نعيش في زمان أمسى يتحكم فيه الرادار الثابت والمتحول للحد من آفة حوادث السير، التي تحصد الكثير من الأرواح البريئة، والتي تكون ناجمة عادة عن التهور في احترام وتطبيق قانون السير عبر الطرقات، أو الإهمال البين للحالة الميكانيكية للعربات أو السرعة المفرطة أو الحالة الشخصية للسائق أو الحالة التي تعرفها الطريق نفسها في غياب الصيانة وإعادة الإصلاح والتأهيل لمستعملي الطريق بكيفية سليمة، بدون أن تمثل لديهم أي خطر لضعف بنيتها أو تدهورها.. وكل ذلك يساهم بشكل كبير في الحد من نسبة عدد الضحايا عبر الطريق،كما يساهم أيضا في اكتساب سلوكيات إيجابية وحضارية لدى مستعمليها من خلال التربية الطرقية الناجعة، ولن يتأتى ذلك بين عشية وضحاها، فقد كان لا بد أن نخوض معركة طويلة لأكثر من عقد من الزمن لإطفاء السلوكيات السلبية القديمة لدى الكثيرين، والتي ألفوها رغم ما تمثله من أخطار وأضرار كارثية وجسيمة على الجميع، سواء بالنسبة للدولة نفسها أوالأشخاص عينهم… ونكون قد عايشنا ما يسمى بزمان المدونات منذ تسعينيات القرن الماضي: فهناك مدونة الأسرة ، مدونة الصحافة والإعلام والنشر، ومدونة السير الجديدة التي جاءت في عهد وزير التجهيز والنقل عبد الكريم غلاب لمحاربة آفة حوادث السير أمام هول الأرقام المسجلة ( 11 قتيلا و 114 جريحا في اليوم). ورغم ما شابها من عيوب خاصة في شق الغرامات، والتي تفوق بكثير القدرة المالية للسواد الأعظم من المواطنين والمواطنات، مما اضطر معه إلى إعادة مراجعة بعض بنودها، لكن من حسناتها، نجد هناك إجبارية استعمال حزام السلامة بالمدار الحضري، وإعادة تأهيل وتحديث برامج التكوين والتدريب، وتجديد الوثائق الرسمية للعربات والسائق، ورقمنة قطاع النقل، وإعادة تجديد الطاكسيات القديمة، وغيرها من الإصلاحات الهادفة التي ساهمت في عصرنة هذا القطاع، الذي يعتبر من بين الشرايين المهمة في الحياة الاقتصادية للوطن. ومع مرور الزمن وتنزيل بنود مدونة السير والجولان على أرض الواقع تغيرت أشياء كثيرة في حياة مستعملي الطريق، وبدأنا نشاهد ونعايش أحدث ما يكون في مجال التكنولوجيا في عالم الرادارات الثابتة منها والمتنقلة، وبدأ الجميع، وفي استعداد تام، للانخراط الكلي والمشاركة بحس وطني، تحت سيادة تطبيق القانون، في حالة ارتكاب مخالفات وتسديدها وتخفيض النقط والمتابعات القضائية في الحالات الخطيرة وسقوط ضحايا وغيرها، وصار القانون فوق الجميع، من أجل سلامة الأرواح البريئة عبر الاستعمال السليم والإنساني للطريق، والتي تبقى حربها مكلفة جدا في غياب الصرامة في استعمال القانون وآلياته. وأخيرا؛ لا يمكن أن ننفي أو نغفل بأي شكل من الأشكال الدور الكبير والمهم الذي يقوم به ويسهر على تنفيذه كل من رجال الأمن والدرك في محاربة السلوكيات المتهورة والطائشة، والحد من السرعة المفرطة والتجاوزات المعيبة، للحد من حوادث السير، سواء في داخل المدن أو خارجها، أو بالبوادي والأماكن البعيدة والمنعرجات بواسطة الرادار المتنقل.