أكثر من 50 ألف نسمة هي عدد ساكنة منطقة الهراويين الشمالية مازالت إلى حد الآن تنتظر حقها في العيش بما يليق وبما يستوجبه التمدن ، هذه هي الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها أي زائر لدروب الهراويين ، رغم أن موقعها هو واجهة من واجهات الدارالبيضاء لأنها مدخل للأطوروت المؤدي إلى معظم مدن المغرب ، وتحاذي كبريات الأسواق التي تؤمن التغذية الضرورية للمدينة . فتماشيا مع التقطيع الجماعي والإداري المستحدث في الدارالبيضاء سنة 2008 ، والذي تم بموجبه إلحاق منطقة الهراويين الشمالية بالمدار الحضري ضمن نفوذ مقاطعة مولاي رشيد لتوفير شروط الاندماج لساكنة هذه الأحياء ، تم وضع برنامج استعجالي لإعادة تأهيل هذه المنطقة من خلال اتفاقية موقعة بين المديرية العامة لوزارة الداخلية ووزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة ووزارة الاقتصاد والمالية ، بالإضافة إلى ولاية جهة الدارالبيضاء وعمالة مقاطعات مولاي رشيد وشركة العمران والوكالة الحضرية للدارالبيضاء ومجلس عمالة الدارالبيضاء والجماعة الحضرية للدارالبيضاء وشركة ليدك والمكتب الوطني للكهرباء ورئيس مقاطعة سيدي عثمان بصفته رئيس اللجنة المحلية للمبادرة الوطنية للتنمية المحلية ، يتمحور برنامج إعادة التأهيل حول مجموعة من الأهداف بحكم أن هذه المنطقة العشوائية تفتقر للحد الأدنى من المرافق والتجهيزات ، كالطرق والماء الشروب والكهرباء والتطهير السائل والصلب ، مع غياب مرفق النقل العمومي الذي يربطها بسائر أحياء المدينة وكذا النقص الكبير في تجهيزات القرب من مؤسسات تعليمية ومراكز صحية ودور الثقافة والخدمات وملاعب وغيرها ، بالإضافة إلى مشكل يتعلق بأخطار الفيضانات التي تهدد المنطقة بشكل دوري … لذلك رسم البرنامج الاستعجالي الموقع عليه بين الأطراف المذكورة خطة تذهب بالأساس إلى وضع تصميم خاص بالشبكة الطرقية لمنطقة الهراويين الشمالية تحت إشراف الوكالة الحضرية للدارالبيضاء ، تروم إنجاز الطرق الضرورية لفك العزلة على الساكنة وتوسيع الطرق الداخلية ، وتم تخصيص 23 مليار سنتيم للقيام بهذا العمل الذي ستنفذه شركة العمران انطلاقا من سنة 2013 إلى سنة 2015 ، وتضمن البرنامج مرحلتين ، الأولى ابتداء من 2013 إلى 2014 سيتم خلالها إنجاز الطرق الضرورية لفك العزلة عن المنطقة وهي الطرق العابرة ، التي تمكن الربط بين داخل الأحياء وخارجها وكذا الطرق المحيطة التي تسهل الولوج مباشرة إلى قلب الأحياء الهامشية لمنطقة الهراويين الشمالية ، مع ما تستلزمه من تهيئة جنباتها وأشغال التطهير السائل الخاص بها وكذا شبكة الإنارة العمومية بالإضافة مجموعة من المرافق العمومية للاستجابة لحاجيات الساكنة وتبلغ مساحة الطرق المبرمجة 370000 ألف متر مربع ، أما المرحلة الثانية فتنطلق في سنة 2015 وسيتم خلالها توسعة الطرق الحيوية مع إنجاز الطرق الداخلية التي تمكن الربط الداخلي بين الأحياء ، وتقدر مساحة هاته الطرقات ب 252000 مترمربع . وقالت الدباجة المؤطرة للاتفاقية بأن المبادرة جاءت استحضارا للتوجيهات الملكية الهادفة إلى تطوير النسيج الحضري لمدن المملكة بشكل متناسق ومتوازن وتنفيذا لتعليماته ، الواردة في خطابه لشهر ماي من سنة 2005 حينما حدد أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، التي تجسد الرغبة في محاربة الفقر والإقصاء والتهميش الاجتماعي وترسيخ دينامية لفائدة تنمية بشرية مستدامة ، لذلك فإن الاتفاقية بين الأطراف نصت بالإضافة غلى أشغال الطرق ، على إحداث مشاريع سوسيو ثقافية وغيرها مع إحداث مشاريع سكنية تتوافق والنسيج العمراني المتناغم مع باقي أحياء المدينة .. هكذا هي الاتفاقية على الورق ولكن على أرض الواقع سيكتشف المتتبع أن هذه الاتفاقية لم ينجز منها حتى العشر ، فحتى حدود سنة 2015 المدون في الاتفاقية كأجل لإنهاء المشاريع /الحلم ، لم يظهر أي تغيير وفي سنة 2016 وفي إطار برنامج تنمية الدارالبيضاء 201/2020 سيدشن جلالة الملك انطلاق أشغال إعادة الهيكلة للمنطقة حرصا منه على جعل المنطقة ترقى للأهداف التي يتوخاها للعاصمة الاقتصادية ، حتى تصبح عاصمة للمال والأعمال ومع ذلك لم يترجم المنفذون ما سطر في الورق على أرض الواقع ، وقد كان هذا الموضوع ومازال يشغل الساكنة والمنتخبين خاصة وأن هناك كلاما عن بلورة اتفاقية جديدة لتدعيم هذا المشروع الآن وهو ما يفيد أن المبلغ المرصود للمشروع في السابق قد تبخر ، ما يدفع للتساؤل كيف لم يتم إنجاز المشاريع كالمرافق وغيرها مما تحتاجه الساكنة ؟ ولماذا لم يتم استكمال إنجاز الطرقات ؟ وهل المبلغ المرصود أي 23 مليارا لم يكن كافيا ؟ وبالتالي هذا يحيلنا على سؤال يليه من أنجز الدراسة التي حددت ذلك المبلغ إن لم يكن كافيا؟ وإذا كان الأمر غير ذلك هل وظفت المبالغ المرصودة في مشاريع عمومية أخرى كانت تشتكي العجز وتم تأجيل العمل في الهراويين إلى حين رصد مبالغ أخرى ؟ أم أن شركة العمران المكلفة بتنفيذ المشروع خانها ضعف الحكامة وسوء التدبير ؟ ثم إن هذه المنطقة تقع في تراب نفوذ مقاطعة سيدي عثمان فلماذا لم تحرك المقاطعة ساكنا ولو من خلال الاستفسار عن مآل المشاريع ؟ هذا وأسئلة أخرى لن تجد لها جوابا واضحا إلا ما يأتيك من واقع الحال بالمنطقة التي مازالت تشرب مياه الجب وتنعم بإنارة جد خافتة ميالة إلى اللبس أكثر منها لشيء آخر مع غياب المرافق وكل المؤثثات الضرورية إذ حتى النقل العمومي مضرب على شوارعها ، كل هذا ونحن في سنة 2020 والمفروض أن الأشغال كان يجب أن تنتهي في سنة 2019 بعد التدشين الملكي ،ما يستوجب لجنة لتقصي الحقائق بخصوص الوضع هناك.