الصحراء + فلسطين + والخليج سيحتفظ التاريخ في سطوره الخالدة بأنه، في عهد الملك محمد السادس، حصل اعتراف الولاياتالمتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، موضوع نزاع دام أكثر من نصف قرن. وسيحتفظ المغاربة لأجيال طويلة بأن أمريكا، قلبت موازين الصراع في المعادلة الوطنية لقضية الصحراء، بعد أن توجت مجهودات جبارة لأجيال ظلوا صامدين في المعركة وفي التضحية لأجل تراب بلادهم.. تفاصيل المنعطف التاريخي الحالي، سيمعن المختصون والدبلوماسيون، من الاصدقاء والأعداء على حد سواء في قراءتها. ... 1 – فالولاياتالمتحدةالأمريكية، التي لم تنس أن المغرب كان أول دولة اعترفت بها كيانا مستقلا وقائم الذات، في 1777، هي القوة العظمى، والتي تقاس على قراراتها كل الخطوات والقرارات الأخرى. وعلى ضوء تقاريرها، تتقرر المواقف في العواصم الدولية. 2 – اليوم، واليوم فقط، نتابع كيف تنتظر كل العواصم الكبرى، من بكين إلى موسكو، مرورا بباريس ولندن وبركسيل، المواقف التي يحددها العم سام لتحديد مواقفها من بعد وعلى ضوء ذلك. 3 – الولاياتالمتحدة هي حاملة القلم في ما يخص القضية الوطنية، منذ عهد بعيد. وهي التي تقوم بالمفاوضات، والمقابلات، وهي التي تكتب في نهاية الأمر الصيغة النهائية للقرارالذي يتبناه مجلس الأمن، وهذا معطى ليس منذورا للتغيير في المدى المتوسط. 4 – وليس الانفراج وحده ما طبع العلاقات بيننا وبين واشنطن بخصوص ملفنا.. فواشنطن العاصمة ..كانت أيضا مصدر قلق كبير في العديد من المحطات والمواقف، ويمكن أن نذكر اثنتين على الأقل: أ – تقديم مندوب أمريكا في مجلس الأمن، سوزانا رايس، لمقترح توسيع مهام المينورسو، لتمثل حقوق الإنسان. وقد كان ذلك يعني تعليق الإدارة المغربية، وإعطاء الأولية للتقارير الدولية على التقارير المغربية في المجال. وهو توتر سيستمر من 2013 إلى حدود 2016، وخروج الديموقراطيين من الملف. أ – ثاني أمر، يتعلق بعمل جيمس بيكر، وزير خارجية أمريكا، الذي كان يجد المناسبة – دوما – لتعديل الكفة في تقديم مخططاته الثلاثة، ليس أقلها مخطط تقسيم الصحراء، وتنظيم الاستفتاء بعد خمسِ سنوات من الإدارة المغربية. وقد كان ذلك يعني أن المغرب سيكِدّ ويجتهد طوال المدة ليُعد الظروف لميلاد الدولة الانفصالية.. وقتها كان رد فعل المغرب قويا، وأوصل مهمة بيكر إلى الباب المسدود.. نجح أمام معطيات صارت في حكم التاريخ، لأنها مع ذلك تعطينا صورة عن قوة التحول الذي نعيشه اليوم.... إن ما هو مطروح، في الأذهان، هو مآل القرار، وماإن كان بايدن سيغير من واقع الأمر في المستقبل، أم أن استمرارية الإدارة ستبقي على القرار وقوته القانونية والمؤسساتية؟ الأمر متوقف على طبيعة «المراسِم الرئاسية» في أمريكا.. – الإدارة الأمريكية القادمة ستكون في وضع «إجباري» مؤسساتي وأدبي، لاسيما وأنها لا ترى في شمال إفريقيا أولويات، لجون بايدن؟ ونحن نقرّ بأنه من الصعب تجويد العلاقة مع الديمقراطيين، بالرغم من كل ما تم تسجيله. وسيكون من غير المريح مراجعة القرار الذي يشكل تحولا حقيقيا، يتجاوز الطابع «الرمزي» الذي يراد له. كما تقول خديجة محسن «من جامعة باريس 1» إن هذه الخطوة «اقتصاديا واستراتيجيا تضع المغرب، من الآن فصاعدا كقوة إقليمية تلعب في ساحة الكبار». قد يبدو من منطق القرار، أن ما أصدره رئيس ما يمكن لرئيس آخر أن يلغيه، لكن لم يسبق في التاريخ الأمريكي أن تم هذا الشأن، بما يعطينا سابقة يمكن اعتمادها للمقارنة بهذه النازلة! المنحى الثاني، هو الاعتراف الأمريكي ومسلسل التسوية السياسية، والذي يجعل منه البعض أمرا قادرا على تقليص قوة القرار بالاعتراف. الاعترافُ بمغربية الصحراء من طرف أقوى دولة في العالم سيغير الكثير من المعادلات، وسيحرر المغرب من الكثير من الضغوط الصريحة أو الضمنية حتى من طرف حلفائه، وسيقوي من التوجه نحو إقبار نهائي لما أقبرّه مجلس الأمن منذ 2018.