إن العمل الدبلوماسي الفلسطيني يتطلب مضاعفة الجهود وبذل كل الطاقات الممكنة من أجل إيصال صوت الشعب الفلسطيني إلى المحافل الدولية وتجاوز محاور التطبيع القائمة، فنحن أصحاب القضية ونمتلك الحق بالدفاع عنها وحمايتها، ولذلك يتطلب اختيار الكفاءات في هذا المجال من إعلاميين ودبلوماسيين على قدر هذه المهمة الدقيقة والحساسة، والتي تتطلب إمكانيات عقلية وذهنية وإعلامية وسياسية عالية، وإدراك المفهوم الوطني الفلسطيني وخاصة للعاملين في التمثيل الخارجي للشعب الفلسطيني . ومما لا شك فيه أن الدبلوماسية الفلسطينية حققت العديد من الإنجازات الهامة علي هذا الصعيد في إيصال رسائل فلسطينية مهمة، وخاصة علي المستوى الأوروبي، ولعل تلك الاعترافات البرلمانية في بعض الدول الأوروبية تركت آثارا واضحة لتسجيل اختراق هو الأول من نوعه للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي حصيلة الأمر إننا نقف أمام استحقاقات عملية السلام التي يجب أن تثمر عن قيام الدولة الفلسطينية، فحان الوقت لجني ثمار العمل وبناء جسور الثقة من أجل سلام شعب فلسطين ومن أجل دولة فلسطين المستقلة. إن حكومة الاحتلال تمارس عنصريتها وتسعى للحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية، وهذا الواقع المر لا يمكن أن يستمر، فهي تمارس عدوانها الظالم ضد الشعب الفلسطيني، وتفرض الحصار المالي على القيادة الفلسطينية، كما تواصل عدوانها وتهديدها باقتحام قطاع غزة بشكل متواصل، ضاربة بعرض الحائط كل القرارات الدولية، وما تنص عليه الشرعية الدولية من قوانين، وأننا بحاجة ماسة لتفعيل كل الإمكانيات واتخاذ الخطوات التي تؤدي إلى قيام دولة فلسطين وفضح ممارسات الاحتلال الذي يريد السلام مقابل الأمن فقط ولا يهمه قيام دولة فلسطينية. إن مواقف القيادة الفلسطينية تجاه عملية السلام كانت واضحة وثابتة وتعبر عن الشعب الفلسطيني وعن مواقف فصائله، وخاصة بعد الاجتماع الناجح في بيروت رام لله والذي جسد رؤية فلسطينية ثاقبة لمواجهة المخاطر والتهديدات التي تواجه القضية الفلسطينية، وأهمية تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية وتطبيقها واستعادة قطاع غزة، ووضع حد لمخططات التصفية والاستيطان التي تمارسها حكومة الاحتلال الإسرائيلي وكشف مخططاته أمام العالم أجمع، وإن هذا الاحتلال لا يريد السلام وهو يسعى إلى الاستمرار برفض السلام ويقف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي موقفا همجيا رافضا الاعتراف باستحقاقات السلام، مستمرا في بناء المستوطنات ومصادرا للأراضي قامعا ومنتهكا حقوق الإنسان الفلسطيني رافضا إطلاق سراح الأسرى ومستمرا في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني بالعودة إلى أراضيه . إن أهمية اتخاذ المواقف الصعبة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية، شكلت بداية لمرحلة هامة لإفشال التدخل الاستعماري على أرض فلسطين، ووضع حد لمشاريع صفقة القرن الأمريكية، وإن ما نواجهه من مؤامرات كشعب موحد وقيادة تحافظ على الثوابت الوطنية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967، وإن القدس بمقدساتها والحفاظ على القرار الوطني المستقل بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وبصمود الشعب الفلسطيني وبعزيمته وإرادته، ستتجاوز المرحلة الخطرة التي تهدد مستقبل المنطقة بأكلمها. إن نضال شعب فلسطين سيثمر عن قيام دولة فلسطين، وإن صراع شعب فلسطين هو صراع مع عدوه الأول، الاحتلال الغاصب لأرضنا والسارق لوطننا، وستبقى بوصلة فلسطين تجاه الوطن الفلسطيني مستمرة ولن ينالوا من دولتنا ولا من صمود شعبنا مهما تكالبت قوى العدوان والظلم والتآمر، ولن تسقط قلاع الثورة وستستمر المقاومة الشعبية حتى قيام الدولة الفلسطينية واحدة موحدة فوق التراب الوطني الفلسطيني . (*) سفير الإعلام العربي في فلسطين رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية [email protected]