أكدت وزيرة الدولة، وزيرة الشؤون الخارجية الكونغولية، ماري تومبا نزيزا، أول أمس السبت بالداخلة، أن فتح قنصلية عامة لجمهورية الكونغو الديمقراطية بالمدينة يكتسي طابعا سياسيا ودبلوماسيا مهما، ويجسد الاعتراف بالسيادة التامة والكاملة للمملكة المغربية على صحرائها. وأضافت تومبا نزيزا، خلال ندوة صحافية مشتركة مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، عقب افتتاح هذه التمثيلية الدبلوماسية، أن هذه القنصلية العامة تسعى لتكون إطارا إداريا يحافظ على الروابط مع الجالية الكونغولية وفضاء للتشاور وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية الثنائية. وأبرزت أن العديد من الإمكانات متوفرة بهذه المنطقة، معبرة عن أملها في أن يشكل فتح قنصلية لبلادها اليوم بالداخلة فأل خير يبشر بتنمية مثمرة بين البلدين. وفي هذا السياق، اعتبرت رئيسة الدبلوماسية الكونغولية أن فتح قنصلية لبلادها بالداخلة يعد في الحقيقة مرحلة جديدة تطبع العلاقات التاريخية والمتميزة التي تجمع بين المملكة المغربية وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والمتسمة على الخصوص بالتفاهم القائم بين جلالة الملك محمد السادس وفخامة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فليكس تشيسكيدي. وشددت بهذا الخصوص، على أن هذه الروابط عززت علاقات الأخوة والصداقة التي تجمع بين البلدين والشعبين منذ سنة 1960، مجددة الامتنان العميق للشعب الكونغولي ولرئيس الجمهورية لجلالة الملك على المساعدة الطبية التي قدمها لبلادها من أجل مساعدة الشعب الكونغولي على حماية نفسه ومواجهة جائحة كورونا بشكل فعال. وأضافت أن جمهورية الكونغو الديمقراطية، الوفية لمبادئها، رفضت على الدوام أي نزعة تستهدف بلقنة البلدان الإفريقية بشكل عام والمملكة المغربية على وجه الخصوص، موضحة أنه في سنة 1984، اصطفت جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى جانب المغرب عندما قرر مغادرة منظمة الوحدة الإفريقية. وقالت إن «بلدنا لم يتردد لحظة واحدة في أن يحذو حذو المغرب وينأى بنفسه عن المنظمة القارية، عبر تعليق مشاركته في أشغالها لأكثر من عامين». وأشارت إلى أنه بالموازاة مع هذا الدعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على صحرائها، تجدر الإشارة إلى التضامن الثابت الذي لطالما عبر عنه المغرب تجاه جمهورية الكونغو الديمقراطية، في كل مرة كانت وحدتها الترابية كذلك معرضة للتهديد، مشيرة في هذا الصدد إلى مشاركة جنود مغاربة في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدةبالكونغو سنة 1960 وتدخل القوات المغربية بزائير سنتي 1977 و1978 بهدف مساعدة القوات المسلحة الزائيرية على طرد المتمردين خارج ترابها، بعدما هاجموا إقليم كاتانغا، فضلا عن مشاركة المغرب ضمن كتيبة في بعثة منظمة الأممالمتحدة بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وفي هذا الإطار، حرصت على التعبير عن شكرها للشعب المغربي «الذي أسال أبناؤه دماءهم، إلى جانب إخوانهم الكونغوليين، دفاعا عن الوحدة الترابية لجمهورية الكونغو الديمقراطية»، مبرزة أن بلادها تقدم وستقدم دعمها لجهود السلطات المغربية من أجل استتباب السلام بالمنطقة. كما رحبت تومبا نزيزا بقرار الولاياتالمتحدةالأمريكية الأخير بالاعتراف بسيادة المملكة المغربية التامة على صحرائها. وتم بهذه المناسبة، تنصيب القنصل العام لجمهورية الكونغو الديمقراطية، نيستور باميالي واوا. من جانبه أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن العلاقات بين المغرب والكونغو الديمقراطية، هي علاقات «قوية وتاريخية»، مبنية دائما على تضامن فعال وملموس على كل المستويات. وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة مع نظيرته من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ماري تومبا نزيزا، عقب تدشين قنصلية هذا البلد في الداخلة، أن المغرب