«ماهي أوجه القصور والخلل في التشريعات المغربية في ما يتعلق بحماية المرأة؟ وماهو المطلوب من السلطات العمومية لتجاوز ذلك؟» هذا السؤال وجهته «الاتحاد الاشتراكي» للأستاذتين السعدية وضاح المحامية بهيئة الدارالبيضاء وعضو مجلسها وعضو المجلس الوطني لحقوق الانسان والفاعلة الجمعوية التي كرست جهودها لقضايا المرأة، وللأستاذة عتيقة الورزي المحامية بهيئة الرباط والناشطة الجمعوية في العديد من المجالات ذات العلاقة بحقوق الإنسان وخاصة حقوق النساء. كرس دستور 2011 اختيار المغرب لبناء دولة ديمقراطية حديثة يسودها الحق والقانون وانخراط المغرب في المبادئ والالتزامات المنصوص عليها في المواثيق والاتفاقيات ذات الصلة بحقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا. فقد نص الدستور على حظر التمييز وتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة. ورغم التعديلات التي عرفتها التشريعات المغربية ومنها مدونة الأسرة ومدونة الشغل وقانون الجنسية وبعض التعديلات بالقانون الجنائي، فإن هذه التعديلات لازالت لاتوفر الحماية القانونية للنساء وذلك من خلال النصوص وكذلك من خلال الاجتهادات القضائية ذات الصلة. فمدونة الأسرة تنص على أهلية الزواج في سن 18 بشكل متساو بين الفتى والفتاة. إلا أن المادة 20 من المدونة تنص على الزواج دون سن 18 وهذا الاستثناء موكول لقاضي الأسرة المكلف بالزواج بإعطاء إذنه بالزواج دون سن الأهلية. وعلى مستوى التطبيق نجد زواج القاصرات تحت الإكراه من طرف أوليائهن بحيث يحرمن من التعليم، ويكون زواج القاصرات مساهما في الهدر المدرسي وانتهاكا لحقهن في التعليم. - لاتزال المطلقات الحاضنات لا تتمتعن بحق السفر بمحضونها خارج الوطن بموافقة النائب الشرعي للمحضون أو الحصول على حكم من المحكمة طبقا للمادة 179 من مدونة الأسرة ، وهذا يتناقض مع مبدأ المساواة ومع مبدأ المسؤولية المشتركة للأبوين. - يمكن معاينة القرارات القضائية الصادرة بتحديد مستحقات الزوجة والأولاد الخاصة بالنفقة لتجدها ضئيلة ولا تتناسب مع الأوضاع التي كان يعيش فيها الأبناء والمرأة المطلقة أثناء الحياة الزوجية، لأنه يخضع للسلطة التقديرية للقاضي. - إذا كان حق النساء في اللجوء المباشر وعند الضرورة للتطليق بسبب الشقاق، فإن هذا الحق صدر بشأنه اجتهاد محكمة النقض الذي قيده وحرم النساء اللواتي يتقدمن بطلب التطليق للشقاق من الحصول على واجب المتعة الذي يرتبط بتعويض عن جبر الضرر. - وعلى مستوى القانون الجنائي فرغم بعض التعديلات التي عرفها القانون الجنائي، فإن النساء مازلن ضحايا العنف لا يتمتعن بالحماية، ولايزال مرتكب العنف يفلت من العقاب خاصة إذا ارتكب من طرف الزوج وفي بيت الزوجية، فالنساء ضحايا العنف الزوجي يواجهن بضرورة الإدلاء بوسائل الإثبات. بالنسبة لقانون الجنسية، فإن تعديل المادة 6 والتي تنص على منح النساء المتزوجات جنسيتها الأصلية لأطفالهن من أب أجنبي، إلا أنه لا يمكن لهن منح جنيستهن للزوج الأجنبي. أما عن السؤال المتعلق ب: ما المطلوب من السلطات العمومية اتخاذه؟ - هناك تحديات كبرى وهي إعمال مبادئ الدستور 2011 والتي تقتضي بذل الجهود وإرادة سياسية قوية للوفاء بالاتفاقيات الدولية والتي صادق عليها المغرب، وملاءمة التشريع الوطني مع مقتضيات المواثيق الدولية في مجال حقوق الانسان المصادق عليها. - وضع سياسات تستهدف محاربة التمييز ضد النساء. - اتخاذ التدابير اللازمة لتغيير العقليات والمقاومات السوسيوثقافية لمبادئ المساواة بين الجنسين. - التسريع بإصدار قانون خاص يحمي النساء من العنف في الفضاء العام والفضاء الخاص، ينص على تجريم العنف ضد النساء والفتيات واعتباره انتهاكا للحقوق الانسانية للنساء .ينص كذلك على التدابير الحمائية لفائدة النساء ضحايا العنف وكذلك التدابير الوقائية. - التسريع بإصدار قانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز كهيئة دستورية مستقلة طبقا لمبادئ باريس. - إعادة النظر في البنيات التحتية (محاكم الأسرة) لتمكين النساء من الولوج وخاصة النساء في وضعية إعاقة . - التسريع بإصدار قانون يمنع تشغيل القاصرات والتنصيص على سن التشغيل في 18 سنة. - تعديل مقتضيات مدونة الأسرة التي لا تتماشى مع مقتضيات المادة 19 من الدستور والتي تنص على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق. - النهوض بدور وسائل الإعلام في مجال محاربة السلوكات والعقليات التمييزية.