يحدث أن يهُدَّ الزلزال منطق أناس آيلين للسقوط… يحدث فجأة أن تصبح السيادة تهمة، ويتهم مغرب محمد السادس بأنه بالغ في سيادته بمناسبة الزلزال، ولم يترك بعض الصحافيين والساسة والكتاب، في الغرب وفي أوساط العرب فرصة للمغاربة ليتملكوا جنازة أهاليهم، ولا أن يتملكوا الفرح بإنقاذ بعض ممن كانوا تحت التراب… تابعت كغيري، والقلب يومذاك مكلوم، نقاشات على الشاشات الفرنسية، يغضب فيها أصحاب الغرب من هذا المغرب، الذي يريد أن يتصرف بسيادة في فاجعته، ويرتب عليها ما يجب ترتيبه من دروس، صراخ بلغات أعجمية وأخرى بالعربية، من قلة من مناهضي كل نظام، تدعو المغرب إلى مشاعة الإنقاذ وشيوعية الفاجعة والغبار… الفرنسيون كانوا أكثر صراخا، ولا أحد فينا يصدق أنهم يحبوننا أكثر منا، ولا أحد منا نسي شرط محبتهم»سنحبكم أكثر عندما نكون سادتكم ولا غير»! كادوا يغنون، ليقنعوننا بأنهم استعمرونا وخاضوا الحروب ضدنا في الجبال والسهوب والوديان حبا فينا، حتى أن الاستعمار كان رسالة العشق الوحيدة التي كانت بيدهم في القرن التاسع عشر والعشرين… بعض العرب، ممن يسكنون لندن ومالمو، ويسكنون في فيلات الغرب المضادة للزلزال، عاتبونا لأننا سمحنا للزلزال بأن يقتل ! عبد الباري عطوان مثلا، صرخ فينا» الزلزال لا يقتل أنتم القتلة»! فوجئنا بالمنطق الجديد للكارثة» الزلزال بريء والنظام المغربي سفاح برفض المساعدات من الدول الأجنبية» !؟ بعض الأصدقاء الألمان طلبوا تفسيرا» لماذا ترفضون أن نساعدكم؟» قلت «نحن نجلكم ونجل جديتكم، ولنا فقيه من سوس اسمه المختار السوسي، كان يردد بأن» هناك اثنين لا مزاح معهما في الندية، الإيمان والألمان»! لكن تابعوا معنا! لما ضرب الكوفيد العالم كله، لم ينتظر المغرب مساعدة قدمت له من الصين، بل بادر إلى اتخاذ البادرة بتعميم اللقاح من عندهم ومن عند الأمريكان ومن غيرهما، وكان الغرب كله يتحمل المشهد والناس يتسابقون كأنهم سكارى وما هم بسكارى.. وقتها قرر المغرب أن يخرج من الكارثة بخبرة ومعرفة وعلم اللقاحات، لهذا بادر إلى اتفاقيات مع الصين نفسها حول تصنيع اللقاحات، ثم انتقل بعد ذلك إلى أن أصبح قاعدة للتصنيع المتبوع بالتصدير، هل أخطأنا وقتها عندما خرجنا بالسيادة الصحية قولا وفعلا، بنيات وهياكل وسياسات قطاعية؟ قلت أيضا تابعونا في أزمة الحرب الروسية الأوكرانية…. هل خضعنا لمزاج الحرب وهي تطلق النار على البطاطس والأرز والخبز؟ ابتدعنا سيادة غذائية ووضعنا السماد المستخرج من فوسفاطنا في ميزان العلاقات الدولية وربحنا… كانت السيادة ناظور مرافئنا… كانت السيادة الغذائية موضوع سياستنا ولم نترك للجوع أن يملي مزاجه علينا، قلت للأصدقاء الألمان لا تغضبوا، نريد أن نخرج من الكارثة بغير قليل من المعرفة بها، حتى لا تتكرر معنا الفاجعة ونستطيع كتفا لنا نضع عليها رؤوسنا مع كل موت ؟ تعلمنا في عشرين سنة مضت أن الزلزال يعود إلينا، فهل نعود إليكم مع كل هزة ومع كل دمار، أم يحسن بنا أن نمرن الروح على الفاجعة وعلى تجاوزها؟ عندكم حق، قال الألمان… لا مزاح معكم كما قال فقيهنا، قلت باسما… مع الآخرين يكون التحليل هو إثبات الغباء في عز السكوت المغربي في الفاجعة… الزلزال لا يقتل والسيادة تهمة فيه… وتكون الخلاصة الذكية لهذا النوع من التحليل أن يكون الزلزال بريئا لا يقتل، كما ردد صارخا عبد الباري عطوان في فيديو يوتيوب عن الكارثة، «الزلزال لا يقتل.. الزلزال لا يقتل»!!! ونستخلص أن الدولة والنظام والسلطة هم القتلة! ويتكامل المنطق الاستعماري المستجد مع القومية العاطلة في خلاصة تفيد أن السيادة تهمة والزلزال بريء ! والنظام في الحالتين يبالغ في سيادته حتى أنه يقبل بأن يكون الزلزال بريئا على حسابه!!! حوار عبثي على ذمة الخاتمة… لماذا تصر على سيادتك وأنت تموت؟ هل نسيت أنك علمتني أن أحضنها عندما قتلتني لأنني كنت أحبها؟ لماذا تساعد الزلزال على تهمتك؟ لأنني هنا ولست في كوكب بعيد في خاطر قومجي يسكن لندن… ولأن الزلزال بالفعل بريء عندما لا يضرب لندن ..البعيدة عن.. الحوز وعن… غزة!