مع اقتراب مواعيد إجراء الامتحانات الإشهادية المدرسية (الجهوي والوطني) تلقي ظاهرة الغش بظلالها على سير الامتحانات وتساهم في التأثير على مخرجات التعليم. إن الغش في الامتحانات المدرسية ليس ظاهرة جديدة لكنه تحول من ظاهرة إلى عادة بمعنى أن التلميذ بدلا من أن يهتم بدروسه ويستعد مبكرا، يكتفي بأن يتفنن ويبدع في أسهل طرق الغش، تماشيا مع التطور التكنولوجي. وهناك آباء ينخرطون في هذا الأمر ويشترون لأبنائهم كل لوازمه وبأسعار باهظة، همهم الوحيد هو حصول أبنائهم على نقط عالية وولوج المدارس العليا، وبعضهم يرى بأن الغش في الامتحانات المدرسية صار مكسبا مشروعا ويمارسون ضغوطا نفسية على أبنائهم تدفع هؤلاء إلى الغش ضاربين بالعواقب التي تنجم عنه عرص الحائط . إن مشكلة الغش في الامتحانات المدرسية تعد من بين أخطر المشاكل التي يواجهها التعليم المدرسي وأوسعها تأثيرا على حياة التلاميذ والمحتمع ككل. فالغش حلقة من متلازمة ثلاثية معروفة تتكون من الكذب والسرقة وخيانة الأمانة. إن الغش خيانة للنفس. فهو يبدأ في الامتحانات المدرسية وينتهي إلى كل مناحي الحياة، فلا شك أنه ظاهرة خطيرة وسلوك مشين مرفوض، والذي أصبح يشكو منه نساء ورجال التعليم وكذا المربين من انتشاره في كل المستويات الدراسية. إن العملية التعليمية هي وحدة مترابطة لايمكن فصلها أو تجزئتها، وهي تعتمد أساسا على ثلاثة أركان أساسية هي: المدرس، التلميذ والمنهج الدراسي.. والقصور في أي منها يؤثر في الآخر.. ويعد المدرس حجر الزاوية في العملية التعليمية وبقدر كفاءته تحقق التربية أهدافها وتقوم المناهج بدور كبير في نفور التلاميذ من دراستهم. إن ظاهرة الغش في الامتحانات المدرسية الإشهادية، على وجه الخصوص، تعتبر سلوكا انحرافيا يخل بالعملية التعليمية ويهدم أحد أركانها الأساسبة، وهو ركن التقويم. ويعد الغش في الامتحانات المدرسية بمثابة تزييف لنتائج التقويم مما يضعف من فاعلية النظام التعليمي ككل، ويلقي البعض الآخر تبعة الغش إلى التلاميذ أنفسهم الذين يلجأون إليه بسبب إهمالهم الدراسة. إن مدارسنا عموما مازالت تعاني من سلبية عدد من أولياء الأمور في متابعة أبنائهم وترك الحبل على الغارب لإدارة المدرسة لتتحمل التربية مع التعليم، والحقيقة هي أن هؤلاء الآباء قدموا استقالتهم ولا يشعرون بالخطر الحقيقي الناجم عن سلبيتهم إلا بعد وقوع أضرار تمس الأبناء، سواء أكانت انحرافات سلوكية أو رسوبا متكررا. إن ممارسة التلميذ لسلوك الغش في الامتحانات المدرسية لا يعد مظهرا من مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية وحسب، بل هو إفساد لعملية القياس وتلويث لنتائج الامتحان، وبالتالي عدم تحقيق أهداف التقويم في مجال التحصيل الدراسي. والمدرسة باختلاف مستوياتها هي المؤسسة التربوية التي تعنى ببناء شخصية التلاميذ وتطويرها في جميع نواحيها بما يجعلهم قادرين على التوافق الاجتماعي فضلا عن إكسابهم المعرفة. وصفوة القول إن الغش في الامتحانات المدرسية يخدش صورة منظومتنا التعليمية ويسيء إلى مخرجات التعليم، لذا وجب مواجهته بالصرامة اللازمة عبر الوقاية منه وتبني أسلوب العقاب وتشديد المراقبة داخل الفصول الدراسية وكذلك اعتماد مواضيع تركيبية بعيدة عن الحفظ. *باحث تربوي