البرلمان المغربي يرد على قرار البرلمان الأوروبي العدائي رابطة مجالس الشيوخ والشورىفي إفريقيا و البرلمان العربي: استياء كبير من التدخل السافر للبرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية للمغرب
أجمعت فرق الأغلبية والمعارضة وكافة مكونات مجلسي البرلمان بغرفتيه على إدانة شديدة للموقف العدواني للبرلمان الأوروبي ضد المغرب، والمغلف بحقوق الانسان، حسب تفسيرات الغرب لها. ويأتي موقف الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي حوّل إعلامه إلى وسيلة حرب، كما منع الاعلام المعارض لأطروحاته، كما هو حاله مع الإعلام غير المساند لأوروبا في الحرب الروسية الأوكرانية، وغيرها من الممارسات المشينة لأوروبا الغارقة في أزمات عميقة جدا بسبب مخلفات وباء كورونا والحروب، وهو ما يجعلها أكثر عدوانية وطمعا في استدامة استغلال قدرات شعوب العالم . وجاء في مداخلة الفريقين الاشتراكين في كلمة تناولها عبد الرحيم شهيد في الجلسة المخصصة لمناقشة قرار البرلمان الأوروبي: «اسمحوا لي أن أتناول الكلمة باسم الفريقين الاشتراكيين بمجلس النواب ومجلس المستشارين بهذه المناسبة، واسمحوا لي، من خلال هذه الكلمة أن أتوجه إلى النواب بالبرلمان الأوروبي، لأقول أيها النواب الأوروبيون المحترمون، حيث أنكم في ختام القرار الذي أصدرتموه يوم 20 يناير الجاري، طلبتم من رئيس المجلس إبلاغ مضامينه إلى البرلمان المغربي، فإننا في الفريق الاشتراكي بغرفتي البرلمان، نبلغكم أن رسالتكم قد وصلت، وعليه اسمحوا لنا بحق الرد عليكم، انطلاقا مما يجمعنا من شراكة تنبني على حسن الجوار ومبدأ عدم التدخل والحرص على ضمان الأمن والسلم العالميين.. اسمحوا، لنا في الفريقين الاشتراكيين، أولا، بأن ننعش ذاكرتكم بأن المملكة المغربية قد انخرطت وبكل قناعة ومسؤولية في مسار تجويد وتأهيل نموذجها الديمقراطي، من خلال العديد من الإصلاحات السياسية والمؤسساتية والدستورية والحقوقية العميقة والجريئة، ومن أبرزها الإعلان عن هيئة الإنصاف والمصالحة لتحقيق المصالحة الوطنية؛ وقد تكرست هذه الإصلاحات بإصدار دستور 2011 الذي أرسى فعليا مرتكزات دولة المؤسسات، وكرس مبدأ الاختيار الديموقراطي، وأقر منظومة من هيئات ومؤسسات دستورية معنية بحماية الحقوق والحريات والنهوض بها، حيث توج المغرب هذا المسار الإصلاحي بالانخراط الفعلي في منظومة حقوق الإنسان الدولية، والانفتاح الطوعي على الإجراءات الخاصة والتي توجت بزيارة العديد من المقررين الخاصين وفرق العمل بوتيرة متواصلة للمغرب، وكذا تقديم المملكة تقارير إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان والتفاعل مع آليات التظلم لدى مجلس حقوق الإنسان، والتفاعل الدائم مع آلية الاستعراض الدوري الشامل». واضاف شهيد: «اسمحوا لنا في فريقينا بأن نعبر لكم عن استغرابنا بأن يترك مجلسكم الموقر كل هذه المسارات والآليات الأممية التي تناقش مختلف الحالات التي اخترتم الحديث عنها، واستبدالها بخلق «حالة طوارئ استثنائية» مظهرها حقوقي للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، وحقيقتها سياسية لا تخفى على أحد لتصريف مختلف الأزمات التي تحاصركم كتكتل سياسي واقتصادي، أو كدول مستقلة في مواجهة تداعيات وباء كوفيد والحرب الدائرة في شرق أوروبا، أو خدمة لمصالح لوبيات تجد مصلحتها اليوم في مهاجمة المغرب وخوض حرب بالوكالة لصالح خصوم وحدته الترابية. وتابع شهيد في كلمته: «اسمحوا لنا في الفريقين الاشتراكيين بمجلس النواب والمستشارين بأن نطلب منكم التحلي ببعض التواضع والتخلي عن موقع الأستاذ الذي تحبون القيام به، وأنتم تقدمون الدروس للآخرين، وأن تعترفوا مع ذواتكم أن مظهر الرشوة الذي ظهر في منظومتكم هو منتوج خاص بكم ودلالة فساد قيمي