كان حاضرا في المحطات الكبرى التي بصمت تاريخ الكونغو، مشيرا إلى أن هذا الحضور كان دائما من منطلق التضامن والإخاء، ومن منطلق الدفاع على الوحدة الوطنية والترابية لهذا البلد. وأضاف الوزير أنه منذ عهد المغفور لهما جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني، واليوم مع جلالة الملك محمد السادس نصره الله، كانت مسيرة التضامن والتعاون بين البلدين متواصلة بدون انقطاع. وأشار إلى أن أول مشاركة للمغرب في عملية لحفظ السلام كانت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، خلال ستينات القرن الماضي، مبرزا أن هذه هي الروح التي يتبعها جلالة الملك محمد السادس مع فخامة الرئيس فيليكس أنطوان تشيسكيدي، بنفس منطق التضامن والأخوة الصادقة، إذ يوجد اليوم بجمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر من 900 جندي مغربي في إطار عملية حفظ السلام بهذا البلد الشقيق. وأضاف بوريطة أنه لما اندلعت الأزمة بسبب وباء كوفيد -19، حرص جلالة الملك على أن تكون جمهورية الكونغو الديمقراطية من أول الدول المستفيدة من العملية التضامنية التي قام به المغرب تجاه أكثر من 25 دولة إفريقية. من جهة أخرى، قال بوريطة إنه تم الاتفاق مع السيدة تومبا نزيزا، خلال المباحثات التي جمعتهما بالرباط، على مواصلة السير في نفس إطار توجيهات جلالة الملك وفخامة الرئيس الكونغولي، والبناء على هذا التضامن والتاريخ المتميز للعلاقات الثنائية، لإضفاء طابع ملموس عليها، من خلال إجراءات ومشاريع. وأضاف أنه تم الاتفاق على رفع منح التكوين (من 70 منحة إلى 150 منحة)، والتعاون في مجال الفلاحة والصيد البحري والطاقات المتجددة والمجال الطبي، وتم الاتفاق كذلك على عقد اللجنة المشتركة بين البلدين، خلال شهر ماي أو يونيو من السنة المقبلة في كينشاسا، على أن تكون الاجتماعات التحضيرية في بداية السنة المقبلة. وأشار إلى أنه تم الاتفاق كذلك على تنظيم منتدى لرجال الأعمال بموازاة مع اللجنة المشتركة، لأن جمهورية الكونغو الديمقراطية تتوفر على مؤهلات كبيرة، مبرزا أنه، في إطار رؤية جلالة الملك للتعاون جنوب -جنوب والتعاون بين الدول الإفريقية، يمكن أن يكون التعاون المغربي -الكونغولي نموذجا لتعاون فعال بين الشركاء والفاعلين في القطاعين العام والخاص، بالنظر إلى الأرضية الخصبة التي توفرها العلاقات الثنائية. وسجل أن جمهورية الكونغو الديموقراطية هي دولة مهمة على المستوى الإفريقي، مشيرا إلى أنه، من منطلق التضامن الذي يحرص عليه جلالة الملك، أكد للوزيرة «دعم جلالته لكل الإجراءات والتدابير التي يتخذها فخامة الرئيس تشيسكيدي، لدعم الاستقرار والتنمية في هذا البلد، سواء في إطار الحوار السياسي الداخلي أو في إطار كل التدابير التي يتخذها». من جهة أخرى، قال السيد بوريطة إن المغرب يهنئ جمهورية الكونغو الديمقراطية بمناسبة ترؤسها للاتحاد الإفريقي، ابتداء من العام المقبل ولمدة سنة، مضيفا أن هذه الرئاسة ستبوئ البلد مكانة مهمة، وستجعل منه ومن فخامة الرئيس تشيسكيدي فاعلا أساسيا في مجموعة من القضايا التي تهم القارة. يذكر أن حفل افتتاح القنصلية العامة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تعد تاسع تمثيلية دبلوماسية مفتوحة بهذه المدينة في أقل من سنة، جرى على الخصوص، بحضور السفير المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي محمد مثقال ووالي جهة الداخلة -وادي الذهب، عامل إقليم وادي الذهب لمين بنعمر، ورئيس المجلس الجهوي الخطاط ينجا، بالإضافة إلى منتخبي الجهة ورؤساء المصالح الخارجية وشخصيات مدنية وعسكرية. وقد شهدت مدينة الداخلة، منذ بداية السنة الحالية، دينامية دبلوماسية قوية بافتتاح القنصليات العامة لكل من غامبيا وغينيا وجيبوتي وليبيريا وبوركينا فاسو وغينيا بيساو، وغينيا الاستوائية، بالإضافة إلى هايتي، التي أضحت أول بلد غير عربي وغير إفريقي يفتح قنصلية في الصحراء المغربية.