الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان تدين طرد نائب القنصل المغربي في وهران    وزارة الداخلية تكشف حصيلة مراقبة الأسعار في رمضان    افتتاح القاعة المغطاة متعددة الرياضات بالسمارة    ضبط 240 ألف طن من المواد الفاسدة وإغلاق 531 محلا تجاريا بسبب مخالفات صحية خلال شهر رمضان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    حريق بمطار محمد الخامس ظلت نيرانه مشتعلة ساعة ونصف قبل إخماده    زلزال بقوة 7,7 درجة يضرب وسط بورما    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ليفاندوفسكي يتفوق على مبابي بالأرقام    السناتور الأمريكي ساندرز يسعى للتصويت في مجلس الشيوخ على قرارات تمنع بيع أسلحة لإسرائيل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    دونالد ترامب يستضيف حفل إفطار بالبيت الأبيض    دوري أبطال إفريقيا: تحكيم ليبي لمباراة الإياب بين الجيش الملكي وبيراميدز المصري    محكمة إسبانية تبطل إدانة نجم برشلونة السابق البرازيلي داني ألفيش بتهمة الاغتصاب    الصين: انخفاض الأرباح الصناعية ب0,3 بالمائة خلال الشهرين الأولين من 2025    وزيرا دفاع سوريا ولبنان يوقعان في جدة اتفاقا لترسيم الحدود بوساطة سعودية    "ضحايا كثر" جراء زلزال بورما وتايلاند    "حزب الله" ينفي إطلاق صاروخين    "مناجم" التابعة للهولدينغ الملكي تحقق رقم معاملات ناهز 4 مليارات درهم وتعلن عن اكتساف 600 طن من احتياطي الفضة    تيك توك تطلق منصة تسوق تفاعلية في أوروبا    نهضة بركان يبلغ ثمن النهائي بفوزه على اتحاد طنجة (1-0)    فليك : أنا فخور بفريقي .. الروح القتالية سر انتصار برشلونة الكبير    فرحات مهني يكتب: في ظل الديكتاتورية الجزائرية تُعامل جميع الحريات الديمقراطية كجرائم    في مشهد من العبث السياسي .. النظام الجزائري يواصل التصعيد الأحمق ضد المغرب    مصطفى أزرياح من تطوان يتوج بجائزة محمد السادس ل"أهل الحديث"    هل ينتقل نايف أكرد لماشستير يونايتد … بسبب إعجاب المدرب … ؟    السينما المغربية تحتفل بإطلاق "ماي فراند"    عودة أسطورة الطرب المغربي عبد الوهاب الدكالي في عرض يعد بالكثير    الشيخ عمر العراقي يدعو إلى الشفافية في إدارة المساجد بإسبانيا    أيها المغاربة .. حذار من الوقوع في الفخ الجزائري    مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء بشراكة مع جمعية باقي الخير تفرح النزلاء الأحداث بملابس العيد    الدار البيضاء .. تتويج أبناء أسرة الأمن الوطني الفائزين في المسابقة القرآنية الرمضانية    محمد مزوز من طنجة يتوج بجائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية في فرع "جائزة التسيير"    الأردن وزواج بغير مأذون    إيقاف ثلاث قاصرات متورطات في سرقة منزل بتجزئة المغرب الجديد بالعرائش    وزير الصحة يؤكد استمرار انخفاض حالات الإصابة ب"بوحمرون" للأسبوع الثامن تواليا    استفزازات متكررة من الجزائر في الأعياد الدينية.. مصادفات متفرقة أم سياسة ممنهجة؟    باحثون يكتشفون رابطا بين السكري واضطرابات المزاج ومرض ألزهايمر    مبادرة الحوث بثمن معقول إنجازات متميزة وتحديات جديدة في مسار الاستدامة    نشاط احتفالي بمركز "أمل الرباط" النفساني إحياء لليلة القدر    كرة القدم لعبة لكنها ليست بلا عواقب..    شراكة استراتيجية بين اتصالات المغرب وإنوي لتسريع تعميم الألياف البصرية وشبكات 5G بالمملكة    في مقهى «الأندلسية» بالقاهرة وعندك قهوة زيادة وشيشة للبيه الأفندي المغربي    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    أداء إيجابي ينهي تداولات البورصة    مخزون السدود يواصل الارتفاع بالمغرب وسط تفاوت بين الأحواض المائية    بوطازوت تضطر للانسحاب من تقديم "للا العروسة" بعد إجرائها عملية جراحية    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    عادل أبا تراب ل"رسالة 24″: هذا هو سبب نجاح "الجرح القديم" ومقبل على تقمص جميع الشخصيات    حب الحاجب الذي لا يموت..!    أوراق من برلين: فيلم "طفل الأم".. رحلة تتأرجح بين الأمومة والشكوك    فن يُحاكي أزمة المياه.. معرض فني بمراكش يكشف مخاطر ندرة الماء والتغيرات المناخية    رسالة إلى تونس الخضراء... ما أضعف ذاكرتك عزيزتي    تجميد المواد الغذائية .. بين الراحة المنشودة واستحضار الجودة    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تودع شكاية لفائدة طفلة أُصيبت بالسيدا عقب عملية جراحية    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السبيل للنجاة بطريقة مختلفة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 02 - 11 - 2023


يقول المقاتلون هناك:
ننتظر لساعات طويلة أمام شاشات الهواتف ماذا سيحل برجال يأكلون الشمس المغمى عليها بين شقوق أرواحهم. لا يتعلق الأمر بلعبة إلكترونية لتعليم الأطفال استراتيجيات القتل. جريمة متكاملة الأركان لا تتوقف عن العمل تجري على بعد بضعة أمتار من يأسنا. حرب همجية غير نظيفة. قوات الرد السريع التابعة للبحرية الأمريكية تعبر قناة السويس، وتتجه شمالا لإغراق أقدام جنودها في الوحل.
