بصوتها الشجي وحضورها البهي، استطاعت الفنانة خديجة أطلس، الملقبة ب «لبؤة الأطلس» ورفيقة درب الفنان الراحل محمد رويشة، أن تكسب قلوب المغاربة وعشاق الفن الأمازيغي عبر العالم بفضل ما تغنت به من أنغام شجية يعشقها الصغير والكبير. برعت الفنانة خديجة، ذات الحنجرة الذهبية، في أداء أغان باللغة الأمازيغية والعربية مع عمالقة الفن المغربي، من قبيل ملك الأوتار الراحل محمد رويشة صاحب الأغنية الشهيرة «إناس، إناس» ومصطفى امكيل وحمد الله رويشة، وغيرهم من الفنانين المرموقين على الساحة الفنية الوطنية. وتعد الفنانة خديجة، المزدادة سنة 1975 والتي ترعرعت في كنف أسرة متواضعة بالجماعة القروية آيت إسحاق (إقليمخنيفرة)، من الفنانين الأوائل الذين برزوا على الساحة الفنية الأمازيغية في تسعينيات القرن الماضي، إلى جانب شغفها بالتمثيل. في لحظة استذكار لبدايات مشوراها الفني، قالت الفنانة الأمازيغية، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن البداية الفعلية لدخولها غمار الأغنية الأمازيغية تعود إلى سنة 1992، لكنها شاركت قبل ذلك في مجموعة من الأنشطة الفنية التي كانت تقام في المدرسة بمناسبة ذكريات وطنية من قبيل عيد العرش والمسيرة الخضراء. ولم تقف مشاركة الفنانة خديجة عند التظاهرات المدرسية، بل امتدت أيضا إلى وسائل الإعلام رغم حداثة سنها، حيث شاركت في برنامج «القناة الصغيرة» الذي كان يذاع على القناة الأولى، وعمرها آنذاك لا يتجاوز العشر سنوات، بأغنية مارسيل خليفة «عصفور طل من الشباك». وتتذكر الفنانة الأمازيغية، بكل فخر واعتزاز، قدومها إلى مدينة خنيفرة عاصمة الأطلس المتوسط سنة 1992، وهي السنة الفاصلة في مشوارها الفني، حيت بدأت مع مجموعة زهيري عبد الرحيم، وكان أول تسجيل لها مع مولاي أحمد الحسني، ثم عملها إلى جانب عملاق الفن الأمازيغي الراحل محمد رويشة في خنيفرة. وتتذكر مؤدية القطعة الخالدة رفقة الفنان عمر بوتمزوغت «ايما» أن الفنان الراحل محمد رويشة أعجب بأدائها فاتصل بها سنة 1992 لتشاركه في إنجاز ألبومين، ثم شاركت بعد ذلك في ديو مع الفنان مصطفى بوركون في أغنية «غضبانة « الشهيرة. وبعد أن لفتت إلى أن بدايات المشوار الفني كانت صعبة بحكم غياب وسائل الاتصال في شكلها الحديث، أكدت الفنانة خديجة أن انطلاقتها الفردية في عالم الغناء كانت سنة 2003، عندما أنتجت ألبوم «أركسترا خديجة .. درنا للزين خاطرو»، الذي يمتح من «الكورال» كصنف موسيقي. وأدت الفنانة خديجة أنماطا موسيقية كثيرة مع فنانين بارزين، منها ما ينتمي إلى الأطلس المتوسط ومنها ما يتقاسمه المغاربة عامة من طنجة إلى الكويرة، وكذا الراي، لكنها تؤكد أنها تجد نفسها أكثر في النمط الموسيقي الشعبي الأمازيغي للأطلس المتوسط. وفي سنة 2018، دخلت خديجة عالم الدراما الأمازيغية، إذ كانت أول تجربة لها في التمثيل بمسلسل «تاموايت» الذي يتناول موضوع «الشيخة الأمازيغية»، ثم «الدموع البريئة» و»حكاية موحى». لم يفت الفنانة الأمازيغية أن تثمن الجهود التي تبذلها الدولة لرد الاعتبار للفن الأمازيغي والشأن الأمازيغي عموما، معبرة في المقابل عن أسفها ل «بعض الممارسات التي طفت مؤخرا إلى سطح الساحة الفنية، والتي تضر بسمعة الفن والفنانين». وتظل خديجة أطلس من الأصوات القوية التي بصمت سجل الأغنية الأمازيغية، فهي تمثل التقاليد الموسيقية الأمازيغية للمغرب وأيضا بالخارج، كما تشهد على ذلك مسيرتها الفنية مع ألمع أسماء الأغنية المغربية، ومشاركتها بانتظام في العديد من المهرجانات والعروض التلفزية الوطنية.