الدكتور مصدق مرابط (*) ساهمت الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد التي أصابت العالم وكذلك الأمر بالنسبة لبلادنا في تسليط الضوء على عدد من الأدوار والمهام الأساسية في المجتمعات والتي قد يكون بعضنا تجاهلها وأغفلها في خضم زحمة الحياة، مما كان يجعل منها مهاما عادية وروتينية، ومن بينها الجانب التمريضي والأدوار الطلائعية لفئات الممرضات والممرضين باختلاف تخصصاتهم وتعددها، ونفس الأمر بالنسبة لأطباء الطب العام. إن طبيب الطب العام انخرط بقوة في مواجهة الجائحة الوبائية، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، دون استثناء وعلى حدّ سواء، لأنه في مثل هذه الظرفية يتم التعامل مع الطب، ليس كمهنة وإنما ككفاح ونضال وواجب وطني لا بد أن يساهم فيه، وأن يتجند ويتواجد في الصفوف الأولى لتشخيص الحالات، بناء على الأعراض المحتملة، في أبواب المستشفيات وأقسام المستعجلات وحتى في العيادات، لتحديد أية حالة مشتبه في إمكانية إصابتها بالفيروس، لكي يتسنى التكفل بها مبكرا ويتم تفادي اختلاطها بباقي المرضى والوافدين للحيلولة دون انتقال العدوى. اليوم يوجد الطبيب العام في طليعة مواجهي الفيروس وعدواه، وتمر الحالات الأولى من أمامه، حتى تلك التي تكون حاملة لفيروس ولا تظهر عليها أية أعراض، مع ما يعني ذلك من احتمال للخطر وللإصابة بالعدوى، مما يفرض التقيد بشكل صارم بالتدابير والإجراءات الوقائية، ويمكنه إذا اكتشف أمرا قد تكون له صلة بأعراض الفيروس أن يحيل المريض على المصالح المختصة للتطفل به، بحسب وضعيته، حيث آنذاك يمكن أن يكون بين أيدي أطباء متخصصين في مجالات طبية أخرى. لقد ظل الطبيب العام صلة الوصل بين كل التخصصات، وكان ولا يزال يشكل الخطوة الأولى في المسار العلاجي، طبيب للعائلة بأسرها، ملمّ بتفاصيلها المرضية وبجزئيات معيشية تجعله مدركا لكل التغيرات وملما بكافة الإكراهات، بحكم القرب الشديد من الصغير والكبير على حدّ سواء. لقد بيّنت هذه الأزمة الصحية من جديد مكانة طبيب الطب العام التي يجب أن يتم تطوريها بما يتوافق وحجم المهام والأدوار التي يقوم بها. (*) طبيب عام