ملاحظات مهمة وجب الانتباه إليها ونحن في هذه المرحلة الوبائية لعل اولى تجلياتها التي تترك اهتزازا في نفسية المغاربة ما نلمسه من إرتباك واضح وملحوظ منذ تغييب الدكتور محمد اليوبي عن مديرية الأوبئة بوزارة الصحة عند تقديم نتائج وجديد الحالات اليومية، بموازاة ذلك تبقى وتيرة الكشف المخبري وعدد التحليلات المنجزة والممركزة في الرباط والدار البيضاء والتي لا تحقق بالكاد 350 تحليلة في احسن الأحوال ضعيفة وغير مرضية ولا تعكس الوضعية الحقيقية لانتشار جائحة كورونا – كوفيد 19- مع العلم انه كلما ارتفع عدد الاختبارات إلا ويكون اكتشاف المرض وتطويقه في بداياته الأولى مما يتيح للاطقم الطبية والتمريضية محاصرة تمدد الفيروس والحد من مضاعفاته لذلك فإن الأرقام المعلنة لحدود الساعة بعد 3 أيام من دخول بلادنا لمرحلة الذروة في الانتشار الوبائي الذي أطل علينا بنسبة وفيات تجاوز حدود 6 في المائة يبقى نسبة أعلى من النسبة العالمية من الوفيات (4,5 في المائة) وبالتالي هذا مؤشر يدعو إلى القلق إذا استمرت وتيرة الوفيات بهذا الشكل. ثم إن الإكتفاء بالحجر المنزلي لمخالطي المرضى بفيروس كورونا يبدو لي انه لم يحقق الهدف المنشود على الشكل الذي تم التخطيط له بل ساهم في تعقيد الوضعية الوبائية مع ظهور الحالات المحلية بكثرة وبالنظر لاعتبارات كثيرة يبقى اهمها محدودية ثقافة صحية لدى عامة المجتمع وعدم التزامهم بتوجيهات السلطات الصحية واكتشاف الحالات المؤكدة في مراحل متقدمة من المرض حيث أن الحالات التي يتم تأكيدها في معظمها تكون عرضة لتطور سلبي يقلل من هامش النجاة مع دخول المرضى في وضعية خطيرة لا تستجيب للعلاج في ظل غياب لقاح ناجع بالرغم من كل الجهود الهامة التي تبذلها الفرق الطبية والتمريضية التي تعرضت للإرهاق والضغط في الاسبوع الثاني من المواجهة الأمر الذي يطرح اكثر من سؤال حول عدم الاستعانة بالإمكانيات المتوفرة في القطاع الخاص في هذه الظرفية الاستثنائية التي لوحظ فيها إغلاق العيادات ومغادرة الأطباء للمؤسسات الصحية الخاصة وعدم انخراطهم في اي مبادرة لدعم اطباء القطاع العام في لحظة تستوجب تظافر جهود جميع مكونات المجتمع في ظل انعدم كفاية الموارد البشرية لتحمل ثقل المراقبة الوبائية وندرة الاختصاصيين في الأمراض التعفنية والمراقبة الوبائية وضعف تأهيل مصالح المراقبة الوبائية اقليميا ومحليا إلى جانب ذلك يمكن القول ان حملة " بقا فدارك" تضررت نسبيا بفعل طريقة منح تراخيص الخروج للتسوق التي تمت تحت إكراه الضغط الزمني وعدم تحديد عدد عمليات التسوق (3 خرجات مثلا في الأسبوع باستثناء الحالات الطارئة) التي كان بإمكانها التحكم في حركة تنقل الاشخاص والتوافد على الأسواق بشكل كبير يخفف من مخاطر الاختلاط التي لا تزال بعض الفضاءات العامة تعرفها ناهيك عن ما شهدناه من ارتفاع أثمنة مجموعة من المنتوجات الغذائية الأساسية والمواد الأخرى( مواد النظافة) مما أسهم في خلق حالة ارتباك وعدم الاستجابة لنداء البقاء في البيوت فكانت النتيجة اكتظاظ ومخالطة على نطاق واسع بين المواطنين في ظل عدم التزام اصحاب المحلات التجارية بقائمة الأثمنة واستغلال المضاربين لارتفاع الطلب حول مواد كثيرة ابرزها الكمامات وأدوات التعقيم والنظافة التي تحولت إلى عملة نادرة. هذه الملاحظات وإن كانت تحمل لغة نقدية فإنه وجب التاكيد على الدور الكبير الذي تقوم به الأطقم الطبية والتمريضية والتقنية والإدارية العاملة في القطاع الصحي العمومي والتي تقف في الجبهة الأولى للحرب ضد هذا الوباء بالرغم من كل الإكراهات والمخاطر إضافة إلى أن نسبة مهمة من المجتمع كانت على قدر كبير من الوعي بجدوى البقاء في المنازل بل إنه من حسنات هذه الجائحة ارتفاع في منسوب المواطنة و المسؤولية سواء لدى المواطنين من جهة او لدى السلطات الامنية والرسمية التي اتضح حضورها الملفت والدائم وتحسن كبير في آليات تواصلها وقيامها بدور التحسيس باحترام حالة الطوارئ بالرغم من بعض الاستثناءات التي تبقى حالات عابرة وليدة لحظات وظروف معينة، فيما كان لدينامية جمعيات المجتمع المدني بصمة بارزة في المجال الإجتماعي من خلال التخفيف من وطاة الظروف المادية الصعبة التي تمر منها فئات عريضة تعاني الهشاشة. لتبقى مساهمة الأطر التعليمية بكافة مستوياتها أثر قوي في دعم وتنفيذ حالة الطوارئ بفعل مساهمتهم في ضمان منتوج العملية التعلمية ومواد الدراسة بجهد متسارع لتوفير طرق بديلة من شأنها عدم هضر الزمن الدراسي وتمكين التلاميذ والطلبة من مواصلة مسارهم الدراسي. وهو إجراء ينضاف إلى تدابير اخرى حكومية داعمة للقدرة الشرائية للمتضررين من تبعات الجائحة بما فيهم الفاعلون الاقتصاديون والنسيج المقاولاتي الذي يعاني بشكل كبير من تاثيرات هذه الوضعية التي يمر منها الاقتصاد الوطني والعالمي