فرضت الحالة الوبائية على الأجندة التعليمية في المغرب الكثير من التدابير الاستثنائية لمواجهة جائحة يحاول العالم الخروج من نيرها تدريجيا. ومن بين أهم هذه التدابير كان خيار التعليم عن بعد، بما له وما عليه، و منح الضوء الأخضر للأساتذة ومجالس الأقسام في حسم مسألة انتقال تلاميذ جل المستويات إلى المستويات الموالية وتعبئة إمكانيات مهمة لإنجاح دورة يوليوز في الباكالوريا الوطنية، وسط مخاوف أولياء التلاميذ، حول إمكانيات الهدر المفترضة في هذا التأجيل. ورافق التوقف الحضوري عن الدروس، جدل واسع رافق نقاشات أوساط آباء وأولياء تلاميذ المدارس الخاصة حول تعاطي هذه المؤسسات مع جائحة كورونا، وتحديدا حول مطالب استيفاء الواجبات الشهرية. كلها محاور يجيبنا عنها وزير التربية والتعليم سعيد أمزازي في الحوار التالي. أحداث. أنفو : فرضت الحالة الوبائية تغييرات كثيرة على الأجندة التعليمية في مختلف الأسلاك، لدرجة اصبح معها شهر شتنبر المقبل حافلا بمواعيد الامتحانات والعودة للأقسام، مع ما يتطلبه ذلك من خلخلة لميزانية الوزارة بخصوص الدخول الدراسي 2020 – 2021، وما يفرضه من ضرورة مواكبة النسق البيداغوجي بين المستويات التعليمية. هل وضعت الوزارة تصورا دقيقا لمواكبة طرق تدبير هذين التحديين؟ سعيد أمزازي : صحيح أن الجائحة أثرت على الأجندة التعليمية وعلى أولويات الوزارة، وقد ارتكزت انشغالات الوزارة بالأساس منذ ظهور الحالات الأولى للإصابة على حماية صحة المتعلمين والمتعلمات والأطر التربوية والإدارية وبعد ذلك على وضع خطة وطنية لضمان الاستمرارية البيداغوجية من خلال تعويض التعليم الحضوري بالتعليم عن بعد على إثر تعليق الدراسة الحضورية، انطلاقا من يوم الاثنين 16 مارس 2020، بجميع المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ومدراس البعثات والجامعات وكذا مؤسسات التكوين المهني وتكوين الأطر. كما وضعت الوزارة خطة متكاملة من أجل ضمان الاستمرارية الإدارية ومواصلة توفير الخدمة العمومية والحرص على استمرارية المرفق العام مع احترام تام لتوجيهات السلطات الصحية وقطاع اصلاح الإدارة العمومية. أما بخصوص التغييرات التي طرأت على أجندة المحطات الأخيرة من الموسم الدراسي الحالي وتلك المتعلقة بالدخول المدرسي المقبل، فإن الوزارة منذ الوهلة الأولى عملت على وضع عدة سيناريوهات لتدبير هذه المحطات استنادا على جميع الفرضيات والتي يظل أهمها تطور الوضعية الوبائية ببلادنا، كما أنها، في إطار المقاربة التشاركية التي تنهجها، أطلقت مشاورات واسعة مع جميع الفاعلين في مجال التربية والتكوين والبحث العلمي والجهات المعنية من أجل استقراء آرائهم واقتراحاتهم بهذا الخصوص. وفي هذ الصدد، وفيما يخص الجانب التربوي، فقد أعدت الوزارة برمجة جديدة لجميع العمليات المتعلقة بإنهاء السنة الدراسية بالنسبة لمختلف الأسلاك والمستويات الدراسية وقد أعلنت رسميا عن هذه البرمجة، كما حددت منتصف شهر يونيو المقبل من أجل الشروع في الإعداد للموسم الدراسي المقبل والذي سينطلق في 2 شتنبر 2020 بالنسبة للتعليم المدرسي وفي شهر أكتوبر بالنسبة للتعليم الجامعي والتكوين المهني نظرا لكون شهر شتنبر