من يستطيع أن يرفع عينيه عن الهاتف؟ الدخان المتصاعد من المباني الآهلة بالأشجار مرآة عاكسة لما يجري. تمر عدة أيام، وربما عدة أسابيع، ولا أحد يخطط للقيام بشيء. لا بايدن الذي عبر عن حبه اللامشروط لإزرا، ولا ماكرون الذي قال إنه يبحث للفلسطينيين عن سيارة إسعاف، ولا ريشي سوناك الذي كشف فحصه الطبي الأخير أن قلبه مجرد لعبة لتزجية الوقت، ولا الجامعة العربية الغارقة في أفكارها السوداء. الدخان سيد الموقف، وعلينا أن نتجرع كؤوسا ملأى عن آخرها بالشفرات.
من حقنا ألا ننتظر. ذلك الطفل الناصع الذي يضحك وكتفاه يهتزان من فرط القصف، يوبخ بنادقنا المعطوبة. وتلك المرأة التي تمسك حجرا وزجاجة بنزين، تدير لنا ظهرها لحظة الوضع، وتحاول أن تبدو أمام رضيعها أقل حزنا. وذاك الحجر الذي لا يملك القدرة على الصبر، وملَّ بحجج منطقية من البقاء مكتوف اليد، وصرخ ملء صوته: «ألا تعلمون أن السلاح الذي يفقد وظيفته يختفي؟ متى ينطلق سلاحكم للتعبير عن نفسه؟». من حقنا ألا ننتظر. لقد كنا معا منذ أكثر من أرض والحروب لم تنقطع قط، فليس قدرا أن نضع السلاح، وليس قدرا أن نستلقي بمحض إرادتنا على أريكة الهزيمة.
يقول المقاتلون هناك: «إننا نبتكر كل شيء يتصل بنا. نصنع الأبطال بطريقة ما، نملأ الأماكن الفارغة بين شجرة وأخرى. ننتعل الحياة ونحمل حقائب صغيرة فوق ظهورنا. أحيانا نتحول إلى هدير ماحق، وقد نظهر على المحتل بالوتيرة نفسها إذا قرر أن يدوس بقدميه على شوارعنا. لسنا عاجزين عن الإمساك بالجرح بكل قوة، وقد نعتصره حتى يدمي، ومن الممكن أن نصحح أخطاء المعنى إذا غفا في الضمير العالمي. لم نأت إلى هذه الأرض في رمشة عين، ونعلم أننا لسنا في رحلة سياحية. هدفنا هو أن نوجد في اليوم الموالي، وأن نظل فريقا واحدا لا يعرف الخسارة حتى لو أبيدت أجسادنا عن آخرها».
إسعاف أمريكي فاشل
صارت الأمور أكثر وضوحا. أمريكا تريد بقعة أرض أخرى خالية من الفلسطينيين. إخراج متقن وديكور دقيق، والعالم سيجرفه التيار. حق الرد. حق الدفاع عن النفس. الحرص على قلب الأدوار، ومواصلة الاجتثاث بكل ارتياح، بل الدفع بكل الأشجار إلى الإقامة الجسيمة في الصحراء. والمطلوب أن يطل الأمميون الطيبون من الشرفة، وأن يكثروا من التصفيق.
كان واضحا أن الاجتياح البري ستصنعه أمريكا، الأكثر أهلية لارتكاب الحماقات. والأدهى أن القوة المحتلة ظاهرة الارتباك، وأن ذراعها منقبضة وتحتاج إلى تدليك عسكري سريع. بايدن زار تل أبيب. ولهذا السبب اقتنع أن الحرج كبير، وأن «المناولة» ضرورة. بايدن وعد أن يقلص الخسائر، وأن يجبر العالم على الغرق في المحارق القديمة.
الأمريكان يعرفون أنهم لن يأتوا ليشربوا الجعة الباردة في رفح أو خان يونس. يعرفون أنهم سيتركون جلودهم تجف على الأسوار. من المؤكد أنهم سيحاولون التفاوض مع الموت قليلا. سيقومون بالشيء نفسه وهم يدخنون الماريوانا أو يتقدمون وراء المدرعات أو يندسون بواقياتهم تحت الأرض. جاؤوا ليضعوا الانتصار على رأس «إزرا». كلهم يستعملون أسماء مستعارة. القوات الخاصة. فرقة الدلتا. الأقمار الصناعية. المطارق الحفّارة. التوربينات الأرضية. الغازات السامة. الأقنعة الواقية. الخوذات المتطورة. أجهزة الرؤية الليلية. كاشفات الأنفاق. الحذر. الخوف. الأقراص المخدرة.. وصلاة شاسعة لتأمين الجنة.
