قال إبراهيم الخطابي ( 319ه-388ه) في «بيان إعجاز القرآن» إن الناس انقسموا إلى طائفتين إذ زعمت طائفة «أن إعجازه إنما هو فيما يتضمنه من الإخبار عن الكوائن في مستقبل الزمان كما زعم آخرون أن إعجازه من جهة البلاغة وهم الأكثرون من علماء أهل النظر، وفي كيفيتها يعرض لهم الإشكال، ويصعب عليهم منه الانفصال، ووجدت عامّة أهل هذه المقالة قد جروا في تسليم هذه الصفة للقرآن على نوع من التقليد وضرب من غلبة الظن دون التحقيق له وإحاطة العلم به».. واضح من كلام الرجل أن الإعجاز القرآني، يأتي من مستوى الاشتغال الدلالي اللغويّ، أي إنّه نصّ له معنى، وهذا المعنى لا يتحقّق إلا انطلاقا من الأداة اللغوية الموظفة في النص. والحال أن المستويين معا يحضران بقوة في النص القرآنيّ. وقد زادت سلطة المقدس من تعميقهما، مما جعل الاعتناء بهما حاضرا طوال مراحل إنتاج الفكر الديني الإسلامي. غير أنّ المرحلة الأولى من حياة النصّ القرآنيّ، تميزت بهيمنة البحث في المستوى اللغويّ، أي بالنّسق اللغويّ الّذي يتأسّس عليه. في حين كان الاهتمام بالمستوى الدلاليّ وما يحمله من تطلّع إلى الغيب والمستقبل حديثا، بعد أن استنفدت الدراسات البلاغية واللغوية كل معينها، وتراجعت بعض الحقائق التي اعتبرت مطلقة فيما يخص اللغة، أمام التطور المهول والمفاجئ للعلوم في سائر نواحي الحياة.
النفس عند ابن سينا يعتقد ابن سينا أن" النفس كمال أول لجسم طبيعي آلي". ويقسم الكمال الى كمال اول وهو الذي يصير به النوع نوعاً بالفعل كالشكل للسيف . أما الكمال الثاني هو أمر من الأمور التي تتبع نوع الشيء من أفعاله وانفعالاته كالقطع للسيف وهذا يعني أن الكمال الأول هو تمييز الشي وتصنيفه بينما الكمال الثاني ما يقوم به الكمال الأول من أفعال . وفي تقدير ابن سينا فان النفس جوهر قائم بذاته ومستقل عن الجسد وهي أعلى مرتبة من الجسد . والشي يكون جوهرياً بمعنى أن لا يكون هنالك عرضاً يلحق بالشيء وأن يكون له وجود مستقل وبذلك فالنفس الانسانية هي التي يمكن وصفها بالوجود الجوهري . والنفس عند ابن سينا منفصلة عن الجسد ولكنها على اتصال وتواصل معه ويقول ابن سينا في كتاب ( الاشارات ) مبرهناً على ذلك : " انك اذا استشعرت جانب الله وفكرت في جبروته , كيف يقشعر جلدك , ويقف شعرك , وهذه الانفعالات والملكات قد تكون أقوى وقد تكون أضعف , ولولا هذه الهيئات ما كانت نفس بعض الناس بحسب الحاجة اسرع الى التهتك أو الاستشاطة غضباً من نفس بعض ". أنواع النفس: يقول ابن سينا ان للنفس ثلاثة وجوه : 1- النفس النباتية قسم ابن سينا النفس النباتية الى وجوه ثلاث : أ- القوة الغاذية : وهي التي تمد الجسم بالغذاء حيث تقوم بالتمثيل الغذائي والشراب كما تقوم بتعويض الجسم ما فقده من خلايا . ب- القوة المنمية : هي التي تزود الجسم بالطاقة ليزداد طولاً وعرضاً وعمقاً . ج- القوة المولدة : هي التي تعمل على التكاثر . 2- النفس الحيوانية : هي التي تدرك الجزئيات وتتحرك بالإرادة ويقسمها الى قوة محركة وقوة مدركة . 3 – النفس الناطقة : وهي التي يتميز بها الانسان عن النبات والحيوان ويعنى بها ( العقل ) وقسمها الى عاملة وعالمة . كتب ابن سينا قصيدة موضحاً فيها كيف أن النفس هبطت من العقل الفعال واتصلت بالبدن، ثم عودتها الى العالم العلوي لتظل خالدة حيث قال : هبطت عليك من المكان الأرفع ........... ورقاء ذات تعزُّزٍ وتمنعِ محجوبةٍ عن كلِّ مقلة ناظٍر ............ وهي التي سفرت ولم تتبرقعِ وصلت على كرهٍ إليك وربما .............. كرهت فراقك وهي ذات توجُّع أنفت وماأنست ولما واصلت ........... ألفت مجاورة الخراب البلقع وأظنها نسيت عهودا بالحمى ............. ومنازلا بفراقها لم تقنع حتى إذا حصلت بهاء ثبوتها ........... في ميم مركزها بذات الأجرع علقت بها ثاء الثقيل فأصبحت .......... بين المنازل والطلوع الخضَّع تبكي إذا ذكرت عهودا بالحمى ............ بمدامعٍ تهمي ولما تقلع وتظلُّ ساجعة على الدمن التي ............ درست بتكرار الرياح الأربع إذ عاقها الشكل الكثيف وصدها ........... نقصٌ عن الأوج الفسيح الأرفع وغدت مفارقِةٌ لكل مخلِّفٍ ........... عنها خليف الترب غير مشيِّع حتى إذا قرب المسير إلى الحمى .......... ودنا الرحيل إلى العطاء الأوسع سجعت وقد كُشف الغطاء فأبصرت .......... ما ليس يدرك بالعيون الهجَّع وغدت تغرِّد فوق ذروة شاهقِ .......... والعلم يرفع قدر من لم يرفع فلأي أمرٍ أُهبطت من شاهقٍ .......... سامٍ إلى قصر الحضيض الأوضع إن كان أهبطها الإله لحكمةٍ ........... طويت عن الغزِّ اللبيب الأروع فهبوطها لاشكَّ ضربة لازبٍ ............. لتعود سامعةً لما لم تسمع وتكون عالمةً بكلِّ خفيَّةٍ .............. في العالمين وخرقها لم يرقع وهي التي قطع الزمان طريقها ............. حتى لقد غربت بعين المطلع فكأنها برقٌ تألَّق بالحمى ............... ثمَّ انطوى فكأنه لم يلمع