سيعرف تنظيم الامتحانات. كما ينبغي الإشارة إلى أن العديد من العمليات المتعلقة بالتحضير للموسم الدراسي 2020-2021 كانت قد تمت بالنسبة لقطاع التربية الوطنية خلال الأشهر الماضية حيث انطلق تكوين فوج جديد من الأساتذة أطر الأكاديميات خلال شهردجنبر 2019 ومن المفتشين وأطر التوجيه والتخطيط في شهر شتنبر 2019 وسيتوصلون بتعييناتهم في بداية شهر غشت 2020 بعد اجتياز بنجاح الامتحانات النهائية الخاصة بهم، إلى ذلك، تم تنظيم الحركات الانتقالية الخاصة بالأساتذة خلال شهر نونبر 2019 وسيتم تنظيم الحركات الانتقالية المتعلقة بباقي الفئات ما بين 12 يونيو و15 يوليوز 2020. أما فيما يتعلق بالجانب الميزانياتي، فإن الوزارة ، تفعيلا لمنشور السيد رئيس الحكومة الصادر في 14 أبريل الماضي المتعلق بالتدبير الأمثل للالتزام بنفقات الدولة والمؤسسات العمومية خلال فترة الطوارئ الصحية، قامت على غرار جميع القطاعات بإعادة النظر في الأولويات وتوجيه الموارد نحو النفقات التي يفرضها تدبير الأزمة الصحية، وكذا مواصلة تنزيل المشاريع ذات الأولوية التي أطلقتها الوزارة في إطار تفعيل برنامج العمل الملتزم به أمام صاحب الجلالة نصره الله في شتنبر 2018 وكذا القانون الإطار للتربية والتكوين، وهنا ينبغي التذكير بأن أكثر من 89% من ميزانية الوزارة تدبر على مستوى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على شكل إعانة تخول لهم من طرف الدولة من خلال الوزارة. كذلك، لا بد من الإشارة إلى أن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة منكبة على إعداد مشروع قانون مالية تعديلي، يراعي التغيرات التي طرأت على الفرضيات التي بنت عليها الحكومة قانون المالية لسنة 2020 ويأخذ بعين الاعتبار تأثير الأزمة على بعض المؤشرات كعجز الميزانية والدين العمومي، مع مراعاة المكانة التي تضطلع بها منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي في المسار التنموي لبلادنا وأخذا بعين الاعتبار خصوصياتها، حيث من المنتظر أن تستقبل أكثر من مليون تلميذ وطالب ومتدرب جديد في الدخول المدرسي المقبل. أحداث. أنفو : عبرتم عن ارتياحكم لعملية التعليم عن بعد التي أصبحت الوسيلة التربوية الأنسب في زمن الجائحة، حيث عبرتم في مجلس النواب عن تفكير بمأسستها مستقبلا. هل ترون أنه من الممكن أن يصبح التعليم عن بعد بديلا للتعليم التقليدي في مغرب ما بعد كورونا ؟ سعيد أمزازي : مع تسارع وثيرة الثورة الرقمية في معظم بلدان العالم، أصبح"التعليم عن بعد"يكتسي أهمية قصوى في الرفع من قدرات الأفراد وردم الهوة التعليمية والمعرفية وكذا التكنولوجية، غير أنه لا يمكن مطلقا أن يعوض التعليم الحضوري، بل يظل مكملا له كما نصت على ذلك المادة 33 من القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. كما نصت هذه المادة أيضا على مجموعة من المقتضيات التي تهدف إلى تعزيز انخراط بلادنا في هذه الثورة الرقمية من قبيل تعزيز إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها وإحداث مختبرات للابتكار وإنتاج الموارد الرقمية وتنويع أساليب التكوين والدعم الموازية للتربية المدرسية والمساعدة لها وكذا