ومؤسساتي عندكم يجب معالجته من داخل منظومتكم، لا البحث عن طرق لتصديرها للآخرين بتعال وتكبر». وأكد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، موجها كلامه إلى النواب الأوروبيين، «إذا كان من الصعب عليكم التخلص من هذه الطبيعة الاستعلائية، فإنه يسعدنا –أمام صحوة ضميركم هذه- أن نذكركم ببعض القضايا الإنسانية التي كان من المفروض أن تحظى باهتمامكم». وأفاد عبد الرحيم شهيد «سيكون مفيدا أن تصدروا قرارا بفتح تحقيق حول ما حدث بأوروبا خلال فترة كوفيد، لقد تركتم دولا مثل إيطاليا واسبانيا تواجه الوباء القاتل ومصيرها بأنانية مقيتة، تركتم كبار السن يموتون بالمستشفيات ودور العجزة بدون أي إحساس بالذنب، وتحول بعض منكم بدون حياء إلى قراصنة للدواء في الجو والبحر». وأوضح المتحدث: «سيكون مفيدا أن تصدروا قرارا لحكوماتكم لإيقاف تصنيع الأسلحة وبيعها في العالم لسنة واحدة فقط، وتخصيص ميزانياتها لمحاربة الفقر ومواجهة الأوبئة والتغيرات المناخية، هذه الأسلحة التي تصوتون عليها بدم بارد هي التي تقتل الأطفال والنساء والشيوخ في كل بقاع العالم وهي التي تخلق ملايين المهجرين واللاجئين». وتابع: «سيكون مفيدا أن تصدروا قرارات تطلب من حكوماتكم الاعتذار عن ماضيها الاستعماري الهمجي في كل بقاع العالم، وخاصة في قارة إفريقيا، وعن استنزاف ثرواتها وإمكاناتها التي بفضلها اغتنت قارتكم وما زالت تغتني». وأضاف شهيد: «سيكون مفيدا أن تكون لكم الجرأة بأن تصدروا قرارات لتصحيح ما قامت به دولكم، تحت شعار الحرية وحقوق الإنسان، بالعديد من دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط خلال فترة الربيع العربي، والتي حولتها حكوماتكم إلى دول غير مستقرة تحت رحمة الحرب الأهلية والإرهاب والطائفية. وقال المكتحدث باسم الفريقين الاشتراكيين: «أيها النواب الأوروبيون المحترمون، حين نذكركم بهذا فلنقول لكم بأنكم بهذه الطريقة من التفكير والتعامل غير منسجمين مع أنفسكم، وأنكم غير مؤهلين أخلاقيا لإعطاء الدروس للآخرين عن الديمقراطية». واختتم شهيد كلامه بقوله: «إننا في الفريقين الاشتراكيين بمجلس النواب، نؤكد على أهمية الشراكة الأوروبية المغربية، ونشدد على ضرورة استمرار العمل المشترك لتطويرها من أجل تعزيز ما تم بناؤه من علاقات الثقة المتبادلة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وبقدر تثميننا انفتاح المغرب على المناقشة المؤسساتية المبنية على الشراكة والاحترام المتبادل لمختلف القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان والحريات وقضايا الأمن والجريمة المنظمة ومحاربة الإرهاب، نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية ومحاولات استهداف المغرب وابتزازه من خلال التشكيك في اختياراته الديمقراطية والحقوقية واستهداف مؤسساته الدستورية وفي مقدمتها استقلالية السلطة القضائية». ومن جهته، سجل البرلمان العربي «باستياء كبير» استمرار البرلمان الأوروبي في التدخل السافر في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية عبر توظيف ورقة حقوق الإنسان بناء على ادعاءات باطلة، تفتقد للأسس القانونية وللشرعية، وفي تحيز واضح لا يمكن التغاضي عنه. وأكد البرلمان العربي أول أمس الأحد في بيان صدر في ختام جلسته العادية الثالثة من الفصل التشريعي الثالث، أنه يسجل «باستياء كبير، استمرار البرلمان الأوروبي في التدخل السافر في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية والمساطر القضائية لدولة عربية ذات سيادة، مشهود لها بانفتاحها الدائم على آليات التقييم الأممية، عبر توظيف ورقة حقوق الإنسان بناء على ادعاءات باطلة، تفتقد للأسس القانونية وللشرعية، وفي تحيز واضح لا يمكن التغاضي عنه». وذكر بانه تابع