تمر بلادنا من مرحلة صحية دقيقة وهي تواجه الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد، وهو ما فرض مجموعة من الإكراهات والتحديات، التي جعلت جلّ الاهتمامات تصب لمواجهة الوباء، علما بأن هناك العديد من الأمراض الأخرى، خاصة منها المزمنة، التي تتطلب هي الأخرى تكتلا للجهود حتى لا تتسبب في مضاعفات وخيمة على المصابين بها. وضعية دفعتنا في الجمعية، وسيرا على نفس النهج الذي تم تسطيره منذ تأسيسها قبل 20 سنة، إلى تنظيم قافلة طبية ستمتد لأسبوعين موجهة لفائدة المرضى الذين كانوا ضحايا للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال سنوات الرصاص، الذين تضاعفت معاناتهم الصحية في ظل وضعية الحجر الصحي، ويتعلق الأمر بفئة من المواطنين تعيش ظروفا صعبة، رغم أنها عانت خلال سنوات الرصاص، ويطالها التهميش، تتواجد في عدد من المناطق المغربية وضمنها الدارالبيضاء الكبرى، التي يوجد بها مئات المعتقلين السابقين وأسرهم، الذين حاولنا ما أمكن زيارتهم في منازلهم، في احترام لضوابط الطوارئ الصحية، في مبادرة موجهة لهذه الفئة الهشة خاصة العائلات الفقيرة، التي تم تسليمها بمساعدة بعض الداعمين بشكل تطوعي مجموعة من الأدوية تتمثل في حصة كافية لمدة شهر بالنسبة لمن يعانون من أمراض مزمنة، إلى جانب الكمامات الواقية والمعقمات والمطهرات، فضلا عن توجيه النصائح المختلفة ذات البعد الوقائي من أجل محاربة هذا الوباء في حياتهم اليومية. مبادرة ذات بعد صحي وتواصلي كذلك حتى لاتحسّ هذه الفئة بأنها وحدها، جاءت في ظل وضعية الحجر الصحي التي جعلت عددا من إمكانيات التواصل صعبة، مع الإشارة إلى أن عددا منهم لا يتوفرون على بطاقة نظام المساعدة الطبية «راميد» فضلا عن غياب مدخول، ولا يتوفرون إلا على نظام «كنوبس»، مما حال دون استفادتهم من المساعدات الرسمية التي خصصتها الدولة للفئات الهشة لمواجهة تبعات الجائحة الوبائية، وهو ما يجعلني أذكّر بهذا الموضوع وبالمراسلات التي وجهناها سابقا من أجل لفت الانتباه. إن بادرتنا ستتواصل خلال هذه الظروف الصحية التي تمر منها بلادنا لفائدة هذه الفئة، وبهذه المناسبة نوجه الشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاحها وضمنهم مجموعة من الأطباء، الذين سخروا قدراتهم المهنية ومستلزماتهم الشخصية لتحقيق هذه الغاية، وهي فرصة كذلك لتوجيه التحية لكل مهنيي الصحة الذين يشتغلون كل من موقعه، للمساهمة في وضع حدّ لهذا الوباء والدفع ببلادنا نحو مستقبل أفضل يتم فيه الاهتمام بالمجال الصحي بشكل أكثر. الدكتور عبد الكريم المنوزي (*) (*) الكاتب العام للجمعية الطبية لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب