من المؤكد أن جائحة كورونا عصفت بالكثير من المشاريع المختلفة أو أجلت عملية إنجازها في تراب مختلف الجماعات المؤثثة للخريطة المغربية، ومن المؤكد أيضا أن المداخيل المالية للصندوق المالي لهذه الجماعات قد توقفت بفعل تدابير الحجر الصحي وما واكبها من كبح للأنشطة التجارية والصناعية والخدماتية، التي تعد عماد الموارد المالية، ومعلوم أن دورات مجالسها أرجئت أو توقفت بقرار من وزارة الداخلية، ومعلوم أيضا أن جزءا من ميزانياتها خصص لمحاربة الجائحة التي حلت بالكرة الأرضية، ما جعل برامج العمل التي سطرتها في السنة الأولى من ولايتها، كما ينص القانون التنظيمي للمجالس المنتخبة، تدخل فترة الشلل التام طيلة أيام الحجر، ومعروف أن ميزانيات الجماعات لابد وأن تصرف وفق تلك البرامج والبنود المالية المحددة لها، لكن كل الأوراق تبعثرت بسبب كورونا والأمور ستزداد تعقيدا مع رفع الحجر بسبب تداعياتها التي سيكون لها تأثير اقتصادي وتدبيري، إلا أن هذه الجماعات وللغرابة لم تعلن، إلى حدود الآن، عن أي تعديل يهم برامج عملها أو ميزانياتها، ولم تتم بهذا الخصوص لا مناقشات ولا مبادرات ولا إجراءات. الحكومة الآن منكبة على تعديلات بخصوص الميزانية ولكن صدى هذا الإجراء لم صل بعد للجماعات وكأنها في كوكب منعزل عن الأرض، زمن ما بعد الحجر سيحدد أولويات جديدة على أرض الواقع ومع ذلك لم نسمع ولو تفصيلا واحدا عن هذه الأولويات، والتي من الواجب أن تعرفها الساكنة لكي تكون مستعدة للتعامل وفقها من جهة، ومن باب الحق في المعلومة من جهة ثانية، مثلا في العاصمة الاقتصادية وفي خضم الجائحة أشعرنا رئيس مجلس المدينة، عبر بلاغ له، أن مصالحه قامت بتحديث الموقع الرسمي للجماعة، لكن حين تتصفح الموقع لن تجد معطيات تفيد المستقبل، أي التدابير التي ستتخذها بعد فترة الحجر الصحي، وكان الرئيس قد خفض منح المقاطعات بنسبة أربعين في المئة خلال بداية انتشار كورونا، ولكنه لم يفصح إن كانت تلك النسبة المقتطعة من منح المقاطعات الستة عشر المؤثثة للعاصمة الاقتصادية ستذهب إلى خانة محاربة الجائحة، أم لتسديد الالتزامات المالية تجاه البرنامج التنموي للدارالبيضاء أم لتسديد الالتزامات المتعلقة ببرنامج عملها المسطر للدارالبيضاء، علما بأن رئيس المجلس اتخذ إجراء الاقتطاع دون الرجوع إلى مصادقة المجلس كما تقتضي القوانين، ولم يثر هذا الإجراء أي احتجاج بحكم الوضعية الاستثنائية التي تعرفها البلاد. بعض المقاطعات سايرت ما قرره الرئيس وقامت بتعديلات تتوافق والستين في المئة المتبقية من منحتها، وبعثت بها للرئيس الذي أحالها للسلطات الولائية قصد التأشير عليها إلا أن الأخيرة امتنعت عن وضع ختم التأشير، بحكم أن الولاية تؤشر فقط على الميزانية العامة الصادرة عن الجماعة الترابية للدارالبيضاء ولا علاقة لها بميزانيات المقاطعات التي يتم تضمينها أصلا في الميزانية العامة، كما أن ما قدم لها لم يكن مرفقا بالميزانية الرئيسية للجماعة مع التعديلات المصادق عليها من لدن المجلس، هذا المثال سقناه لوصف التخبط الذي بلغته بعض الجماعات الترابية، التي لا تتوفر إلى حدود الآن على رؤية واضحة في خطتها المستقبلية وما أفرزته الجائحة من مشاكل ستغير أولويات برامج العمل رأسا على عقب.