بانشغال كبير، نتائج التصويت على التعديلين المقدمين حول التقرير الذي صدر عن البرلمان الأوروبي بتاريخ 19 يناير 2023، حول تنفيذ السياسة الخارجية والأمنية المشتركة 2022، وما تضمنه من انتقاذ لوضعية حقوق الإنسان بالمملكة المغربية. وشدد على رفض كل التدخلات الخارجية والحملات الممنهجة التي تستهدف الدول العربية تحت غطاء حقوق الإنسان، مطالبا البرلمان الأوروبي ب «التوقف الفوري عن ممارسة الوصاية على حالة حقوق الإنسان في الدول العربية والتحري حول صحة المعلومات والادعاءات التي تصل إليه من أفراد ومنظمات غير محايدة وغير نزيهة، ترتبط بجهات خفية ومكشوفة». كما دعا البيان البرلمان الاوربي الى «الالتزام بروح الشراكة التي تربط الاتحاد الأوروبي بالدول العربية عامة، والمملكة المغربية خاصة، والعمل على تنميتها وحمايتها من المضايقات». وحذر من عواقب المناورات التي تستهدف أمن واستقرار البلدان العربية، وحث البرلمان الأوروبي على الانكباب على قضايا ومشاكل المهاجرين واللاجئين والأقليات في المجتمع الأوروبي، وما أصبحت تتعرض له هذه الفئة من تمييز وتضييق يرقى الى مستوى انتهاكات صارخة للمواثيق الدولية لحقوق الانسان. كما حث أعضاء البرلمان الأوروبي على رفض تسييس ورقة حقوق الإنسان وتوظيفها وفق أجندات ظرفية تخدم مصالح ذاتية، والكف عن الخوض في القضايا التي تندرج في الشؤون الداخلية للدول العربية. وخلص البيان إلى أن «البرلمان العربي، إذ يرفض المساس بالسيادة القضائية للدول العربية والتدخل في شؤونها الداخلية ومؤسساتها الوطنية، فإنه يدعو البرلمان الأوروبي إلى الالتزام بحسن الجوار واحترام اختيارات تلك الدول لنماذجها السياسية والتنموية والاجتماعية، وتغليب الحكمة ولغة العقل لإيجاد أرضية مشتركة للحوار، وفق المصالح الاستراتيجية بين الجانبين». رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي وأعربت رابطة مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة في إفريقيا والعالم العربي (أسيكا) عن شجبها واستنكارها الشديدين للقرار الصادر عن البرلمان الأوروبي «الذي تضمن مزاعم بشأن السياسات والآليات التي تتبعها سلطات المملكة المغربية في ما يخص الصحفيين وحقوق الإنسان». ووصفت الأمانة العامة للرابطة في بيان استنكاري هذا القرار بأنه «تدخل سافر في الشؤون الداخلية للمملكة المغربية دون أدنى اعتبار لسيادة واستقلال هذا البلد المشهود له بانفتاحه الدائم على آليات التقييم الأممية»، داعية البرلمان الأوروبي إلى إعادة النظر «في هذا القرار غير المبرر الذي تجاهل الجهود الحثيثة والملموسة التي تبذلها المملكة المغربية في سبيل استقلالية النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، والتجسيد الدستوري لاستقلالية السلطة القضائية». وبعدما عبرت عن رفضها «لهذه التدخلات الخارجية وازدواجية المعايير والحملات الممنهجة التي تستهدف البلدان العربية تحت يافطة حقوق الإنسان»، ذكرت ( أسيكا) البرلمان الأوروبي بالمبادئ التي قامت عليها منظمة الأممالمتحدة بشأن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وإعلان مبادئ القانون الدولي «التي تدعو إلى حسن الجوار وتعزيز العلاقات الودية والتعاون والاحترام المتبادل بين الدول لما فيه خير ورفاهية شعوبها». كما طالبت الرابطة هذا الأخير ب «التوقف الفوري عن ممارسة الوصاية على حقوق الإنسان في البلدان العربية، وعدم الانجرار وراء الإدعاءات والمزاعم الباطلة والمعلومات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من المهنية والأدلة القانونية»، وكذا «التحري حول صحة المعلومات والادعاءات التي تصل إليه من أفراد ومنظمات غير محايدة وغير نزيهة، و عدم استغلالها للابتزاز السياسي وتسيس الوقائع وتحريفها».