تنميةوتطوير التعلم عن بعد وإدماج التعليم الإلكتروني تدريجيا في أفق تعميمه. ومن هذا المنطلق، سيضطلع التعليم عن بعد مستقبلا بدور محوري في مجالات تثبيت المكتسبات والدعم التربوي وتكوين الأساتذة ومواكبتهم خاصة خلال السنوات الأولى لمزاولة مهامهم وكذا تقوية قدرات الأطر التربوية والإدارية من خلال التكوين المستمر. وينبغي التأكيد على أنهذه العملية لم تنطلق من فراغ، فالوزارة تتوفر على تجربة وخبرة هامة في مجال إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وذلك من خلال برنامج "جيني" والذي انطلق سنة 2006 ومكن من تجهيز 87% من المؤسسات التعليمية بالتجهيزات المتعددة الوسائط الأساسية، وربط 86% من المؤسسات التعليمية م بالإنترنيت، وكذا تكوين 266 ألف إطار تربوي من بينهم 252 ألف أستاذ(ة)، إلى ذلك تم إحداث 148 مركز تكوين GENIE بجميع الأكاديميات، والمديريات الإقليمية والمراكز الجهوية للتربية والتكوين (CRMEF) بالإضافة إلى إحداث المركز المغربي الكوري للتكوين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم CMCF-TICE، كل ذلك بغلاف مالي إجمالي بلغ مليار درهم. ورغم هذه المجهودات المبذولة، فإن إشكالية تكافؤ الفرص بين المجالين الحضري والقروي وبين الأسر في الولوجلتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، سواء تعلق الأمر بالتوفر على التجهيزات اللازمة (الحواسيب أو اللوحات الإلكترونية أو الهواتف الذكية) أو الربط بشبكة الأنترنيت، لازالت تشكل عائقا حقيقيا أمام إدماج هذه الأخيرة بشكل كلي في منظومتنا التربوية. وقد وقفنا خلال هذه الظرفية الاستثنائية على عدة مبادرات أطلقتها السلطات المحلية ومجالس منتخبة ومؤسسات عمومية وخاصة شريكة وجمعيات من المجتمع المدني من أجل توفير لوحات إلكترونية للتلميذات والتلاميذ المتواجدين في مناطق نائية أو ذات خصاص، كما عملت الوزارة مؤخرا بشراكة مع جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية وبتعاون معوزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي والوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات (ANRT) وشركات الاتصالات الثلاثة "اتصالات المغرب" (Maroc Telecom)و"أورنج" (Orange)و"إنوي" (INWI) على وضع منظومة معلوماتية تمكن التلميذات والتلاميذ من تحميل الموارد الرقمية بدون ضرورة التوفر على رصيد "أنترنيت" بالنسبةلمنصة التعليم عن بعد « TelmidTICE » ، وذلك بعد أن تم في وقت سابق منح الولوج المجاني إلى جميع المواقع والمنصات المتعلقة ب"التعليمأو التكوين عن بعد" الموضوعة من طرف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي رهن إشارة التلاميذ والطلبة والمتدربين. وهذه مناسبة سانحة لتوجيه عبارات الشكر والامتنان لجميع شركاء الوزارة الذين قاموا بمبادرات مواطنة في هذا الصدد، لكن لا بد من تكثيف الجهود من أجل مواجهة الإشكاليات المطروحة أمام ضمان تكافؤ الفرص لجميع المتعلمات والمتعلمين حتى يصبح التعليم عن بعد مكملا للتعليم الحضوري أو بديلا له في بعض الوضعيات الاستثنائية كالتي نعيشها اليوم،لاسيما وفرضية ضرورة التعايش مع هذا الفيروس في الأشهر القليلة المقبلة لاتزال مطروحة.
