تخفيف الإجراءات الحاجزية يجب أن يؤسس على نتائج الوضعية الوبائية وضمان استمرار نجاحات حملة التلقيح أكد البروفسور عزالدين الإبراهيمي أن الوضعية الوبائية في بلادنا هي شبه مستقرة، مشيدا بالتمكن من تلقيح أكثر من 13 في المئة من المواطنين المغاربة ضد فيروس كوفيد 19، في ظروف وصفها المتحدث بالمثالية، مشددا على أن هذا الأمر وإن كان له بعده التفاؤلي إلا أنه يجب الاستمرار في اعتماد المقاربة الاستباقية العلمية في كل القضايا المطروحة للنقاش بحدة، كما هو الحال بالنسبة لمسألة التخفيف من القيود والإجراءات الاحترازية على بعد أسابيع من شهر رمضان المبارك، وما يفرزه هذا الطرح من أسئلة مشروعة ومنطقية يختلط فيها الديني بالعاطفي بالعلمي، مبرزا أن أي قرار في هذا الصدد يجب أن ينبني على العناصر العلمية المتاحة. وذكّر عضو اللجنة الوطنية العلمية لكوفيد 19 ومدير مختبر البيوتكنولوجيا الطبية بكلية الطب والصيدلة بالرباط بما أسماه ب «نكبة ما بعد عيد الأضحى»، التي أدى الجميع ثمنها غاليا وتسببت في وفيات وإصابات كانت رقعة دائرتها متسعة، داعيا إلى الحذر من مغبة تكرار نفس السيناريو، مشددا على أن كل القرارات التي يجب اتخاذها يتعين أن تستحضر صحة المواطن المغربي الجسدية والنفسية، وألا توقف عجلة الاقتصاد، وأن تضمن استمرار العملية التربوية بالمدارس والمعاهد، مقترحا في نفس الوقت استغلال التقدم المحرز في مواجهة الوباء وترجمته بقرارات تؤدي إلى خروج سريع من الأزمة، يجعل بلادنا أكثر تنافسية في ميادين خدماتية عدة، على رأسها الاقتصاد السياحي بحلول فصل الصيف. وأوضح البروفسور الإبراهيمي أن القرارات المستقبلية تتسم بالصعوبة وبالتالي يجب أن تكون حذرة وتدريجية، مقترحا أن تكون جهوية تأخذ بالخاصية الوبائية لكل جهة، مشددا على أنها تتطلب جرأة كبيرة في اتخاذها مع التذكير بأن التوصية العلمية والصحية ليست إلا جزءا من منظومة اتخاذ القرار النهائي، الذي يأخذ بعين الاعتبار كذلك الآثار الاقتصادية والاجتماعية على المغاربة، وهو ما يستوجب الإلمام بالمعطيات والبيانات العلمية. وأكد الخبير الصحي أن هذه القرارات يجب أن تسبقها إحاطة شاملة وواضحة بمدى المناعة الجماعية للمغاربة، ومعرفة عدد المواطنين الذين أصيبوا بالفيروس للتمكن من تحديد المناعة الطبيعية، مبرزا أنه في غياب دراسة سيرولوجية محيّنة لحد الساعة فإنه يصعب التكهن بنسبة معينة، رغم النسب المرتفعة التي يستشهد بها الكثيرون دون أبحاث علمية دقيقة، والتي يرى المتحدث بأنها تبقى دون جدوى في اتخاذ القرارات. وأكد الإبراهيمي أن ثاني المعطيات العلمية الأساسية تتمثل في مدى الانخراط في تطبيق الإجراءات الاحترازية الوقائية الشخصية، مشددا على أن واقع الحال يؤكد وبالملموس أن هناك تخليّا منذ زمن عن الإجراءات الاحترازية مع التخاذل في الانضباط لها، علما بأن هذا القرار الشخصي يترتّب عنه ثمن جماعي، حيث عبّر المتحدث عن أمنيته ألا يؤدي المجتمع كلفة باهظة لهذه الانتكاسة. ووقف الخبير الصحي عند نقطة ثالثة تتعلق بنسبة انتشار السلالة البريطانية والسلالات المتحورة الأخرى، مبرزا أن أرقام الإصابة المسجلة في المغرب مستقرة الآن لأننا لم نصل بعد إلى الانتشار الأسي للسلالة البريطانية، الذي أضاف بأنه من الحتمي تسجيله في الأسابيع المقبلة، وبالتالي فإن أي قرار يجب أن يمكّن من تقليل وتيرة انتقال هذه السلالات وانتشارها. ونبّه الإبراهيمي كذلك إلى نقطة أخيرة تتعلق بعدم الانتهاء لحد الآن من المرحلة الأولى لحملة التلقيح لحماية الأشخاص في وضعية هشاشة صحية، مؤكدا أن هذا النجاح المسجل هو جزئي، داعيا إلى ضرورة أن يحرص أي قرار يمكن اتخاذه على تحصين هذه العملية وتأمين نجاحها.