من الواضح أن الموقف الذي عبر عنه المستشار لدى رئيس الجمهورية التونسي، وليد الحجام، بعد امتناع بلده عن التصويت على قرار مجلس الأمن، يوم الجمعة الأخير، يؤكد معطى ثابت في السياسة التي نهجتها تونس تجاه قضية الصحراء المغربية، وهو موقف متناقض، كشف عنه تصريح المستشار المذكور، بدون أي لبس. ففي الوقت الذي امتنعت فيه تونس عن التصويت، على القرار، عاد وليد الحجام ليرحب به من جديد، وهو الموقف الذي يكشف كيفية تعاطي السلطات التونسية مع هذا الملف، الذي تسميه "حيادا إيجابيا"، وهو في حقيقة الأمر ليس حيادا، بالمطلق. الامتناع عن التصويت على قرار مجلس الأمن، المذكور، جاء نتيجة ضغط من طرف الدولة الجزائرية، لأنها ترفض ما ورد فيه بخصوص المائدة المستديرة، لمواصلة الحوار بين الأطراف، بحضور المغرب والبوليزاريو والجزائر وموريتانيا. فالدولة الجزائرية التي تسعى إلى التملص من مسؤوليتها في هذا الملف، تدعي أن المفاوضات ينبغي أن تظل محصورة بين المغرب والبوليزاريو. فهل تجهل الحكومة التونسية مسؤولية الجزائر في هذا النزاع؟ العالم برمته يعرف أنه لولا الجزائر لما كانت هناك "قضية الصحراء الغربية"، كما يسميها وليد الحجام. فالطغمة العسكرية الجزائرية هي التي تأوي وتمول وتسلح البوليزاريو، وتضع كل مقومات دولتها في خدمة هذه القضية، بل إن ديبلوماسيتها لا تتحرك إلا في هذه القضية، التي أصبحت أولوية الأولويات في سياسة الجزائر الخارجية. أكثر من ذلك، فإن الوضع تطور في الشهور الأخيرة إلى تصعيد غير مسبوق من طرف هذه الطغمة، ليصل إلى قطع العلاقات الديبلوماسية مع المغرب، والتهديد بالاعتداء العسكري عليه. لا يمكن لأحد أن يطلب من السلطات التونسية تحمل ما هو فوق طاقتها، فهي ترضخ للضغط الجزائري، وتعرف أن الطغمة قادرة على الإساءة لتونس والإضرار بها، في وقت يعيش هذا البلد وضعية لا استقرار، لذلك فالموقف التونسي مفهوم. لكن ما لا يمكن استساغته، هو ما قاله وليد الحجام، عن وحدة مصير "الأشقاء" في المنطقة المغاربية، وضرورة العمل المشترك لتحقيق تطلعات شعوبها. فرغم رونق الكلمات، إلا أن على السلطات التونسية أن تكون واضحة عن أية شعوب تتحدث، هناك خمس دول وخمسة شعوب، وهو ما تتبناه أيضا تونس، في اتفاقها على مشروع البناء المغاربي، لكن الرضوخ للإبتزاز الجزائري، الذي يعتبر ان هناك ستة شعوب مغاربية، يعني أن الحياد المفترض لتونس، متناقض، ويخدم استمرار النزاع الجزائري المفتعل، ضد المغرب والوحدة المغاربية.