من أبرز لحظات المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء المنظم من طرف كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدارالبيضاء، جامعة الحسن الثاني، الذي اختتمت فعالياته مساء أول أمس الأحد، البرمجة النوعية في المضمون والشكل الذي لجأ إليها المهرجان هذه السنة وأقام دورته عن بعد لأسباب احترازية أملتها الظروف العامة التي يعيشها العالم. فبعدما دشن المهرجان ندوته الصحفية، وحفل افتتاحه عن بعد، وقدمت العروض المسرحية بمعدل عرضين في اليوم، كما مارست الورشات التكوينية مقاربتها التواصلية مع شبيبة العالم، وفي نفس السياق مرت الندوة المحورية التي تفاعلت مع شعار المهرجان: «المسرح والحلم» كما قدمت هدية المهرجان للعالم احتفاء بالسنة الميلادية، من خلال عمل وطني دولي «فرحة دكالة» للكوليغراف، لحسن زينون، عن تاريخ دكالة تعبيرا شعبيا حركيا راقصا يحتفي بالكلمة والشكل واللون والمعنى التاوي وراء الفعل الثقافي الموروث.. ، احتفت هذه الدورة بثلاثة مبدعين، تم التواصل معهم وتقديمهم للمتلقي ولكل المتتبعين، يجمعهم مشترك واحد، المسرح، حلما وممارسة وحياة، أحدهم مهمته التدريس والتشخيص، والبعد الأكاديمي، رئيسة مهرجان قرطاج المسرحي بتونس، وأحد العابرين من المهرجان الذي بصم بداخلها ذكرى إحساس بالفعل المسرحي التداولي مع شبيبة العالم، من تم واصلت الطريق إلى هذه النقطة التي تقف فيها الآن وأفقها مشرع لكل الأحلام، المبدعة والفنانة التونسية نصاف بن حفصية، خريجة المعهد العالي للفنون الدرامية بتونس، شغلت منصب مديرة المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بصفاقس، متحصلة على الأستاذية في المسرح سنة 1995 ماجستير علوم ثقافية / إختصاص مسرح وفنون العرض 2006. صرحت المبدعة نصاف بن حفصية في إحدى المحاضرات الدولية، أنها تعتز بزيارتها الأولى للدار البيضاء، بمناسبة المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدارالبيضاء؛ إذ كان أول مهرجان مسرحي تحضره خارج الوطن، ومن تم كانت الانطلاقة الحقيقية في مسار المبدعة. كما تم الاحتفاء بالمبدع المتعدد، فهو الكاتب والممثل والمنظم، والنقابي والصحفي، الحسين الشعبي، الذي يعتبر لوحده عنوان مرحلة بكاملها، يتميز الرجل أنه ملتقي الأجيال، عاصر وصادق وتعامل فنيا وإبداعيا وفي مجال الحقوق الفنية، مع الرواد والجيل الثاني والثالث وجيل الشباب، لم يأت الكاتب والناقد والصحفي الحسين الشعبي إلى المسرح وإلى الحقل الثقافي والإعلامي من الفراغ، بل إن حضوره الوازن اليوم هو ثمرة تفاعل حي بين مؤثرات تربيته ونشأته الأسرية، وتكوينه الدراسي، وبين محيطه الاجتماعي والسياسي. لقد ولج الخشبات في فترة الشباب عبر انخراطه في مسرح الهواة منذ سبعينيات القرن الماضي، كانت هذه الكلمات مدخل تقديمي في شهادة عبرت فيها المرحومة ثريا جبران ذات تكريم في حق الحسين الشعبي.. في نفس السياق والمناسبة صرح في حقه الكاتب المسرحي المسكيني الصغير، أن الحسين الشعبي له اهتمامات متنوعة، كتابة ونقدا وتمثيلا وتدبيرا، بالإضافة إلى اهتماماته