ليس بالهين أو اليسير أن يفلح المرء في إيجاد التسميات أو النعوت «الشافية « لوصف مشاعره وأحاسيسه وهو يتابع إنجاز المنتخب المغربي بمونديال قطر 2022، المتمثل في التأهل إلى ربع النهائي كأول بلد عربي ، بعد أن سبق له أن «توج» بلقب أول بلد إفريقي يمر إلى مرحلة الثمن بمونديال المكسيك عام 1986. انتصار يوم 6 دجنبر 2022 المحقق على أرضية ملعب «المدينة التعليمية» يعد عنوانا آخر على أن «مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس « ، في كافة المجالات ، ومن ضمنها المجال الرياضي برسائله المتعددة الأوجه . مغرب يؤمن بقدرات أبنائه وبطموحهم الجارف في صنع الاستثناء بشتى تمظهراته. أو كما يردد دائما المدرب وليد الركراكي ، بعفويته اللافتة ، « إننا نملك منتخبا يؤمن بإمكانياته الذاتية ولا يهمه ما يصرح به الآخرون «. إنه نصر لم يأت من فراغ أو وليد متمنيات يعبر عنها هنا أو هناك، بقدر ما أنه نتيجة نجاح في توحيد الكلمة داخل المستودع، حول هدف واحد وأوحد هو « تبليل القميص» بالجدية والمثابرة اللازمتين، بعيدا عن أية حسابات أخرى ، غالبا ما شكلت ، في مناسبات سالفة ، نقطة ضعف جوهرية طالما تسللت منها الخيبات والتعثرات الحائلة دون بلوغ المرامي المسطرة . إنجاز يترجم الأجواء الصحية التي باتت تحيط بالنخبة الوطنية ، والتي شكلت حصنا منيعا أمام حرب الإشاعات والتصريحات المسمومة والمتعالية الصادرة عن الخصوم «الكرويين «وغيرهم ، الظاهرين منهم والمستترين ، والتي غايتها الكبرى تشتيت التركيز وزرع الفتنة وما يستتبعها من إحباط واستسلام واستصغار للقدرة الذاتية . أجواء سليمة كان لا بد أن تقود للحظات فرح استثنائية ، عاشها المغاربة قاطبة – داخل البلاد وخارجها – بعد طول اشتياق ، حيث سجلت أجواء حماسية صادقة، ارتفعت خلالها الهتافات والزغاريد والأهازيج المؤشرة على ثراء التراث الوطني الضارب في أعماق التاريخ ، موحدة كل جهات البلاد ، بمدنها وقراها ، جبالها وسهولها ، وذلك موازاة مع فرحة أخرى ترقبها الجميع بلهفة كبيرة … ألا وهي فرحة التساقطات المطرية بعد طول جفاف وسنوات عجاف جعلت عبارة « الإنهاك المائي» تدخل «القاموس اللغوي الوطني». أجواء مميزة تقاسم خلالها الجميع لحظات سرور وفرح ستظل خالدة في الذاكرة الجمعية إلى الأبد ، لحظات اعتزاز بانتماء يعلو على باقي الإنتماءات ، ألا وهو الإنتماء لهذا الوطن العزيز ، لهذه الأرض الطيبة المعطاء… إنه انتصار – واستحضارا لعديد من المتغيرات التي يشهدها العالم – عنوانه الأكبر .. صدق الإلتفاف حول القميص الوطني والعلم المغربي. فشكرا يأيها الابطال الأشاوس على كل هذه «الهدايا « الغالية ، بعد أن جعلتم قلوبنا تخفق على نبض واحد.. قوامه موصول الفخر ب» تربة الاستثناء « ودوام التأهب لتحقيق الأفضل بكل جدارة واستحقاق .