الذاكرة الاتحادية، التي يحافظ عليها الرواد والمؤسسون، لم يسبق أن عاش الاتحاديون والاتحاديات مؤتمرا هادئا، في أجواء من التوافق والأخوة الاتحادية السلسة، كما عاشوه مع المؤتمر الحادي عشر. سيحتفظ التاريخ الاتحادي به مثل علامة فارقة.. في صيرورة النضج التنظيمي والسياسي، المتوجه إلى ما هو أساسي في الحياة الحزبية، وما هو دائم، وثابت في الهوية النضالية لحزب القوات الشعبية. وقد كانت الفرص كلها متاحة من أجل نقاش عميق، وقوي، ينتج الأفكار، ويذهب إلى عمق الأسئلة التي تؤرق الوطن والمواطنين .. وتستوجب أجوبة ذكية، مبدعة جريئة وناجعة.. لقد انتهى المؤتمر الحادي عشر للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كما أراده الاتحاديون والاتحاديات عميقا.. ودبروا شؤونه برصانة، منذ انطلاق الإعداد والتحضير، مرورا بالنقاشات التي تمت على المستويين التنظيمي والسياسي، ومن خلال تحضير شروط لوجستيكية ناجعة ومناسبة، مع نتائج مبهرة في التسيير والتنظيم وتوفير شروط المؤتمر بصيغة جديدة… إن المستقبل هو الرهان، وهو يبدأ من الآن، في تنفيذ التعاقدات التي تمت بين المؤتمرين والقاعدة التي انتخبتهم، وبين المؤتمرين والمؤتمرات والقيادة الوطنية التي اختاروها، والقيادات الجهوية التي تمثلهم الآن. يحق للاتحاديات والاتحاديين أن يعتزوا بما أبدعوه من صيغ تنظيمية شاملة ومقدامة، تتجاوز الاختزالات التي أراد البعض أن يسجن فيها مجهودهم التنظيمي وإبداعهم الفكري في شق قنوات التواصل مع المجتمع ومع المتعاطفين ومع المناصرين لحزب القوات الشعبية. وقد أعطى الكاتب الأول الأخ إدريس لشكر التوجه الذي يجب أن تسير عليه الحياة الحزبية اليوم وغدا. حياة مبنية على التوجه نحو المستقبل، والحفاظ على الوحدة التي تحققت خلال المؤتمر، وتغذيتها بالنجاعة التنظيمية وتفعيل شعار المؤتمر كما صاغه الاتحاديون والاتحاديات : أي الوفاء، لكل القيم الاتحادية والالتزام بكل التعاقدات المعنوية والمادية، والانفتاح على مجتمع حي وعلى تجارب ناجحة، وعلى طاقات متعددة في كل فضاءات الوجود السوسيومهني والجيلي للشعب المغربي.. إنه برنامج متكامل من العمل، ومن التطوير ومن التجديد، مع الاستمرارية في الدفاع عن القيم المؤسسة والهوية الدينامية لحزب اشتراكي ديموقراطي، يجمع بين الأفق الحداثي والتجذر في التربة الوطنية.. وكما ورد في الكلمة الختامية للكاتب الأول الأخ إدريس لشكر »فلنكن استباقيين في جعل الاتحاد الاشتراكي في مقدمة معركة التحديث والتطوير. وليكن حزبنا استباقيا في التعاطي مع تحديات المرحلة المقبلة لتمكين بلادنا من كسب الرهانات الديمقراطية والتنموية المطروحة عليها. وذلك بالتوجه إلى المستقبل والحرص على استمرار هذه الوحدة وهذا الإنجاز الرائع لمؤتمر الإبداع والتحدي«. ومن نافل القول إن الاتحاد قد وضع سقفا سياسيا واضحا لطموحه، عندما شدد على أن التناوب السياسي الذي تتطلبه بلادنا لم يتحقق، وعلينا أن نوفر شروط تحقيقه، بالعمل الوحدوي المثمر… حيى على المستقبل !