الصحفية والسياسية، الأمر الذي سيجعله على مدى أكثر من ثلاثة عقود، أكثر قربا من فضاءات الممارسة المسرحية والفنية، وأكثر دراية بإكراهاتها وخصوصياتها، وأكثر التصاقا بقضاياها وإشكالاتها بشكل عام في المغرب. من تم قال عنه الفنان المسرحي والمبدع عبد الحق الزروالي، مخطئ من يعتقد بجواز الحديث عن المسرح عندنا، دون الانتباه لاسم الحسين الشعبي، لأنه في تقديري ذاكرة المسرح ومرآته. دينامية الرجل وحضوره بارز في كل العناوين الكبرى بدء من الريادة النقابية المسرحية وعضوية تأسيس التعاضدية الوطنية للفنانين، والمتابعة والحضور الإعلامي الفني والمسرحي تحديدا من موقع الممارسة والقيادة والتدبير والإعلام. أصدر الحسين الشعبي نصين مسرحيين بعنوان «الساروت»، و»لوزيعة».. وقيد الإعداد، كتاب نقدي بعنوان «المسرح.. سياسة وزيادة..»، فعلا إنه الحسين الشعبي المسرحي الشامل.. ضمن هذه الباقة هناك الممثل المبدع، المؤمن بروح الشخصيات التي أدها والتي سيؤديها مسكون بالفن عموما مسرح دراما تشكيل، هو الآخر يعبر ملتقى الأجيال والفنون، إنه محمد حميد نجاح المنتمي الى طينة نادرة من الممثلين والممثلات المغاربة فهو من جيل العاشق للمسرح وفن الأداء الصادق، الجيل الذي يؤدي الأدوار المركبة والتعبيرية بحكم التمكن من أدوات التعبير بحركات الجسد وقسمات الوجه، وهي الوسيجة التي مازال حميد نجاح يحافظ عليها، ويواصل التكوين والاطلاع على التجارب التطويرة والتجريبية في مجالها .. راكم حميد نجاح منذ سنة 1967 تجربة مسرحية محترمة تشخيصا واقتباسا واخراجا وتنفيذا للديكور، إذ سبق للرجل أن استفاد من تداريب مسرحية بالمعمورة /الرباط سنة 1970 وبفرنسا ، وللإشارة حميد نجاح شاعر له تجارب البوح بالحرف الفرنسي والعربي، وفنان تشكيلي له لوحات وجداريات تزين الآن فضاءات عبر الوطن. رجل يتعملق في الظل، وموزع بين فضاءات محدد، إما في كواليس التداريب المسرحية، سيما وقد ساهم في جل المشاريع الفنية المسرحية الأخيرة برأيه أو سينوغرافيته أو رؤيته الإخراجية، أو تجده في بلاطو التصوير ينقش دورته بلمسات المبدع، أو في خلوته المختزلة في قراءة أعمال مقترحة أو أمام فضاء اللوحة يناقشها إبداعا وخطوطا وتعابير مترجمة للجوانيت. كثر الطلب في السنوات الأخيرة على الخدمات الفنية خصوصا من طرف المخرجين والمخرجات الشباب، وبذلك أغنى حميد نجاح الفيلموغرافية السينمائية المغربية بأعمال كبرى بتوقيع المجايلة الفنية، بدء من الفيلم السينمائي الذاكرة «حلاق درب الفقراء» سنة 1982 توقيع المرحوم الأيقونة محمد الركَاب، وتناغما مع كل الأجيال الفنية، وللرجل اسهام مشهود ومحترم في الإنتاجات الدولية. يعتز المهرجان بفقرة التكريم، إذ يتخذها فرصة ليقدم التحية والتقدير لمن قدم اسهاما فنيا أو إبداعيا أو خدماتيا للفن المسرحي بالتحديد على عدة واجهات، وبالتالي يعتز المكرم بأن الجامعة باعتبارها فضاء العلم والمعرفة والدرس الأكاديمي قد التفت إليه، وقدم شهادة في حقه استحضارا واعتبارا وتقديرا؛ لذا نحافظ على هذا التقليد الذي يقدم خدمة ثقافية فنية متبادلة..