توجه المواطن و المهندس المغربي «يونس معمر»، برسالة مؤثرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتاريخ 12 من شتنبر 2022، يناشده فيها بخصوص حادثة منع السيدة «هنو علالي معمر» من دخول الأراضي الفرنسية و محاولة طردها مع التهديد بشكل تعسفي، جاء فيها مايلي : «سيدي رئيس الجمهوريةالفرنسية،أتوجه إليكم بهذه الرسالة، لأن حساباتكم على الشبكات ا لاجتماعية تدعوني للقيام بذلك. شهدنا اليوم العودة القسرية و محاولة الطرد التعسفي لإمرأة مسنة تبلغ من العمر 80 عاما(الصورة)،تدعى ب»هنو علالي معمر»من قبل الشرطة الحدودية في»مونبلييه»، و التي و إن خفي عليكم (و على صاحب الفعل) تعتبر واحدة من أوائل الطبيبات في المملكة المغربية. عملت هذه المرأة، بمجرد أن أدت القسم الوظيفي،خلال فترة الستينات على العودة إلى المغرب مثل العديد من الشباب المغاربة في ذلك الوقت،المدفوعين بالشعورالمناضل الراغب في المساهمة في بناء بلدهم. إذ، التزمت بالاشتغال في الطب العام كما الحال في العمل الإجتماعي وحقوق الإنسان، و في المجال القريب من قلبها و هو تعليم الفتيات القرويات، إضافة إلى الأطفال ال 6 من صلبها، و 1000 أخريات تتكفل بهن مؤسسة»إيلي» (Illy)التي أنشأتها في عام 2005،أصبحن الآن شابات ونساء ينادونها جميعهن ب»أمي». لهذا، لا يسعني إلا أن أستنكر و بشدة، مآل امرأة مناضلة مثلها إلى هذا الحال، من كونها منعت من الدخول إلى الأراضي الفرنسية، فقط لأنها رأت (عن حسن نية، ولكون تأشيرتها لا تزال فعالة أو صالحة للسفر) أن وظيفتها وكثرة زياراتها للبلد، لن تحوجها بالضرورة لجلب «تأشيرة الإقامة» معها، كما جاء في حديثها مع العون المسؤول في المطار، وكان فيه رد المسؤول «مع غياب تأشيرة الإقامة، سيكون عليك العودة إلى بلدك». الأسوأ من ذلك هو ذروة العصيان،حيث تم الرد على هذه المرأة في هذا السن والقدر من المسؤولية، بطريقة مستفزة لا يقبلها أحد كان، إذ بادر المسؤول المعني الى تسريع إجراءات ترحيل السيدة هنو التي لم تر في تلك الوثيقة ضرورة لتكون برفقتها، لكونها لم تطلب منها أبدا خلال رحلاتها التي لاتعد ولاتحصى إلى فرنسا،إجراءات انتهت بسرعة بختم حرف «E» على جواز سفرها، و مهددة بركوب الطائرة الموالية في غضون 40 دقيقة، أوالإحتجاز … لم تستطع الطبيبة «هنو» إخفاء سعادتها بالسفر إلى»مونبلييه»، فقد كانت مسرورة لتمكنها من رؤية مباني»كلية الطب»حيث درست بعد حصولها على شهادة الماستر(الماجستير)، كما كانت تخطط أيضا لزيارة جميع معالم مدينة مونبلييه التي شهدت زمنا قضته فيها من العمل والالتزام، غير أنها كانت خائفة من عدم التعرف على بعض منها بسبب إهمالها أو تغيير وظيفتها. كانت تخطط أيضا، لزيارة قبر والديها الروحيين في منطقة 'كليرمونت هيرولت»، و هما الطبيب»جرانييه»وزوجته»سيسيل»، اللذين ساهما في إزهار شبابها بكل الحب المتبادل الذي كان يزرعه كلاهما فيها، ولم يضعفه بعد المسافة ولا تغير أحوال الحياة بأي حال كان، بادئة برحلة نظمها طلاب مسيحيون فرنسيون شبان إلى المغرب في عام 1960، للقاء»ماري جرانييه»(لترقد روحها بسلام)،الكبرى من بين «الإخوة والأخوات السبعةالفرنسيين» لوالدتي، دون أن تدري أنها لن تعودأبدًا، بسبب وعد كاذب من بعض المسؤولين من الدوريات الفرنسية التابعة للحرس الجوي الفرنسي. كل ما ذكرته أعلاه، بطبيعة الحا ل يحمل بعدا ذاتيا، و لايمكن أن يكون خلاف ذلك، لأنني أفتخر بكوني ابن هذه المرأة المناضلة قبل أن تكون أمي. لكن عند التفحص الدقيق، أرى هذا الحادث المشين على انه موقف منهجي بشكل متزايد يحاول جعل المواطنين المغاربةرهينة لعبة ضغط تتجاوزهم بأبعاد لا يمكنهم حصرها. مما لاشك فيه،أن الإجراءات الإدارية في هذا الموقف اتبعت كما ينبغي، غير أن الكثيرين قد أكدوا لي عكس ذلك.. لكن المؤسف في كل ما جرى، حضور تلك الرغبة الجامحة (لدرجة التعسف) في تطبيق»فقرات دخيلة» لا تقوم إلا بتقييد القدرة الطبيعية البشرية على الحكم في المواقف. والأسوأ من ذلك،أن ترك المجال مفتوحا أمام حماسةجزئية لا توصف إلا بالسذاجة و الحمق ،يساهم في انهيار بطيء غير أنه متواصل لقيم دولتكم في وجه زائريها، لا يستثني كذلك ما بنيناه من جسور تربطنا منذ زمن بعيد، لصد «جسور القلوب» بين مواطنينا. رسالتي هذه، تعكس ما يختلط في قلبي و وجداني من مشاعر التواضع و العار، التي حركتني لكتابة هذه الرسالة، و أجبرتني في بعض الاحيان على تفادي تكبير فقاعة هذه الحادثة أكثر و أكثر، حفاظا على كرامة الجميع و أواصر الترابط بين الشعبين. إلا أن ما وقع لهذه السيدة النبيلةوالمستقيمة مهنيا و وطنيتها، لا يوصف إلا بالعار الواقع على مسؤوليتكم محوه و إحكام القانون لرد حقها إليها، وكما يقول المثل الإنجليزي :»تواضعي مرة،عار عليك..أن تذلني مرة،عار علي». في ختام رسالتي هذه، و التي أراها رجاء و خطابا شخصيا لسيادتكم، أود أن أوضح أنني لم أكتبها لكي أمارس فعل الشكوى أو التنبيه، بل هي رسالة لتبيين بعض الخطورة المتزايدة في ما يتعلق بالمغتربين المغاربة في أرضكم، و ما يعترينا من حزن و نحن نحضر أو نستمع لقصص مشابهة، تزيد فينا تبدد المشاعر الطيبة في قلوبنا، وتحيلنا و مع تزايد هذه الأحداث، لتوديع تلك القيم النبيلة التي يحملها شعار دولتكم» يونس معمر