيرة والخطيرة والتي تخالف جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية والقانون الدولي . لا بد من المجتمع الدولي أن يرفض الحملة الظالمة التي تقودها حكومة الاحتلال ضد وكالة "الأونروا"، والهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، الأمر الذي يتعارض مع القرار الأممي (302) الذي أُنشِئت بموجبه ولأجله وكالة "الأونروا" في 18 ديسمبر عام 1949، والقرارات الأممية الأخرى المتعلقة بقضية اللاجئين كافة. ولا بد من الدول التي اتخذت موقفا من "الأونروا" قبل انتهاء التحقيق في الاتهامات الموجهة إليها، بالتراجع عن هذه المواقف التي من شأنها معاقبة أبناء شعبنا دون وجه حق بشكل لا إنساني، خاصة أنهم هجروا من أرضهم عام 1948، وما زالت إسرائيل ترتكب الجرائم بحقهم، وآخرها حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة . ويجب على الأمين العام للأمم المتحدة والدول التي رفضت الانسياق لهذا المشروع الإسرائيلي الأمريكي استمرار العمل على مواجهة تحركات وسياسات حكومة الاحتلال العنصرية، والتي حددت ووضعت سياستها لمحاربة الشعب الفلسطيني، وأوضحت بأنه لن يكون هناك دور "للأونروا"، وهذا يفضح الهدف الحقيقي من هذه الحملة كون قضية اللاجئين هي جوهر القضية الفلسطينية، التي اتخِذت بشأنها عشرات القرارات الأممية، ويجب التحرك من أجل وقف هذا العدوان الغاشم الذي أوصل المنطقة إلى هذا الوضع الخطير، والذي ينذر بمزيد من الانفجار .
سفير الإعلام العربي في فلسطين رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية