تتهيأ الاتحاديات والاتحاديون بأقاليم اكادير إداوتنان وإنزكان آيت ملول واشتوكة آيت باها لعقد مؤتمراتهم الإقليمية في غضون الأيام القادمة. ومن المعلوم أن هذه الاستحقاقات السياسية/ التنظيمية تندرج في الدينامية التنظيمية الوطنية التي يعيشها حزب القوات الشعبية على امتداد خريطة الوطن ضمن إستراتيجية سياسية / تنظيمية/ نضالية شاملة، غايتها مواصلة النضال من موقع المعارضة من أجل ترسيخ قيم الحرية والديمقراطية والحداثة ببلدنا وحماية المكتسبات الديمقراطية وترسيخها والعمل من أجل تنمية مستدامة عادلة ومنصفة تحقق لعموم المواطنين شروط العيش الكريم، بعيدا عن أشباح الفقر والإقصاء والأمية والاستغلال بكل صنوفه. إن الانسجام مع هذه الأهداف الثابتة في فكر الاتحاد وممارسته السياسية، وهي المبادئ التي تمنح الاتحاد شرعيته المجتمعية والتاريخية، لا ينفي أن مؤتمرات الاتحاد الاشتراكي بأقاليم سوس ماسة لها ما يميزها عن باقي الاستحقاقات المماثلة التي عاشتها أقاليم المغرب جمعاء. ولعل ما يمنح هذه المؤتمرات تميزها اعتبارات عدة مرتبطة بالزمان والمكان في أبعادهما المادية والرمزية. تنعقد هذه المؤتمرات ضمن سياق حزبي خاص وطنيا وجهويا، سياق يضع المؤتمرات والمؤتمرين أمام رهانات كبيرة في مقدمتها استعادة المبادرة شعبيا وسياسيا، والإسهام الفعال والملتزم في مواجهة كل محاولات الارتداد والتراجع عن مكتسبات شعبنا على المستويين الديمقراطي والتنموي، والانتصار لقيم الحداثة وحقوق الإنسان، والتصدي للمشروع اليميني في نسختيه الليبرالية المتوحشة والأصولية المقنعة. ومما لا ريب فيه أن استعادة المبادرة تقتضي، فضلا عن وضوح الرؤية السياسية، فعالية تنظيمية وانخراطا نضاليا يعيد الإتحاد إلى أحضانه الشعبية من موقع الالتزام بالدود عن قيم المواطنة الحق ة والشاملة. وبما أن سوس كانت المهد الدافئ المعمد بالتضحيات الجسام للحركة الاتحادية على امتداد تاريخ المغرب المعاصر، فإن الاتحاديات والاتحادين مطالبين اليوم أن يكونوا في مستوى تضحيات رواد الحركة الاتحادية بالجهة ومن تلاهم من الجيل الثاني فالثالث اللائي واللواتي قاوموا وقاومن كل أشكال العسف والاستبداد لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة. بفضل تلك النضالات على مختلف الواجهات ( معارك اجتماعية ونقابية، مواقف سياسية، تجارب رائدة في العمل الجماعي والمؤسساتي) أسهم اتحاديو واتحاديات سوس بقسط وفير في النضال الديمقراطي، وقدموا نماذج متميزة في الالتزام بخدمة الصالح العام والاستجابة لحاجات المواطنين وتطلعاتهم، مما قوى ثقة الناس في الاتحاد الذي ظل القوة السياسية الأولى في أهم مدن سوس وحواضرها، كما في جماعات قروية عديدة. نعم لم تنجح كل محاولات تهميش الاتحاد وتحجيمه أو اختراقه وتخريبه أو عزله عن أهل سوس الأوفياء. ولذلك من المفروض في المؤتمرات الإقليمية المقبلة أن تكون فرصا لتجديد التعاقد مع المواطنين والمواطنات، استلهاما للرسالة التاريخية للإتحاد، ومن أجل إنصاف أقاليم سوس وضمان حقها في تنمية عادلة ومنصفة وديمقراطية محلية تشاركية.