أحداث.أنفو : حملت شكايات تلاميذ وأولياء أمور ملاحظات حول نقص تكوين بعض الأطر التعليمية في التعامل مع العالم الرقمي ما ضيع على العديد من التلاميذ فرصة متابعة الدروس بشكل مناسب. هل لدى الوزارة، في حالة مأسسة التعليم عن بعد، أي تصور لتطوير مهارات الأطر التعليمية في المحتوى الرقمي عموما ؟ سعيد أمزازي : نحن واعون أن إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم والتعلم،والذي يشكل إحدى أولويات الوزارة،لا يمكن أن يتحقق على الوجه الأمثل إلا بتقوية قدرات الأطر التربوية وخاصة الأساتذة. وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، فبفضل برنامج "جيني" استفاد عدد هام من الأطر التربوية من تداريب وتكوينات إشهادية مكثفة في هذاالمجال، سواء حضوريا أو عن بعد. كما أن جميع الأساتذة وأطر الإدارة التربوية يتلقون خلال تكوينهم الأساسي مصوغة في مجال إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم. إلى ذلك، أظهرت هذه الجائحةبما لا يدع مجالا للشك أننا نتوفر على كفاءات وطنية عالية في مجال استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم، تجلى ذلك في قيام الأساتذة بإنتاج مضامين رقمية متميزة حيث تجاوز عدد الموارد المنجزة إلى حدود اليوم أكثر من 6500 مورد رقمي، وهو إنجاز غير مسبوق لم يتم تحقيقه خلال العشر سنوات الأخيرة، وكذا خلق أقسام افتراضية تتيح إمكانية إشراك التلاميذ في العملية التعليمية التعلمية، عبر الخدمة التشاركية «Teams » المدمجة في منظومة مسار، حيث ناهزت نسبة تغطية مجموع الأقسام الافتراضية المحدثة على مستوى التعليم العمومي 96 %، فيما وصلت بالتعليم الخصوصي إلى71%، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على القدرات المهمة التي يتوفر عليها الأساتذة من أجل التأقلم مع هذا المستجد، علما بأن عدة مديريات إقليمية وأكاديميات جهوية عملت على تنظيم دورات تكوينية وتأطيرية عن بعد لفائدتهم بخصوص هذه الخدمة. كما عمل الأساتذة على إطلاق عدة مبادرات فردية من أجل التواصل المباشر مع تلامذتهم عن بعد من خلال استعمال مواقع التواصل الاجتماعي. هذه النتائج جد إيجابية ولكنها بالنسبة لنا تظل غير كافية، لذا سنعمل على تكثيف الجهود في مجال الرفع من قدرات الأطر التربوية في هذا المجال من خلال تعزيز مكانة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات سواء في التكوين الأساس أو التكوين المستمر لجميع الأطر التربوية والإدارية، وذلك في إطار تنزيل مقتضيات القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي والذي ينص في المادة 39 على ضرورة مراجعة برامج ومناهج التكوين الأساسي لفائدة الأطر العاملة بمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ومستوياتها بغية تكييف أنظمة التكوين مع المستجدات التربوية والبيداغوجية والعلمية والتكنولوجية. كما تنص هذه المادة على ضرورة وضع برامج سنوية للتكوين المستمر تهم جميع الأطر التربوية والإدارية على أن يتم جعل هذا التكوين إلزاميا وضمن مكونات تقييم الأداء والترقي المهني. وفي هذا المجال، عملت الوزارة على صياغة استراتيجية