بايدن يجتهد كثيرا ليظهر لنتانياهو أن كل شيء على ما يرام، وأنه جاهز لوضع خرق ملوثة في أفواه الإنسانيين والديمقراطيين والحقوقيين والمؤرخين. لا أحد في الجهة الأخرى مع الفلسطينيين. لا أحد يجرؤ على الخروج من العرض الأمريكي الممتاز..
«إزرا» يقول إن الأمن مادة أساسية غير قابلة للمراجعة. يتحدث عن موقعه الهش والمتضارب في الجغرافيا، كأنه لا يعرف أن الموقع ترجمة حرفية للأرق. يقول إنه متأرق منذ خمسة وسبعين عاما. لا ينخفض رأسه للنوم، ويشعر أن قبور الأرض تجثم على قلبه. الأمر لا يتعلق بوخز الضمير الذي لا يملكه، ولا بأي أفكار إنسانية أو تاريخية. الموقع مشنقة، والأمن حرب انتحارية دائمة.
لا يعرف بايدن أن الاجتياح البري ليس مؤشر نجاة لإزرا. لا يعرف أن الأشجار تنبت بجذورها من جوف الأرض، تماما كالفلسطينيين، وأن انعدام الاهتمام بهذه الحقيقة دليل على أن عملية «الإسعاف الهمجي» فاشلة.
«عبدة الكيتش» على طريقة طوم
لستم حديثي عهد بالفاجعة أيها الرجال المنسيون. تركتم لصراخكم، وقيل لكم إن دمهم المراق قدر. قالها الشرق والغرب، وقالتها كل الجهات. كلكم مرشحون للقتل ما دام فيكم شرف يخضر بلا هوادة. لا مجال للإفصاح والإضمار. الجميع متفق على الخاصية الضرورية للسيوف المتقاطعة التي تفرمكم عن آخركم. لا فرق بين لسان ولسان، ولا بين بيان وبيان. حتى المجاز ليس حقيقتكم. صورة وعدم. لا تاريخ يخضع لملاحمكم التي تتكرر في نسخ لامتناهية. لا وجود لكم في «الشيء» الذي يسرقونه منكم. عليكم فقط أن تتدفقوا في الماضي لينسوا وجودكم، ليستردوا سلاحهم من نحوركم. عليكم أن تبحثوا عن بيئة أخرى، وأن تهجروا الاعتقاد الشائع بأنكم صورة أصلية للأرض.
هذا هو السبيل الأوحد للنجاة. ارحلوا عن وقتكم، وسيحوا في الأرض بطريقة مختلفة. عيشوا في البحر أسماكا، والأصح أن تصيروا ملحا أو زبدا. تراكموا بعضكم على بعض. ترسبوا وتحجروا، ولا تنهضوا من أحجاركم. لا تنصبوا الفخاخ للكثافة الصهيونية. عيشوا الندم، واتركوه يوحد صفوفكم.. هناك بعيدا.. بعيدا في العدم.
لا تنتظروا النجدة من مجلس الأمن، ولا من الكلاسيكو بين «طوم» و»راسكولينكوف». لا تنتظروا شيئا من محترفي «الكيتش». هؤلاء يتقصون حركة القوة، ويقيسونها باستراتيجيات الوصل والفصل والاستنفاع. لا تهمهم أرضكم، ولا أرقام موتاكم. أنتم مجرد «إمتاع ومؤانسة». أدوات تنشيط بالتقسيط المريح. لحم فائض عن الكتب المقدسة. تكرار متوحش لا جدوى من بقائه على وجه الأرض. عليكم أن تنقرضوا لتلفتوا الانتباه!
أنتم تموتون لإظهار أهميتكم القصوى. وهم يتبنون صوتا آخر. حكوماتهم. مؤسساتهم. جيوشهم. إعلامهم. أموالهم. آدابهم. علومهم. فلاسفتهم. أخلاقياتهم. كلها تتحدث بشكل أفضل عن عدم أهليتكم للوجود. لا يفرقون بينكم وبين الاحتباس الحراري. بدونكم سيكون العالم أفضل. لا حروب، ولا مجاعات، ولا اشتباكات، ولا أهوال. كل الظواهر المفلوقة ستختفي ولن تخطىء طريقها نحو الانمحاء.
لا تنطلقوا أيها الرجال من الأصل. لا تحرجوهم كثيرا في فراشهم. لا تجعلوهم يهرولون ذهابا وإيابا إلى خجلهم الحتمي. لا تسقطوهم من أكاذيبهم. لا ترموهم خارج المتن. فكل المتون يصنعها طوم، ويفصلها بارتياب قبل أن يخلعها على الشهود والأحلاف. لا تنسوا أن ما يقع معكم مجرد إنشاء مدرسي!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.