تزامن خروج فرنسا من الحجر الصحي مع تراجع عدد الوفيات بسبب وباء فيروس كورونا المستجد، الذي خلف 70 وفاة جديدة خلال 24 ساعة الأخيرة، مما يعني أقل حصيلة يومية منذ بداية فرض الحجر الصحي. في حين لا يزال 2776 شخصا يخضعون للعلاج بأقسام الإنعاش جراء إصابتهم بعدوى فيروس كورونا بعد أن خلف منذ بداية شهر مارس أكثر من 26 ألف ضحية. هذه الأخبار السارة بفرنسا تزامنت مع بداية أول يوم لرفع الحجر الصحي، التي سيكون رفع القيود بها تدريجيا ومتفاوتا بحسب المناطق، إذ سيجري رفع عدد أكبر من القيود في المناطق المصنفة «خضراء»، أما المناطق «الحمراء» أي الأكثر خطرا، فسيكون رفع القيود فيها محدودا أكثر. وستحاط بتدابير سلامة مشددة من أجل تجنب موجة ثانية من انتشار فيروس كورونا المستجد مستندة إلى تراجع أعداد الوفيات، الذي سجلته العديد من البلدان الأوربية الأخرى، سواء إيطاليا أو إسبانيا، وهي من بين البلدان الأكثر تضررا من هذا الوباء. وستتمكن غالبية السكان من الخروج بعد شهرين من العزل غير المسبوق، الذي تم الالتزام به عموما وأتاح، بحسب السلطات الفرنسية، تراجعا كبيرا للوباء بعد أن خلف عددا كبيرا من الوفيات. لكن الفيروس لا يزال ينتشر في ظل عدم التوصل إلى علاج أو لقاح حتى الساعة، رغم العدد الكبير من التجارب التي تقوم بها المختبرات الفرنسية وفي باقي العالم. المنطقة «الحمراء» تشمل العاصمة باريس وضواحيها وشمال شرق البلاد التي تعتبر مدينة ستراسبورغ أكبر حواضرها. وستبقى بها المدارس الابتدائية والمنتزهات والحدائق العامة مغلقة، مع قيود على المتاجر ووسائل النقل العمومية، والتي سوف يتم الحد من ولوجها في ساعات الذروة فقط للأشخاص الذين يلتحقون بعملهم. ولكن حتى في المنطقة «الخضراء»، «يجب الامتناع عن التفكير بأن كل شيء تمت تسويته» كما يشدد الأخصائيون أنه من الضروري» أن يطبق الناس «إجراءات التباعد، أي أن ينتقلوا من العزل في المنزل إلى سلوكات تحترم العزل، سواء في وسائل النقل العمومية او في المؤسسات الصناعية أو المتاجر التي سوف تفتح أبوابها أمام الناس. وأوضحت شركة السكك الحديدية الفرنسية «اس ان سي أف» السبت أن حركة القطارات ستستأنف تدريجيا، حيث سيكون وضع الكمامات إجباريا بالنسبة للأشخاص الذين يستعملون وسيلة النقل هذه من أجل الالتحاق بمقر عملهم. وعلى الصعيد السياسي، تبنى البرلمان بشكل نهائي النص الذي يمدد حالة الطوارئ الصحية في فرنسا حتى 10 من يوليوز المقبل. مع تدابير تقيد الحريات وترتبط بتخفيف العزل التدريجي، وبينها إقامة «نظام معلوماتي» على الهواتف المتنقلة لتحديد الأشخاص المصابين والأشخاص الذين يتواصلون معهم، وهو موضع جدل نظرا للتهديد الذي يمكن أن يشكله في ما يخص الحياة الخاصة. وتأمل الحكومة في أن يؤدي استئناف النشاط، وخاصة في مجال التجارة، في تحريك العجلة الاقتصادية فيما ستواجه البلاد أسوأ ركود منذ الحرب العالمية الثانية. ولا يزال قطاعا المطاعم والأنشطة الثقافية اللذان تأثرا كثيرا مغلقين في الوقت الحالي، في انتظار معرفة تطور الوباء في الأيام المقبلة. واعتبارا من الاثنين ستوفر الدولة 10 ملايين كمامة لمشغلي قطاع النقل، لتوزيعها على المستخدمين بينها 4,4 ملايين في ضواحي باريس حيث يوجد أكبر تركز ديموغرافي، وكذلك تكتل لوسائل النقل العمومية. حيث الوضع يبدو حساسا لأن قدرة وسائل النقل ستنخفض عملا بقواعد التباعد الاجتماعي. شركة الخطوط الجوية الفرنسية «اير فرانس» ستعمد، اعتبارا من الاثنين، إلى قياس حرارة الركاب الذين لن يتمكنوا من ركوب الطائرة إذا تجاوزت حرارتهم 38 درجة، وسيكون وضع الكمامات إلزاميا للسفر على خطوطها في الأيام المقبلة. وفي كل الأماكن تتزايد الدعوات بفرنسا لاحترام قواعد التباعد الاجتماعي المشددة، والتي ستطلق في أماكن العمل وكذلك في المتاجر، حيث سوف يسمح للمتاجر الصغرى هي الأخرى بفتح أبوابها من أجل استقبال الزبناء. كما عاد حوالى مليون طفل إلى المدارس التي فتحت أبوابها مجددا بنسبة 85% ، حسب السلطات الفرنسية، رغم أن عددا من الأساتذة وأولياء التلاميذ يعتبرون أن وضعية التباعد الاجتماعي لا يمكن احترامها، لهذا فإن العودة إلى المدارس لن تكون إجبارية بل اختيارية. نجاح أو فشل رفع الحجر الصحي هو الذي سيبين المسار الذي سوف تأخذه فرنسا لمواجهة هذا الوباء، إما نحو رفع تام في جميع المناطق أو العودة إلى الوراء، أي إلى العزل الاجتماعي، وهو ما نهجته ألمانيا في بعض مناطقها بعد أسبوعين من رفعه.