مرت يومي الثلاثاء والأربعاء1و 2 فبراير 2022 الامتحانات المحلية الموحدة على صعيد المؤسسات التعليمية بالسادسة إبتدائي والثالثة إعدادي. ودخل تلاميذ الأولى إعدادي والسادسة ابتدائي غمار الامتحان الموحد في ظل جائحة كورونا التي تتسبب كل يوم في إغلاق مدارس وتعطيل التلاميذ عن متابعة دروسهم، علما أن تلاميذ السنة السادسة لسنة 2022 كانوا خلال بداية الجائحة منذ سنتين يدرسون بالمستوى الرابع ابتدائي، ومع ما أفرزته ظروف الجائحة من ارتباك وتوقيف للدراسة وإغلاق للمدارس واعتماد إجراءات احترازية التي كان من بينها الاعتماد على التعليم عن بعد بدل الحضوري إلا أن هذا النمط من التعليم، الذي اتخذت الوزارة المعنية قرار العمل به، يوم الاثنين 16مارس من سنة 2020 ، بجميع الفصول والأقسام في محاولة للحد من تفشي فيروس كورونا وانتشاره بين التلاميذ، ورغم أنه كان إجراء لا بد منه في إطار الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها بلادنا آنذاك للحيلولة دون تسجيل أرقام كبيرة من ضحايا جائحة كوفيد19 إلا أنه تسبب في عدة مشاكل وصعوبات للتلاميذ خصوصا بالقرى والجبال الذين لا تصلهم التغطية بشبكة الأنترنيت، دون الحديث عن التلاميذ الذين لا يتوفرون على أجهزة ذكية تساعدهم في تتبع الدروس عن بعد، بسبب الفقر والحاجة، هو ما أثر سلبا على مستوى تحصيلهم واستيعابهم حيث لوحظ تراجع كبير في مستوى هؤلاء خصوصا في القراءة والرياضيات، ولا يستغرب المرء اليوم إن صادف تلميذا يدرس في المستوى السادس ابتدائي لا يستطيع القراءة، خصوصا بتلك المناطق النائية التي انقطع تلامذتها بشكل فعلي عن الدراسة طوال فترة الحجر، وهذا ما أكدته أرقام المندوبية السامية للتخطيط التي كشفت في دراسة سبق نشرها أن 83.5% من التلاميذ المغاربة لم يتابعوا الدروس عن بعد (79.1% منهم في الوسط الحضري و94.6% في الوسط القروي) خلال فترة الحجر الصحي، الذي فرضته الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19. الوسط القروي الذي يعاني أصلا من مشاكل لا حصر لها مرتبطة ببعد المدارس عن الدواوير والقرى حيث يضطر تلاميذ صغار إلى قطع مسافات كبيرة تصل كيلومترات عديدة وسط ظروف مناخية صعبة تدفع الكثير منهم الى مغادرة الدراسة نهائيا، خصوصا في صفوف الفتيات، لكن تأتي جائحة كوفيد لتفاقم وضعهم وتكرس الفوارق المجالية والاجتماعية التي هم أول ضحاياها. العزلة المجالية والاجتماعية انضافت لها إذن العزلة الرقمية التي زادت من ابتعاد التلاميذ في زمن الجائحة عن المدرسة خصوصا خلال السنتين الفارطتين ببعض المناطق الجبلية وفي أقاليم عديدة التي يضطر تلامذتها للانتقال مسافات بعيدة بحثا عن ربط مؤقت بالشبكة. إغلاق المدارس الذي عرفته بلادنا بشكل كلي إبان فترة الحجر الصحي لا يزال مستمرا الموسم الدراسي الحالي، ولو بشكل جزئي، مما زاد من تفاقم وضع عدد من التلاميذ وأثر على درجة تحصيلهم واستعدادهم، ففي آخر نشرة لوزارة التربية الوطنية كشفت أن كوفيد 19أغلق 159 مؤسسة تعليمية بالمملكة خلال الفترة من 24 إلى 29 يناير2022. وكشفت الوزارة في نشرتها الأسبوعية لتتبع الحالة الوبائية بالمؤسسات التعليمية عبر صفحتها الرسمية بموقع الفيسبوك أن 389 فصلا تعليميا أغلقت خلال هذه الفترة إلى جانب إغلاق 14 مؤسسة تعليمية تابعة للبعثات الأجنبية، وحسب الوزارة فإن جهة طنجةتطوانالحسيمة تصدرت ترتيب الجهات بمجموع 795 حالة مؤكدة و 22 مؤسسة تعليمية مغلقة. ويقضي البروتوكول المعتمد من طرف الوزارة بإغلاق القسم واعتماد التعليم عن بعد لمدة سبعة أيام عند تسجيل ثلاث إصابات أو أكثر بنفس القسم الدراسي، خلال أسبوع، وفي حال تسجيل عشر إصابات أو أكثر بفصول دراسية مختلفة على مستوى المؤسسة يتخذ قرار إغلاق المؤسسة واعتماد التعليم عن بعد لمدة سبعة أيام. لكن هذا البرتوكول لم يشر إلى الحلول التي يمكن اعتمادها حين إصابة الأستاذ بفيروس كورونا وكيف سيتم التعليم عن بعد بالنسبة للتلاميذ الذين يتابعون دراستهم عند الأستاذ المصاب علما أن أقساما دراسية تم إغلاقها وتعطل التلاميذ كرها دون أن يستفيدوا من أي دروس خلال فترة مرض الأستاذ أو الأستاذين معا في نفس الوقت. وهناك أمثلة كثيرة على ذلك لا يسع المجال لذكرها. والتساؤل المطروح كيف لتلاميذ عانوا لسنتين أو أكثر من تبعات الجائحة والإغلاق وعدم انتظام الدروس أن يمتحنوا في مواد صعبة ودروس كثيرة كدروس الجغرافيا والرياضيات والفرنسية وغيرها ؟ وكيف سيتم امتحان التلاميذ المغلقة أقسامهم أو مدارسهم إبان فترة الامتحانات؟ خلال الامتحان الذي أعلنت الوزارة لوسائل الإعلام أنه مر في احترام تام للتدابير الاحترازية وأن تدبير عملية اجتياز امتحانات الموحد للسنة السادسة تم حسب خصوصية كل مديرية ومؤسسة تعليمية أكد تلاميذ من عين المكان أنهم وجدوا صعوبة في الإجابة عن الأسئلة فيما صرح آخرون أن الغش كان سيد الميدان، رغم الحراسة المضروبة، بل يتم في بعض الحالات مساعدة التلاميذ على الغش وتزويدهم بالإجابات الصحيحة في غفلة عن كل الاحترازات وفي ضرب سافر لمصداقية هذا الامتحان الإشهادي. ونتساءل مع المتسائلين ما الجدوى من الامتحان وحالة الاستنفار التي تعرفها الأسر والتلاميذ وليالي السهر والضغط النفسي والمعنوي والإجراءات الاحترازية وكل المجهودات المبذولة من طرف كل المسؤولين لكي تمر الامتحانات في أحسن الظروف، وهي المجهودات التي لا يمكن لنا إلا الإشادة بها، ما جدوى كل ذلك إذا كنا سنضع ورقة الأسئلة فوق طاولة التلميذ ونكتب الأجوبة على سبورة القسم الدراسي لينقلها الممتحنون؟ وأين هو مبدأ تكافؤ الفرص بينهم؟