1)في غموض الغاية/الهدفية: إن استغلال المنطق السياسي المباشر في بسط المشروع التنموي/النهضوي بالمغرب، وتجذير أسسه،كان سبب(ولايزال) في أكثر من التباس وغموض حول غاياته؟ خصوصا من لدن الحركات السلفية عموما، بل وأجج لدى هذه الأخيرة عدم الاقتناع التام بأي منطق(على عقلانيته وموضعيته) يفصل بين الديني والسياسي، وكل ذلك بحجة أن هذا الفصل يخدم تكتيك الحركات العلمانية، في تأمين فصل حقيقي بين الانتماء الديني والهوية المجتمعية ذات البعد التاريخي/الحضاري، في أي مشروع نهضوي/تنموي في مجمل القول. (=المشروع الشامل وليس غيره). والحال أن هذا شكل(من دون مبالغة) من وجهة أخرى،أحد أهم المعوقات في تكوين وتطوير الوعي الجمعي الضروري لأي نهوض تنموي. هذا الأخير الذي أتت الحركات السلفية الناهضة اليوم،كتعبير عن الخيبة(أي نعم ) في فشله بالرغم من تعدد التجارب السياسية التي خبرها المغرب وقامت على أساس من تحقيق هذا الأمل. 2)في ممكنات التجاوز: وعيه،وفيما أضحى مفهوما»التجاوز»و»البديل» مرادفين(ولو بشكل غير مباشر) للتحديث سيكون لزاما(أو هكذا يبدو) على الحركات الديمقراطية/العلمانية الراغبة في النهوض(وهي واهنة الآن )،أن تأخذ بعين الاعتبار، كل المرتكزات التي قام عليها مشروع الدعوة الدائم إلى صياغة المشروع النهضوي/التنموي المذكور.بل وعليها أيضا، أن تقيس العناصر الداعمة له، المتوفرة(من دون تهافت) ،على سبيل نهوض سياسي يرد الاعتبار لهذا التحدي(=الديمقراطية الشاملة بنيويا لا شكليا)،في حين تردف كل نشاط آخر موازي، فكري/ثقافي يهدف خلخلة البنيات الاجتماعية/الفكرية الخاملة، باعتماد العقلانية في التفكير والمعالجة، لتجاوز كل المعوقات التي يكمن أن تؤسس لوفاتها مبكرا…… 3) في نقض المجتمع الشعبوي: وإذن،وفي ذات السياق. ستبدو(إبان صياغة المشروع النهضوي/التنموي)،مهمة البحث عن هوية،من لدن القوى الديمقراطية الفعلية راهنيا،في أشد ارتباط مع تفعيل شعاري التنوير والنهضة إيجابيا على أرض الواقع ،والبحث (كما هو مفترض) في اجتراح إمكانات قيام المجتمع المدني الفعال، عبر محاولة نقض أسس المجتمع الشعبوي. إن هذه الاخيرة (الشروط والظروف) ،انبنت لا محالة على مدى صيرورة تاريخية متكاملة، منذ الاستقلال السياسي، بموجب ما استلزمه الاستعمار من لجم للاختلافات الفكرية والثقافية لدى الحركات الاستقلالية (وجلها تبوأ مقعد السلطة فيما بعد)……غير أن استحضار التفكير التاريخي (لا النوازعي )، في تقويم التجربة السياسية السابقة وتدبير الفعل السياسي (ومشتقاته:النقابي، الاجتماعي والثقافي ) الآني. عبر تأسيس أنساق ديمقراطية فعالة(إن وجدت) بالمجتمع، من شأنه أن يؤسس لأفق مستقبلي مفتوح، لاستنبات وعي جمعي مطابق، ومجتمع مدني فعال غير متهافت،قادر على حماية الأنساق الديمقراطية المذكورة والمتوخاة، وتجذير الوعي الفعلي المتوخى أيضا، فضلا عن استجلاب مبررات وأسباب النهضة/التنمية في المقام الأخير. *كاتب وباحث