وطنية للتكوين المستمر سيتم الإعلان عن تفاصيلها في غضون الأشهر المقبلة. أحداث. أنفو : ارتباطا بالتعليم عن بعد دائما، جاء في دراسة المندوبية السامية للتخطيط حول التداعيات التربوية للحجر على الأسر المغربية أنه بالنسبة للأسلاك الثلاث الأولى من التعليم العام، فإن 7 أسر من بين 10 راضون بشكل متوسط أو غير راضين على الإطلاق عن القناة المستخدمة لمتابعة الدروس عن بعد. هل تعبر أرقام المندوبية على المشاكل التي اعترت هذه التجربة؟ سعيد أمزازي : بداية لا بد من الإشارة إلى أن تجربة "التعليم عن بعد" تجربة غير مسبوقة في بلادنا، وكانت هي الحل الأمثل والوحيد لضمان الاستمرارية البيداغوجية في ظل تعليق الدراسة الحضورية وكذا في ظل تدابير الحجر الصحي التي اتخذتها بلادنا. بطبيعة الحال يمكن أن تكون هذه التجربة محط ملاحظات أو انتقادات، ونحن على أتم الوعي بالإكراهات والصعوبات التي واجهتها خصوصا بسبب التفاوتات الحاصلة في توفر التلاميذ والأسر على الحواسيب أو الربط بالأنترنيت خاصة في المجال القروي أو التفاوتات المتعلقة بقدرة الأمهات والآباء على تأطير بناتهم وأبنائهم مع الإشارة إلى أن عدم تكافؤ الفرص بين المتعلمات والمتعلمين عند اعتماد هذ النمط من التعليم ليس مقتصرا على بلادنا وهو إشكالية مطروحة على مستوى عدة دول تتوفر على إمكانياتاقتصاديةوتكنولوجية تفوق بكثير تلك التي نتوفر عليها. لكن تظل هذه التجربة جد إيجابية وخطوة محفزة في مسار تطوير منظومتنا التربوية والارتقاء بها. وبالرجوع إلى الدراسة التي قامت بهذا المندوبية السامية للتخطيط، فأود أولا التنويه بهذه المبادرة التي أطلعتنا على بعض الجوانب المتعلقة بتأثير فيروس كورونا على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي للأسر بشكل عام وعلى آراء الأسر بخصوص عملية "التعليم عن بعد"، لكن تنبغي الإشارة إلى أن هذه الدارسة همت فقط 2350 أسرة وبالتالي فلا يمكن تعميم نتائجها إذا علمنا بأن المنظومة التربوية تهم حوالي 10 ملايين أسرة مغربية، إضافة إلى ذلك لا بد من مقارنة نتائجها مع النتائج المحصلة في إطار تقييمات ودراسات أخرى قبل إصدار الاستنتاجات النهائية. وفي هذ الإطار، فقد أطلقت الوزارة "استطلاعات رأي" موسعة للتعرف على أراء المتعلمين والأسر والأطر التربوية بخصوص تجربة "التعليم عن بعد". كما أن المفتشية العامة للشؤون التربوية التابعة للوزارة بصدد انجاز تقييم شامل ودقيق للتجربة. وبناء على هاتين الآليتين المتكاملتين ستتضح لنا بشكل دقيق نقط الضعف أو الثغرات المحتملة من أجل تجاوزها مستقبلا وكذا نقط القوة التي ينبغي تثمينها وترصيدها. وهنا لابد من الإشادة والتنويه بالمجهودات الاستثنائية والانخراط اللامشروط الذي أبانت عنه كافة الأطر التربوية والإدارية مركزيا وجهويا وإقليميا ومحليا من أجل رفع تحدي إعطاء انطلاقة هذه العملية مباشرة بعد تعليق الدراسة ومواصلتها إلى حدود اليوم بروح مسؤولية عالية وتفان منقطع النظير.
