5 مركزيات نقابية تشعل النيران في وجه الحكومة وتهدد بالتصعيد مازال الارتفاع المتواصل لأسعار الوقود يؤجج غضب مهنيي قطاع النقل بالمغرب. ولأن هذا القطاع الحيوي العريض يتسم وطنيا بتعدد المتدخلين، ويضم خليطا غير متجانس من الفاعلين، فإن الحكومة أصبحت معه أشبه بإطفائي مرتبك لا يلبت أن يخمد الحريق في جهة، حتى تندلع النيران في جهات أخرى. وهكذا، لم تمض سوى أيام معدودة على تمكن الحكومة من إقناع مهنيي النقل الكبار التابعين للاتحاد العام لمقاولات المغرب، بالتراجع عن الزيادة التي قرروا فرضها على وسائل النقل بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، حتى قررت نسيقية نقابات قطاع النقل الطرقي بالمغرب بمختلف تلاوينها (نقل الركاب، نقل البضائع، سيارات الأجرة وعربات الإغاثة والجر..) خوض إضراب وطني لمدة 72 ساعة قابلة للتمديد، ابتداء من يومه الاثنين 7 مارس، وانتقدت هذه الهيئات المهنية التابعة لخمسة مركزيات نقابية (الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الاتحاد المغربي للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب و الفدرالية الديمقراطية للشغل) ما اعتبرته «تجاهل السلطات الحكومية للدعوات الموجهة إليها من أجل الجلوس لطاولة الحوار، بهدف معالجة المشاكل التي يتخبط فيها المهنيون جراء الارتفاع المهول لأسعار المحروقات، وتأثيرها المباشر على التوازنات المالية لهم، مما أدى بالعديد منهم إلى إشهار الإفلاس». وفي تصريح لصحيفة «الاتحاد الاشتراكي» اعتبر محمد متقي، عن النقابة الوطنية الديمقراطية لقطاع سيارات الأجرة، المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل، أن الحكومة، بجلوسها مع الباطرونا وتجاهلها لباقي الفاعلين في القطاع تتمادى في تأجيج غضب الآلاف من مهنيي القطاع الذي يؤمنون نشاطا واسعا وحيويا من قطاع النقل الطرقي للبضائع ونقل الركاب داخل الحواضر وبين مدن المملكة، والذي تتوقف على نشاطهم دينامية الاقتصاد الوطني» وأوضح متقي أن الحكومة لديها ما يكفي من الهوامش لتخفيض كلفة النقل بالنسبة لهذه الفئة من مهنيي النقل، خصوصا و أن هناك مبالغة في حجم الضرائب المفروضة على المحروقات، أزيد من 3 دراهم في اللتر الواحد من الغازوال تبتلعها الضريبة على القيمة المضافة TVA والرسم الداخلي على الاستهلاك TIC وحول فرص نجاح هذا الإضراب الوطني الذي يسري مفعولة بداية من اليوم الإثنين، قال محمد متقي إن التقارير المؤقتة لقطاع سيارات الأجرة تتحدث عن تجاوب واسع مع قرار الاضراب من عدة مدن على رأسها طنجة، تطوان، فاس، الرباط وسلا، مراكش والجديدة حيث تشير التوقعات إلى إمكانية شلل تام بهذه المدن التي قد تصل نسبة الاستجابة بها إلى 100% وذلك بفضل دخول وتوقيع جميع النقابات المتواجدة بهذه المدن المشاركة في الإضراب في انتظار الجهة الشرقية وباقي المدن التي ينتظر أن تكون المشاركة في الاضراب بها نسبية لابأس بها. من جهته وفي تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي»، أكد عبد الإله حفظي، رئيس جامعة النقل واللوجستيك، التي قررت عدم الدخول في التصعيد، أن إشكالية قطاع النقل الطرقي بالمغرب ليست إشكالية ظرفية تتعلق بتقلب أسعار المحروقات، وإنما هي إشكالية هيكلية جد معقدة تتداخل فيها العديد من الإكراهات، وقال حفظي إن جامعة النقل واللوجستيك، التي تراجعت عن خطواتها التصعيدية، بعد اجتماعات مسؤولة و مثمرة مع الحكومة، ملتزمة باستكمال المفاوضات الهادئة مع الدولة من أجل التوصل إلى حلول شمولية من شأنها إنهاء الفوضى التي تعم القطاع، وذلك عبر آليات و ميكانيزمات واضحة، ومتعارف عليها دوليا لإعادة تنظيم القطاع ككل، وإحداث جهاز على الصعيد الوطني يوطرة جميع أنشطة النقل بمختلف أنواعه كما هو معمول به في الدول المتقدمة كفرنسا مثلا التي تتوفر على (اللجنة الوطنية الطرقية المعروفة اختصارا ب CNR) والتي يوكل إليها بمعالجة جميع المسائل التنظيمية للقطاع. ولمواجهة إشكالية ارتفاع أسعار المحروقات وانعكاسها على كلفة النقل، أوضح حفظي أن تقلب أسعار المحروقات يقتضي التوفر على آليات قانونية تمكن الحكومة من التدخل من أجل إعادة النظر في تعريفة النقل عبر نظام المقايسة «Indexation « مع أسعار الغازوال، كما هو معمول به في العديد من الدول، (فرنسا قانون 5 يناير 2006) ما يجعلها مرنة وتأخذ في الاعتبار تقلب أسعار المحروقات.. كما يطالب المهنيون بضرورة إعادة النظر في آجال الأداء التي أصبحت تخنق الشركات العاملة في القطاع، وإذا لم تدفعها نحو الإفلاس، فإنها تدفعها حتما نحو الخروج إلى القطاع غير المهيكل..