لا يزال ذ. المكي أكنوز، ذاكرة حية وأحد الباحثين القلائل في الفنون الغنائية والموسيقية الأمازيغية بالأطلس المتوسط، وأرشيفه الغني بالوثائق كان قد حمل بعض المجهولين ذات مساء إلى زيارته بمريرت تحت جنح الظلام لسرقته، ما خلف صدمة قوية لدى المعني بالأمر ومعه مختلف المهتمين ممن يعلمون جيدا بما يحتوي عليه هذا الأرشيف المتحفي من “تحف وكنوز”، والمكي أكنوز الذي يمتاز بعلاقات واسعة مع غالبية الفنانات والفنانين الأمازيغ، ويعد من حراس خزائن سيرهم وروادهم، ينتظر أن تعرف الخزانة المغربية عرض كتاب له حول الفنان الكبير محمد رويشة. المكي أكنوز الذي لا يتوقف عن مشاركاته التلفزيونية وإسهاماته البحثية، وفتح بابه للمهتمين والنقاد دونما أي احتكار، هو من الأعضاء البارزين ب “مركز روافد للأبحاث والفنون والإعلام” بخنيفرة، وفي هذا الحوار حاولنا استجلاء الكثير من الجوانب والهوامش في حياة الفنان الكبير محمد رويشة، ولا غرابة في أن الحديث مع هذا الباحث يطول أكثر من أي حوار محدود بالزمان والمكان، لكونه شخصا كله إصرارا على مواصلة الاستغوار في تاريخ الموروث الفني والثقافة الشعبية لأمازيغ قبائل زيان والأطلس المتوسط. – متى تولد لديك التعلق بتجربة الفنان محمد رويشة؟ – أذكر أن شغفي بالفنان محمد رويشة يعود إلى أواخر السبعينات، زمن ظهور جهاز”راديو كاسيط”، حيث كنت أنتظر يوم الخميس، السوق الأسبوعي بمريرت،لاقتناء ما جد من أشرطة لمحمد رويشة، فأزود الجهاز ببطاريات جديدة،وأدعو رفاقي للسهر معي والاستمتاع بأنغام وصوت هذا الفنان الكبير، وظللت لعدة سنوات أحسد من يحضر حفلات محمد رويشة وأحلم بأن تتاح لي الفرصة مثلهم، قبل أن يتحقق الحلم عام 1979 عندماحل محمد رويشة بمريرت لإحياء حفلة، يومها سعيت إلى أحد الأصدقاء الأوفياء فاستلفت مبلغا ماليا لاقتناء بطاريات وأشرطة فارغة قصد توثيق الحفل،حينها شعرت حقا أن حلمي الكبير قد تحقق وأصبحت أنتمي إلى جمهور محمد رويشة بكل فخر واعتزاز. – ماذا يعني لك محمد رويشة؟ – كان محمد رويشة يمثل جزءا أساسيا في تكويني الوجداني منذ الطفولة المبكرة،إذ مهما كتبت ومهما بكيت فمحمد رويشة سيظل، على مدى الأعوام أكبر من أي عبارة، إنها هبة سماوية لن تجود بمثلها الأيام،وعلاقتي بهذا الفنان هي علاقة وطيدة،وأتذكر جيدا اللحظة الأخيرة من حياته وهو يستعد فيها لمعانقة عالم الأبدية في تعفف قل نظيره،إذ رحل دون روحه التي ظلت تتحدى النسيان، رحل الجسد ولم يرحل المبدع، سيظل، سواء في المغرب أو خارجه، صوتا ونبرة وشعارا جميلا، وعلاقتي به كانت علاقة روحية فنية، وعندما رحل أخذ معه كل أسراري وظلت معي الكثير من أسراره. – نقرأ كثيرا عن تعلق محمد رويشة بأمه، كيف كانت علاقته بها؟ – أقبل محمد رويشة للحياة بالكثير من المعاناة، وكانت أمه سنده الوحيد، تدعو له بالتوفيق، ويعطي لها كل حبه وتقديره وطاعته واحتماله، إلى أن ساقت إليه العناية الربانية الأستاذ محمد شرف الذي كان سببا في انتشاله من براثن اليتم والضياع، وفي رعي موهبته الفذة،إلى أن وضع قدمه بالرباط حيث لاحت له آفاق واسعة، فانطلق معانقا آلته ومناجيا أوتاره، في براعة العزف والصوت، وحذق التلوين اللحني،وتجديد الخالدات من الألحان الأصيلة المتواترة عن الأسلاف، والتي أعاد صياغتها من روحه، وطبعها بطابع عصره، فكان له الفضل في صقلها لتحكي عن ملامح الخلق والإبداع، وتبقى رمزا تاريخيا فنيا كقطعة (بيبيو سغوي) نموذجا. – كيف ترى الظروف التي قادت الفقيد إلى ربط مصيره بمصير آلته الوترية؟ – في تربة زيان شب الفنان محمد رويشة وتشبع بأسرارها وألوانها ورموزها، فحمل آلته الأصيلة وسار لمواجهة الآخر، ومناقشته ومخاطبته بالفن والموسيقى، ونقل صورة حقيقية للفن الامازيغي، حيث تمسك بآلته عازفا جرح يتم الأب، وألم الطفولة ودعاء الأمهات، وحدها الموسيقى ظلت معه ملاذا جميلا، يلجأ إليها هربا من الألم الى الأمل، ومن الحزن الى الحياة، ومن الحب الى الجنون،حيث آلته الوترية هي منتهى أحلامه وحياته، وقد علمته الأيام أن الحلم سيظل حلما مالم تتم ملامسته بأصابع واثقة، والموسيقى وحدها اللغة التي تصنع المعجزات، فلا تحتاج الى وسيط، وهنا تحضرني قصيدة فلسفة الجراح للشاعر عمر الطاوسي (أوسان ايوسان) الذي علمه الحرمان معنى البكاء وجعله قويا. – هل لديكم علاقة ببعض الفنانين الآخرين بمنطقة زايان والأطلس المتوسط؟ – في الحقيقة، الفنان العظيم لا بد أن تتوفر فيه خاصية منفردة بسمات لا يشاركه فيها أحد غيره، وإلا فقل لي من هو خليفة شارلي شابلن، ومن خليفة والت ديزني وسيسبل دي ميل… وليس في هذا تقصير من علو الآخرين،ولكن عندنا فنانون كبار بدون شك، من أمثال بوزكري عمران،الحاج نعينيعة، أحمد لويسكي، محمد مغني، محمد الغازي (عروب)، أنيف اوخابا، عزيز ناصيري،محمد لخضر، عزيز أمالو، مصطفى شهبوني،عبدالرحمان زرزوقي، عمر بوتمزوغت، يونس بعمي ونورالدين اورحو، جيلالي كنينو، محمد بيمغرة،لحسن اشيبان،سعيد موجان، الموحميد، عبدالرحمان أعدوش،واللائحة طويلة، غير أن محمد رويشة يبقى نسيجا خاصا،ليس بعزفه فحسب بل بكل مظاهر حياته، ليس بمعنى أن خنيفرة التي أنجبته غير قادرة على أن تقدم لنا مثله، ولكن الأهم أن يكون شيئا خاصا لا نسخة منه. – نعلم أن لكل مسار فني خاصيته، باعتقادك هل نعتبر تجربة رويشة مدرسة استثنائية؟ – المرحوم محمد رويشة وضع العديد من المقدمات الموسيقية لأغانيه،مع لمسات من توزيعاته الموسيقية، ما جعل جمهوره يحب ألحانه وأغانيه دون ملل ولا كلل،حيث عرف كيف يكون فنانا خاصا، ويلملم أفكاره ويجمع حدسه ووعيه بشكل مرهف وساحر،وفي كل كلمة يحضر لغنائها يعلو بخياله إلى أعلى مراتب الإحساس،فمنذ نعومة أظافره وهو ينهل من تراث هذا الوطن ويتابع بقية الألوان الغنائية غير المعروفة، كما يختار بعض القصائد الغنائية العصماء من دواوين شعراء الأغنية المرموقين،من أمثال المرحوم حمو والغازي، حيث قدم الكثير من الأغاني الشجية، ذات الإيقاع المتنوع بصوته المتميز دوما، والحامل لشحنات عاطفية صادقة تشع منها النغمات المؤثرة. ولا جدال في أن المرحوم محمد رويشة استطاع ان يجعل من تجربته الفنية تجربة متميزة بكل المقاييس، ذلك الطفل الموهوب الذي تحمل المسؤولية مع والدته في سن مبكرة ، فولج عالم الفن والغناء، وكانت المعاناة محفزه الرئيسي من أجل الكد والاجتهاد لصقل وتفجير موهبته الفنية، فهو صانع أمجاد آلة الوتر، وسخر حياته لخدمتها بتواضع وحكمة، فأمتع جمهوره العريض داخل وخارج الحدود، وكان له عشاقه من الأمازيغ والعرب والعجم، واستطاع ان يؤطر شبابا و كبارا من محبيه بالكلمة الهادفة والموزونة، ونمّى كذلك الذوق الفني والغنائي لدى أجيال ما زالت تحفظ عن ظهر قلب مجموعة من اغانيه، كما ألهم مجموعة من معاصريه، من فنانين وعازفين على آلة لوتار. – أي نوع من النصوص كان محمد رويشة يحب الاشتغال عليه؟ – نعم، لقد عزف المرحوم محمد رويشة الكثير من النصوص الغنائية، ووضع عليها لمسات من موسيقاه الرائعة،وكانت هذه النصوص لعدد من كبار الأساتذة والشعراء، أمثال عزالدين اخويا، موحا بيبي، سعيد حسني، عمر الطاووس،الحسين العازيز، باجي، مصطفى بن حسين وغيرهم كثير، فألحانه أخذت بصمة عرفها الجميع ولاتحتاج إلى توقيع لكي تعرف أنها للفنان محمد رويشة، فهي كلها توقيع وكلها حس وميزة،عندما أستطاع أن يقدم الكثير من ألحانه في مراحل مختلفة كثيرة هي ومتنوعة حتى تخطى بألحانه كل الحدود فكان المبدع أينما حل وارتحل. – ما سر نجاح قطعة “إناس إناس”؟ – ختم الفنان محمد رويشة مشواره بالقطعة الخالدة “إناس إناس” مستنداً الى محورين هامين، الأول يصبُ في خدمة النص الغنائي بإضافات مبتكرة لجمل لحنية، ذات أبعاد ورؤى موسيقية جديدة متنوعة المقامات والايقاعات،والبعد الثاني جسد من خلاله قدرته الفائقة وتألقه في التعبير النغمي، وتوظيفه لخدمة انفعالاته وأحاسيسه ومشاعره المتقدة المتدفقة الجياشة بشكل متناغم نابض وحي، معتمداً على ملكاته وأدواته الموسيقية الهائلة، فتبدأ الأحداث في أغنياته وتتصاعد (بحبكة موسيقية) وتنتهي بالنهاية التي يختارها من واقع تجاربه الحياتية. وفي سياق قطعة “إناس إناس” التي لقيت نجاحاً وتجاوباً واسعا على صعيد مشهد الغناء الأمازيغي المعاصر، نسمع الجميع في كل مكان يرددون كلماتها، ومن هنا نلاحظ أن ميزة محمد رويشة، تمكنه من استخراج السر الكامن في روح ألأمازيغية/ الكلمة، رغم أن الآخرين يعيشون معها طوال الوقت، ويستخدمونها في كل لحظة في متداولهم اليومي، ولو أنها قد لاتعني لهم أكثر من مدلولها،حيث المرحوم استطاع أن يجعل من الكلمة والمفردة العادية التي لاتثير اهتمام الآخرين شيئاً أخاذاً يثير الدهشة في نص شعري غنائي يعجب الناس كأنهم يسمعون بها لأول مرة، وسوف تكتسب هذه المفردة العادية معنى جديداً من راهن قراءتها في صورتها الشعرية الجديدة التي منحها إياها محمد رويشة. – هل العزف على آلة الوتر في متناول أي كان؟ – محمد رويشة يعشق آلته بتصوف غريب إلى حد الذوبان يغازلها فتغازله، يقترب منها فتلتصق به شغفا وحبا، وهذا الحب أو هذا التوحد جعل منه أشهر العازفين على آلة الوتر، والحكمة قد تكون إحدى صفات عزف محمد رويشة على آلته، الاستغراق في العزف إلى درجة نسيان المكان وربما الزمان والانتقال بالروح إلى حيث الأصابع، فتتحول أصابعه نفسها إلى كتلة من مشاعر حكيمة تتدفق بسلاسة متناهية وتسهل في بناء تقاسيم لا تتكرر كأنما تبني حوارا مصقولا في تتابعها، كل هذا جعل إذاعة “بوسطون” مثلا تقوم بتسجيل بعض المعزوفات للاستشفاء بها بإحدى المصحات بأمريكا، وكذلك بعض المقطوعات لجمعية الإنتاج للموسيقى العالمية. محمد رويشة لم يكن خريج معاهد موسيقية، ولكنه قام بتكوين ذاتي، وعرف كيف يصوغ أسطورته، ورفض تحديد مكان وتاريخ ولادته الفنية بدقة، وبالمقابل أختار الحرص على عدم إخفاء أي شيء في حياته، كان انساناً غريباً، وفنانا شديد التميز، وكان يرى أن حب جمهوره العريض هو أثمن حب لفنان ولد فقيراً وعاش عملاًقا ورحل وحيداً، لم يكن قمة العرش لآلة الوتر فقط، بل شق طريقه بالدم والدموع، واستطاع أن ينتزع المحبة من قلوب الفقراء والاثرياء. – ظهرت خديجة أطلس في حياة رويشة، هل نقول إن صوتها جزء من مدرسته؟ – لقد وجد محمد رويشة رديفه الفني في الفنانة خديجة بويزلوفة الملقبة ب “خديجة أطلس”، ذلك لأنها لا تتعامل مع النص والموسيقى بوصفهما قالبا محايدا لما يردده محمد رويشة، بل أدركت بقوة الحدس والذاكرة المعرفية الموسيقية،وعرفت تفاصيل الأجواء السحرية للإبداع النصي والموسيقي، صاعدة بالتعبير إلى مستويات من التجلي الذي يتوازى مع صعودها المفاجئ الذي لا يقف عند تخوم الأداء، بل يستمد روحا من صعود الجسد الأثيري، وهي تنخلع من أرضية التي تقف عليها لتتميز بانتقالاتها الدائمة من لحن لآخر، ومن تعبير صوتي لآخر، ويمكن القول إن تجربة الفنانة خديجة مع محمد رويشة أثبتت قدرات استثنائية في التعاطي مع مختلف الأنواع الغنائية واللحنية، غير أن تكاملها مع ألحان وأشعار الأستاذ موحا بيبي وعزف محمد رويشة شكلا علامة فارقة في مدرسة الموسيقى الأمازيغية بالأطلس المتوسط. – من المعروف أن رويشة يغني للحياة والانتماء والحب والمعاناة،ماذا عن أغانيه الروحية؟ – مازلت أتذكر مهرجان الموسيقى الروحية بفاس لسنة 2006 الدورة 12 كنت صحبة المرحوم محمد رويشة، وعند بداية وصلته الغنائية، أدى قطعة “التوبة” المعروفة “بجمع المومنين” للشاعر الزجال سيدي عمر اليوسفي الفلالي، خيم الهدوء على المسرح وعلق الحضور سمعهم وأبصارهم نحو العزف والاداء، ما جعل القصيدة تصل سريعًا إلى القلوب وتنفذ إلى الجوارح وتشد إليها العقول بروعة اللحن والعزف، مطلع القصيدة: في إحدى جمل هذه القصيدة “التوبة”، يخيّل للمستمع أن الفنّان وصل إلى أعلى نوتة من طبقته الصوتية العالية التي باتت أصلاً في مجال السوبرانو (الصوت الرفيع عند النساء أو الأطفال)، وإذا به يفاجأ أكثر من مرة، بأنّ ما اعتقده قمة ليس سوى مسند موقت للانطلاق نحو طبقة أرفع ونوتة أعلىً، وفي سماع محمد رويشة وهو ينشد أبيات القصيدة يحس المرء بإحساس خاص بين معانيها حول الوجود والتوحيد والتعلق بمحبة الله، يحاول المرحوم محمد رويشة، الجمع بين مفهوم المقام الروحي والمقام النغمي الموسيقي في أدائه، بالفعل جمع بين المقام الروحي العرفاني الموجود في قصيدة “التوبة” والمقام النغمي الموسيقي في أدائه المتمثل في الألحان المستخرجة من آلته الوترية وجمال أدائه وعذوبة صوته. – ما مدى ارتباط رويشة بكلمات الشاعر الكبير حمو الغازي؟ – شكرا لأنك تذكرت هذا الشاعر الكبير حمو والغازي الذي طاله التهميش والإقصاء، وهو قامة شعرية يصعب على دارس القصيدة الأمازيغية القفزعليها،وحينما تقرأ أية قصيدة لهذا الشاعر تحسبها نثراً، وماهي إلا شعر موزون،وهنا تكمن براعة الشاعر حمو والغازي، وتحضر الوظيفة النفسية والفلسفية أيضاً لتعكس مدى ارتباط الشاعر بمحيطه،حيث يمتد إبداعه ليصنع له، على مدى أربعين سنة، صوتاً متميزاً في سمفونية الشعر الأمازيغي بالأطلس المتوسط، ومن المؤكد أن نستحضر هنا قصيدة “ثّْبَرّْمْ السَّاعْثْ/ أدْ إِسْكْ ابْدُوخْ أَمْزْوَارُ آنْوْ أَعِيلْمْ…الى آخر القصيدة الخالدة. محمد رويشة تحرى صياغات الأغنية الأمازيغية القديمة بأشكالها المختلفة ودقق في شأنها وأطال النظر في تكوينها، متوخيا الاستفادة من روائع التراث الذي خلفه الرواد بالأطلس المتوسط،إذ أنه قام بتنقية الكثير من القطع لحناً وأداء، وعلى ضوء ذلك وضع قدميه على الطريق المفتوح الذي انطلق منه لتطوير عزفه على آلة الوتر، ومن ينصت للقطع الغنائيةلا يجد صعوبة في ملامسة تماسكها وبنائها المقامي البديع، ومنها مثلا “ثبرم الساعث ارعب أونا اور إموثن” و”سيدي ربي جود غيفي” و”أديسك بدوخ أمزوارنو عليم” وغيرها،حيث نلاحظ أن محمد رويشة أضاف إليها أفكارا جديدة وغير مسبوقة، إذ أن كل قطعة من تلك القطع الشعرية (ثيفارث) يمكن أن يعطينا فكرة وافية عن القدرة التي يمتلكها هذا الفنان،ولا تزال هذه القطع الغنائية محتفظة بشبابها وتأثيرها على النفوس وكأنها لحنت بالأمس فقط. – يعلق البعض بعدم وجود إضافات جدية للساحة الفنية، ما تعليقكم؟ – من المؤسف في واقعنا أن الموت وحده يذكرنا برموز ورجالات الفن الأمازيغي المرموقين، أمثال المرحوم محمد رويشة، المرحوم حمو اليزيد، لحسن اعشوش، موحا أوالمودن، المرحوم لحسن ازاي، مولود احموش، عبدالني الكاس،مصطفى العكري،عبدالمجيد امنصور، وغيرهم من المنارات، فكلمة حق لابد أن تقال، وهي وجود قامات فنية تستحق الاحتفاء والتقدير أحياء وأمواتاً، حيث لا نشعر بعظمة من فقدناه، وبمكانته، وبأهميته، إلا بعد موته، وعندما يصبح الوطن منفى، والمنفى وطناً، تكون الطامة الكبرى للمبدعين، وتتحول إبداعاتهم وأعمالهم إلى مقبرة منسية، وهنا وجه المأساة الحقيقية، والأدهى في نجاح الدخلاء في التربع كل على (مواقع كرتونية) واعتمروا الألقاب الطنانة، والأسماء الرنانة.