أحداث.أنفو : منحتم الضوء الأخضر للأساتذة ومجالس الأقسام في حسم مسألة انتقال تلاميذ جل المستويات إلى المستويات الموالية باستثناء السنة الثانية للباكالوريا. ألن يؤثر المرور من قسم لآخر على مستوى التلاميذ خلال السنوات المقبلة، خصوصا من لا تتاح لهم فرصة الاستفادة من التعليم عن بعد لأسباب تقنية ومادية ؟ سعيد أمزازي :أولا، منذ بداية الجائحة، حرصنا على ضمان الاستمرارية البيداغوجية لفائدة 10 ملايين تلميذ وطالب ومتدرب وفي احترام تام للتدرج البيداغوجي المقرر في التعليم الحضوري ومواصلة المتعلمين التحصيل عن بعد في أحسن الظروف وهو الرهان الذي نجحنا فيه بشكل كبير بفضل التزام المتعلمين والأسر و انخراط الأطر التربوية. ثانيا، لا بد من الإشارة إلى المبادرة التي قامت بها الوزارة بتعاون مع الناشرين والتي تتجلى في توزيع كراسات للمراجعة والدعم والتعلم الذاتي في مواد اللغة العربية والرياضيات واللغة الفرنسية، بشكل مجاني، على مليون تلميذ يتابعون دراستهم بالسلك الابتدائي بالمناطق النائية بالوسط القروي والمناطق ذات الخصاص بجميع أنحاء بلادنا. ثالثا، وضمانا لتكافؤ الفرص ومن أجل تجاوز كل نقص محتمل في مكتسبات التلاميذ، ستخصص الوزارة شهر شتنبر المقبل للاستدراك والدعم التربوي الحضوري، كما أن الوزارة تشتغل على مشروع طموح يهدف إلى مأسسة الدعم التربوي من خلال إرساء آليات لمواكبة التلاميذ الذين يعانون من تعثرات دراسية طيلة السنة الدراسية عبر أنشطة للدعم والاستدراك. كل هذه الإجراءات تهدف إلى تمكين التلاميذ من مواصلة التحصيل الدراسي واكتساب الكفايات والمهارات اللازمة لمتابعة دراستهم السنة المقبلة في أحسن الظروف. أما بخصوص السنة الدراسية الحالية، فقد تقرر بالنسبة لجميع المستويات الدراسية باستثناء السنة الثانية بكالوريا، احتساب نقط فروض المراقبة المستمرة والامتحانات المحلية بالنسبة للسنة السادسة ابتدائي والسنة الثالثة إعدادي بشكل حصري من أجل اتخاذ قرارات نهاية السنة. وهنا ينبغي التذكير بأن الموسم الدراسي الحالي كان قد انطلق في 5 شتنبر 2019 ومنذ هذا التاريخ وإلى غاية 14 مارس الماضي، تم إنجاز ما بين 70 إلى 75 % من المقررات الدراسية، وهو ما يسمح للأساتذة بالتوفر على المعطيات الكافية لتقييم مؤهلات وقدرات كل تلميذ حيث أن السلطة البيداغوجية، كما هو معمول به في الظروف العادية، ممنوحة للأساتذة ولمجالس الأقسام في إقرار نجاح أو رسوب أي تلميذ. لكن بطبيعة الحال، ونظرا للظروف الاستثنائية التي مرت بها المنظومة التربوية و إعمالا لمبدأ تكافؤ الفرص فليس لدي أدنى شك فيأن هذه المجالس سوف تتخذ القرارات المناسبة والمنصفة لجميع التلاميذ. أحداث.أنفو : تعبئ وزارة التعليم إمكانيات مهمة لإنجاح دورة يوليوز في الباكالوريا الوطنية، من حيث التعقيم والحرص على مبدأ التباعد وتوفير فضاءات إضافية من خارج البنية التحتية التعليمية إذا اقتضى الأمر، لتحقيق هدف 10 متبارين في كل قسم. ماذا عن جديد باكالوريا هذه السنة الاستثنائية ؟ سعيد أمزازي : يتمثل أهم مستجد بالنسبة لامتحان البكالوريا – دورة 2020 في التعديل الذي طرأ على تواريخ اجراء الامتحانات والمضامين التي سيشملها الامتحان. إذ كما سبق الإعلان عن ذلك، سيتم اجراء الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد للسنة الثانية بكالوريا، وفق قطبين :قطب الآداب والعلوم الإنسانية والتعليم الأصيل يومي 3 و4 يوليوز2020 و القطب العلمي والتقني وكذا البكالوريا المهنية من 6 إلى 8 يوليوز. وضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص، سوف تقتصر مواضيع هذا الامتحان، حصريا، على الدروس التي تم إنجازها حضوريا قبل تعليق الدراسة أي في الفترة الممتدة من 5 شتنبر 2019 إلى 14 مارس 2020 وقد أصدرت الوزارة أطرا مرجعية تحدد بشكل دقيق الدروس التي سيشملها هذا الامتحان بالنسبة لجميع المواد التي سيمتحن فيها التلاميذ. كما أن اختبارات هذه السنة ستنظم في ظل الظرفية الاستثنائية التي تعيشها بلادنا والتي تتسم بمواصلة التقيد بتدابير الاحترازية للتصدي لجائحة كوفيد 19، مما يجعل من الحفاظ على سلامة المترشحات والمترشحين والأطر التربوية والإدارية وجميع المتدخلين الانشغال الأساسي للوزارة. وفي هذا الصدد، ستعمل الوزارة على التطبيق الأمثل للإجراءات الوقائية التي وضعتها السلطات الصحية في مختلف محطات التحضير لهذا الاستحقاق الوطني الهام، سواء أثناء عملية إعداد المواضيع أوطبعها واستنساخها وكذا أثناء إجراء الاختبارات بمراكز الامتحان ثم خلال إنجاز عملية التصحيح المداولات، خاصة التدابير المتعلقة بإجراء الفحوصات الطبية القبلية اللازمة وقياس درجة الحرارة لأعضاء اللجن الوطنية لامتحانات البكالوريا وأعضاء أطقم مراكز الطبع والاستنساخ الجهوية عند التحاقهم بالمراكز المذكورة وعند بداية كل يوم من أيام العمل واحترام مسافة التباعد الاجتماعي وتعقيم الفضاءات عدم مرات في اليوم وكذا أوراق التحرير والأظرفة وغيرها من الوثائق. كما سيكون الاشتغال لزوما في مجموعات صغيرة وفي فضاءات كافية ومعزولة، مع إجبارية وضع الكمامات والقفازات الوقائية إضافة إلى اعتماد فضاءات شاسعة خاصة المنشئات الرياضية كمراكز للإجراء الاختبارات على مستوى جميع الجهات. إلى ذلك، سيعاد النظر في ظروف الإيواء والإطعام بالنسبة للمكلفين بطبع واستنساخ المواضيع طيلة مدة تواجدهم بمراكز الاعتكاف وفق ما تتطلبه التدابير الوقائية من إجراءات. وعلى غرار السنوات الماضية، وبالإضافة إلى الإجراءات المذكورة سلفا، فستتم مواصلة ضمان مصداقية شهادة البكالوريا وكذا ضمان مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المترشحات والمترشحين، من خلال تكييف المواضيع وظروف الإجراء والتصحيح بالنسبة للمترشحين في وضعية إعاقة والحرص على التطبيق الصارم لمقتضيات قانون زجر الغش في الامتحانات المدرسية. أحداث.أنفو : اعتبارا للتواريخ الجديدة للامتحان الوطني الموحد للسنة الثانية بكالوريا تم إرجاء تنظيم جميع مباريات ولوج مؤسسات التعليم العالي إلى ما بعد الإعلان عن النتائج النهائية لامتحان البكالوريا، ما يخلق لدى آباء التلاميذ تخوفا حول إمكانية إدراك المؤسسات المستهدفة من طرف أبنائهم في الآجال المحددة. هل تتوقعون تنسيقا بين وزارتكم وهذه المؤسسات حول هذه النقطة تحديدا ؟ سعيد أمزازي : ينبغي الإشارة إلى أنه بفضل تجميع القطاعات الثلاث لأول مرة في تاريخ بلادنا : التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في نفس الوزارة أصبح التنسيق بين مختلف مكونات هذه القطاعات يتم بطريقة سلسلة كما أصبح أكثر فعالية ونجاعة. وفي هذا الإطار، فقد تم حسم هذا الأمر بشكل نهائي، حيث أنه اعتبارا للتواريخ الجديدة للامتحان الوطني الموحد للسنة الثانية بكالوريا، فقد تم إرجاء تنظيم جميع مباريات ولوج مؤسسات التعليم العالي إلى ما بعد الإعلان عن النتائج النهائية لامتحان البكالوريا. وهنا أود طمأنة جميع التلاميذ والأمهات والآباء أنه لن يكون لقرار تأجيل امتحان السنة الثانية بكالوريا أي تأثير على فرص بناتنا وأبنائنا في متابعة دراستهم الجامعية وفق مشروعهم الشخصي والإمكانيات المتاحة على مستوى مؤسسات التعليم العالي.
أحداث. أنفو :جدل واسع رافق نقاشات أوساط آباء وأولياء تلاميذ المدارس الخاصة حول تعاطي هذه المؤسسات مع جائحة كورونا، وتحديدا حول مطالب استيفاء الواجبات الشهرية، سواء كاملة أو منقوصة عبر اتفاق مسبق. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه الوزارة للتخفيف من هذا الاحتقان؟ سعيد أمزازي : بداية لابد من التأكيد على أن التعليم الخصوصي مكمل للتعليم العمومي حيث أن هذا القطاع يستقبل حوالي مليون تلميذة وتلميذ ويقدم خدمة عمومية على غرار القطاع العمومي. كما أن المعطيات التي توصلنا بها من المديريات الإقليمية تفيد بأن 96% من مؤسسات التعليم الخصوصي انخرطت بشكل فعلي في ضمان الاستمرارية البيداغوجية وذلك من خلال تقديم خدمة "التعليم عن بعد" سواء من خلال آليات خاصة بها أو من خلال الخدمة التشاركية « Teams » . أما بخصوص الإشكالية التي طرحتم، وكما سبق لي أن صرحت عدة مرات بذلك، فإن المادة 22 من القانون رقم 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم الخصوصي المدرسي، تمنح للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين فقذ سلطة المراقبة التربوية والإدارية لمؤسسات هذا القطاع وكذا التقويم المنتظم لمردوديتها. وترسيخا للمقاربة التشاركية والاستباقية التي دأبنا على نهجها في مواجهة جميع الأزمات، فقد استقبلت، خلال الأيام القليلة الماضية، كلا من رابطة التعليم الخاص بالمغرب والهيئات الممثلة لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ من أجل الانصات للطرفين وتقريب وجهات النظر بينهما، كما دعوت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية إلى لعب دور الوساطة من أجل إيجاد الحلول المناسبة لكل حالة أخذا بعين الاعتبار الوضعية المالية الصعبة التي تعيشها بعض الأسر وكذا بعض المؤسسات الخاصة وذلك وفق مع تقتضيها لمصلحة الفضلى للمتعلمات والمتعلمين. ومع صدور القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، فستعمل الحكومة،طبقا لمقتضيات المادة 14 من هذا القانون، بمراجعة نظام الترخيص والاعتماد والاعتراف بالشهادات ومنظومة المراقبة والتقييم المطبقة على مؤسسات التعليم الخصوصي وتحديد ومراجعة رسوم التسجيل والدراسة والتأمين والخدمات ذات الصلة بمؤسسات التربية والتعليم والتكوين الخاصة وفق معايير تحدد بمرسوم، وبالتالي ستمنح للأكاديميات الجهوي للتربية والتكوين صلاحيات جديدة فيما يخص مراقبة وتأطير ومواكبة مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي.