إذا كان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يتعلق في عمقه بمستجدات الأوضاع الخاصة بالصحراء، على ضوء القرار 2654، ووضع المفاوضات السياسية، وتنفيذ القرار أعلاه، فإن ما يسترعي الانتباه هو الحديث عن الصعوبات القائمة التي تواجه عمليات بعثة المينورسو والخطوات المتخذة للتغلب عليها، ويستخلص منه: الأعمال القتالية المنخفضة الحدة لا تأثير لها على وضع الصحراء بقدر ما »تسببت الحالة السائدة في صعوبات كبيرة بالنسبة لعمليات البعثة، ولاسيما جهودها في مجال اللوجيستيك وإعادة التموين»، وهو ما يعني أن البوليساريو تعطل عملية المينورسو، التي تردد باستمرار أن لها مهمة أممية يجب أن تقوم بها. يقول التقرير بوجود تركيز في منطقة المحبس، على الحدود الجزائرية، لحوادث إطلاق النار. التأكيد على تعاون القوات المسلحة الملكية أو المبادرة إلى دعوة الأممالمتحدة إلى التعاون «كما في الفقرة 4 من التقرير»، حيث كتب غوتيريش أنه بناء على «طلب الجيش الملكي المغربي وبمرافقته زارت البعثة، منذ نونبر 2022، مواقع مجاورة للجدار الرملي، ولاحظت في عدة حالات آثار انفجار ذخائر الهاون فيها»… الوقوف على الادعاءات الكاذبة للجبهة المناوئة، كما في الفقرة 5 حيث زعمت «تقارير إعلامية أن الجيش المغربي حشد المركبات والقوات بالقرب من قاعدته في بئر أنزران على بعد 75 كلم من الجدار الرملي، ولم تكتشف دورية برية تابعة للبعثة أي علامة تدل على حشد القوات أو المركبات»… – ليس لدى الأممالمتحدة وسائل إثبات ما تناقلته مصادر إعلامية ووسائل تواصل اجتماعية بخصوص العمليات التي تتحدث عنها الجبهة وأمينها العام، بالمقابل وجه ممثل المغرب رسالة في 30 يونيو 2023 يورد فيها كون البوليساريو »تطبق أساليب عملها الجديدة، لا سيما استخدام مركبات تحمل علامات خاصة واستئجار مقاتلين متنكرين في زي مدنيين» لخداع وحدات الجيش الملكي وتشويه صورته في حالة وقوع خسائر…» غير أن السمات الأبرز في تقرير غوتيريش ترتبط بعرقلة عمل المينورسو من طرف البوليساريو حيث اتخذت أشكالا متعددة. وقد أورد الأمين العام في الفقرة 13 من تقريره عبارات واضحة حول هذه العراقيل، وكتب غوتيريش، «ظلت القيود التي تفرضها جبهة البوليساريو على حرية التنقل تمنع البعثة من الاحتفاظ بسلسلة آمنة وموثوقة للوجستيات وخدمات الصيانة وإعادة تموين تربطها بمواقع فرقتها الواقعة شرق الجدار الرملي»، وفي الفقرة الموالية يوجز التقرير في وصف حالة ومثال حدث يوم 17 مارس2023 «عندما بلغت احتياطات الوقود في مواقع الفرقة الواقعة شرق الجدار الرملي وضعا حرجا كتب ممثلي الخاص إلى الطرفين لإخطارهما بعزم البعثة إيفاد قافلة برية من السمارة إلى مهيريس في 22 مارس كملاذ أخير لإعادة تموين مواقع فرقتها ومواصلة عمليات البعثة شرق الجدار الرملي، وفي اليوم نفسه استجاب الجيش الملكي بدعم القافلة، وفي 20 مارس كتب منسق جبهة البوليساريو لدى البعثة إلى ممثلي الخاص مؤكدا أن «اتخاذ أي إجراء انفرادي في تجاهل تام للمخاطر المتعددة المرتبطة بالحرب الجارية في الإقليم سيشكل تهديدا خطيرا على أمن وسلامة أفراد البعثة»… ستعمل الجبهة على منع القافلة الأممية من تحصيل حاجياتها من الوقود، وقد انطلقت القافلة يوم 22 مارس، ولدى اقتراب القافلة من المهيريس قام نحو 20 عنصرا مسلحا من عناصر البوليساريو بإغلاق المسار وإيقاف القافلة، وأصروا على عودتها إلى السمارة، دون تسليم حمولتها إلى موقع فريق البعثة في مهيريس»، حسب ما خلص إليه تقرير الأمين العام… والواضح أن البوليساريو تسعى إلى عرقلة المينورسو بالأخبار الزائفة إما رسميا وإما بواسطة وسائل التوصل الاجتماعي، حول وجود حرب ضروس وعمليات بناء منشآت وتحريك آليات إلخ، في الوقت الذي تصر على عرقلة عملها في الجانب الشرقي من الجدار الرملي… مما حدا بغوتيريش إلى توجيه خلاصة في نهاية التقرير بواسطة الفقرة97 بالقول «ما زالت القيود المفروضة على حرية حركة البعثة التي لم ترفع بعد، تعوق قدرتها على القيام بأنشطة المراقبة البرية والجوية المطلوبة شرق الجدار الرملي، وإني أحث جبهة البوليساريو على إزالة جميع القيود المتبقية المفروضة على حرية حركة البعثة». وبذلك، وكما ورد في التقرير، فإن المصدر الرئيسي للأمين العام ومجلس الأمن والمصدر الوحيد في بعض الأحيان للحصول على المعلومة والمشورة غير المتحيزة، لا تكون لديه القدرة، في حالات كثيرة، على القيام بعمله بسبب ما تفعله البوليساريو… والواضح أن الانفصاليين يريدون من خلال عرقلة عمل المينورسو عرقلة خلق شروط تهيئة بيئة مناسبة للنهوض بالعملية السياسية، والتي يقودها ستيفان ديميستورا، واستهدافها هو كذلك استهداف تمثله من حيث هي تجسيد لالتزام المجتمع الدولي بإيجاد حل سياسي عادل ومقبول ودائم للنزاع وفقا لقرارات مجلس الأمن 2440 (2018) ع 2468 (2019) ع 2494 (2019) 2548 (2020) ع 2602 (2021) ع 2654 (2022) (غدا جديد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الحكم الذاتي)…