نظمت في بيروت في بحر الاسبوع الماضي ندوة فكرية عن المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري تقديرا لمسيرته الثقافية الإنسانية وتكريما لعطاءاته الفكرية والفلسفية. وأبرز المشاركون في الندوة التي نظمتها (حلقة الحوار الثقافي) برئاسة الاستاذة جميلة حسين وهي الحلقة التي تنظم لقاءات حول مواضيع تحظى باهتمام فكري خاص ما قدمه الجابري للثقافة والفكر العربيين والمكانة التي احتلها من أجل ذلك. وقال الباحث اللبناني عفيف عثمان الذي أدار الندوة إن ثمة إجماع على المساهمة الكبيرة للجابري في الفكر العربي المعاصر، كصاحب مشروع نضالي في النهوض والإصلاح، بحثا ونقدا ومساءلة ونقاشا وسجالا وقدوة. واعتبر مدير مركز دراسات الوحدة العربية(بيروت) خير الدين حسيب أن "الفقيد نموذج معياري للمثقف الملتزم الذي ما فصل في حياته بين الفكر والممارسة". وكشف حسيب عن اعتزام المركز عقد ندوة فكرية في بيروت نهاية العام الحالي تتناول فكر الراحل الكبير ومشروعه العلمي بالدراسة والمناقشة والتقييم، وإحداث جائزة فكرية عربية، تحمل اسم المفكر الراحل وإحداث كرسي للفكر العربي ووقفية باسمه. وتناول أستاذ الفلسفة اللبناني موسى وهبه بعض نظريات الراحل الجابري كإيمانه بأن العلمانية نتاج غربي حصل في ظرف معين ومجتمع فيه كنيسة، في حين أن لا كنيسة في الاسلام حيث كل مؤمن يمارس ايمانه بصلة مباشرة مع خالقه. وأضاف أن الديموقراطية كانت تعني بالنسبة للجابري حفظ حقوق الأفراد والجماعات، وأن العقلانية تعني الصدور في الممارسة السياسية عن العقل ومعاييره المنطقية والأخلاقية وليس عن الهوى والتعصب وتقلبات المزاج. وتحدث الطاهر لبيب المفكر التونسي ورئيس المنظمة العربية للترجمة (بيروت)عن نزعة الجابري الى التأسيس وقال إن هذه النزعة التأسيسية القائمة على السؤال المعرفي تعلن عنها، في كل نصوص الجابري، تقريباً، مفاهيم من نوع التحليل والنقد وإعادة البناء وتجديد القراءة والمراجعة والحفر المعرفي. وأشار الى أن الجابري، كان ممن ناضلوا من أجل التحرر ومن أجل العقلانية والديموقراطية وحقوق الإنسان. ولفت الباحث فرحان صالح من جهته الى مؤلف جابري الأول (العصبية والدولة: معالم نظرية خلدونية في التاريخ العربي الاسلامي) ثم (نحن والتراث) حيث شرع في نقد الفلسفة العربية من خلال أعلامها الكبار. ورأى أن المؤلف الراحل ساهم في تشكيل الآليات الفكرية التي تعمل على تحقيق الذات، كما أعطى العقل العربي، ودون مبرر عقلاني ولا تاريخي، الجنسية القومية. وأضاف أن الجابري شكل مدرسة فكرية يمكن تسميتها بالجابرية، كما أسس لدينامية فكرية وفلسفية جديدة لدى الباحثين العرب، وعمل من أجل مشروع نهضوي عربي.