يحتل إقليمافران موقعا متميزا على المستوى الجغرافي والبيئي بجهة مكناس تافيلالت، مما جعله قبلة سياحية وطنية ودولية طيلة السنة، باعتبار تنوع المنتوج السياحي المتميز به. فبالإضافة الى هذا الجانب هناك دعائم اقتصادية وفلاحية واجتماعية متعددة تم إغفالها وتهميش دورها التنموي من طرف من أوكل اليهم تدبير الحياة العامة بالإقليم بسبب غياب الحكامة التدبيرية وبعد النظر المستقبلي لحاجيات الاقليم ولانتظارات ساكنته، مما انعكس سلبا على المؤشرات التنموية والاقتصادية، الشيء الذي عمق واقع الهشاشة الاجتماعية بالعديد من مناطقه، خصوصا بالجماعات القروية التي طالها التهميش والإقصاء لعقود عديدة رغم التوفر على الامكانات المادية والمقدرات المتنوعة ( نموذج جماعة عين اللوح) التي كانت من أغنى الجماعات بالمغرب، والتي كانت تقرض اموالها المتحصلة من المداخيل الغابوية لجماعات اخرى على الصعيد الوطني. فإقليمإفران الذائع الصيت وطنيا ودوليا ، أخلف موعده مع التنمية الشاملة به بفعل العديد من العوامل التي أسهمت في عدم إرساء الاسس التنموية على المستوى الاقتصادي والفلاحي والاجتماعي، وكذا على مستوى البنى التحتية المؤهلة لانطلاقة الاقليم على كل الأصعدة، البشرية والمجالية، وكذا في مجال استقطاب العديد من المشاريع الكبرى خصوصا مع التنوع الجغرافي والبيئي والمجالي المميز للإقليم، الذي يضم كل عوامل الانطلاق نحو المستقبل بخطى رصينة ملبية لحاجيات الساكنة ومحققة للمؤشرات التنموية على كل الأصعدة. فالتقسيم الاداري للإقليم الذي يضم جماعتين حضريتين ( مدينتا افران و آزور) وثمان جماعات قروية ( تمحضيت عين اللوح سيد المخفي واد افران بن صميم تكريكرة تزكيت) يتميز بتنوع جغرافي ومجالي وبشري اعطى للإقليم غنى متميزا على أكثر من مستوى ، خصوصا مع امتلاكه لأكبر اتساع غابوي بالمغرب، والذي يضم تنوعا بيئيا ووحيشا متفردا ساهم في ضمان العديد من المداخيل المالية للجماعات المتواجدة به، والتي تكتسب حق الانتفاع من المجال الغابوي، غير أنه للأسف، فرغم ضخامة المداخيل لم تنعكس ايجابا على المؤشرات التنموية ولم تتبلور كمشاريع مسهمة في ارتفاع المستوى المعيشي للساكنة بسبب سوء التدبير والتبذير وغياب الحكامة الجيدة في هذا المجال، الذي عرف احتكارا واسعا من لدن المستغلين و من طرف ناهبي المجال الغابوي، الذين اغتنوا على حساب الارث الوطني البيئي مقابل حرمان اوسع الشرائح الاجتماعية المجاورة للمجال الغابوي من الاستفادة منه، حيث تواجه بعسف الاجراءات الادارية الزجرية السالبة للحرية في العديد من الاحيان. فبرغم كل الامكانات والمميزات الطبيعية والتنوع البيئي لم يوظف كل هذا الرصيد التوظيف الامثل المؤهل لتنمية بشرية حقيقية بسبب المعيقات التي حالت وتحول دون لعب الاقليم لدوره الطلائعي اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، مما همّش دوره وحد من إمكانات التطلع لغد افضل بسبب الدفع نحو التأزم والاندحار والانحصار نتيجة تهميش النخب الاجتماعية القادرة والمؤهلة لقيادة قاطرة التنمية البشرية بالإقليم بسبب تحكم المتحكمين اقليميا في صنع الخرائط السياسية على مستوى تدبير الشأن العام بالجماعات المحلية والقروية، مما فوت عليه العديد من الفرص التنموية بسبب غياب عنصر الحكامة والوضوح والخبرة الميدانية والتصور المتكامل لقضايا الساكنة خصوصا مع سيادة ضبابية التوجه والانفرادية والانتهازية والمحسوبية و الوصولية وغياب المساءلة من طرف سلطة الوصاية التي لعبت دور المتفرج لا غير مما شجع على النهب وعلى الاستغلال المفضوح لموارد الاقليم وإمكاناته، فغياب التصور الشمولي والمتكامل للقضايا والمشاكل المحيطة بإرساء أسس التنمية الاجتماعية و الاقتصادية حول واقع الاقليم الى وضع سمته التراجع وهدر الفرص وتعميق الفوارق الاجتماعية واتساع محيط الهشاشة والفقر والإقصاء ، فغياب الكفايات والقدرات المؤهلة لمواجهة التحديات المطروحة على كل المستويات اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا ومجاليا وثقافيا، أزم الوضع العام بالإقليم كما أزم وضع اوسع الفئات الاجتماعية خصوصا بهوامش المركزين الحضريين ( آزروإفران) ناهيك عن التأزم الهيكلي لأوضاع أوسع الطبقات الاجتماعية بالجماعات القروية بسبب الهشاشة وتنامي مؤشرات الاحتياجات لدى ساكنة العالم القروي نتيجة غياب سياسات اجتماعية مواطنة ضامنة لكرامة وعيش ساكنة العالم القروي إقليميا. فما عاشته وتعيشه ساكنة أعالي الجبال حاليا مع محاصرة الثلوج للدواوير والمداشر وانسداد المسالك بأغلب مناطق الاقليم، عرى الواقع المرير والمعاناة التي يعانيها سكان المناطق المحاصرة خصوصا مع فقدان المواد الغذائية والحياتية لهم ولقطعان ماشيتهم، مما يفرض إعادة ترتيب الاوراق والمواقع والمواقف لدى النخب السياسية الصادقة مع نفسها ومع محيطها ، ومع مايتطلبه الظرف من تجاوز واقع الهشاشة و التردي الحاصل اقليميا بسبب سياسات الاقصاء والتهميش المدبرة للمرحلة الحالية. إن الإقليم لا تنقصه الامكانات البشرية ولا المادية ولا البيئية ولا الاقتصادية ولا الفلاحية ، بل تنقصه إرادة الانتصار للواجب وللضمير المفضي الى تغيير واقع التهميش والولاءات والمصالح الشخصية التي أصابت في مقتل أسس التنمية بالإقليم. فمحطة المؤتمر الاقليمي الثاني كانت محطة تشريحية لكل المعيقات و الاحباطات والانكسارات والتجاوزات التي تمت بحكم سيطرة واقع معاكس لتطلعات الساكنة التي فرض عليها الانتظار في قاعة الانعاش طيلة مدد الولايات الجماعية التي أهدرت عبثا من طرف الانتهازيين ومقتنصي الاعطاب السياسية التي احاطت بتدبير الشأن العام المحلي إقليميا، مما يحتم على مناضلي و مناضلات الاتحاد الاشتراكي إيجاد البدائل والصيغ السياسية الممكنة آنيا لإعادة التصالح مع الواقع ولإعادة بناء صروح الثقة بين الفاعل السياسي والناشط الجمعوي ومع مختلف الشرائح الاجتماعية بهدف إرساء أسس تنموية حقيقية ملبية لتطلعات ساكنة الاقليم التي لا تستحق كل العبث السياسي والتدبيري السائد على اكثر من مستوى. فتشريح الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي وإعادة بناء منظومة الوضع على كل المستويات، سيبقى من الاولويات النضالية لمناضلي حزب القوات الشعبية الذين جسدوا سابقا بالإقليم نموذجا متميزا يمكن الاقتداء به كمرجع في مجال تدبير الشأن العام المحلي من خلال ما اسس له سابقا من حكامة تدبيرية وشفافية تسييرية وصدقية تعاملية مع المشاكل الاجتماعية التي كانت مطروحة انذاك، والتي وجد لها المناضلون الاتحاديون الجماعيون الصيغ الممكنة للحل مما اعطى للتجربة التدبيرية الاتحادية بكل المواقع ، قوة الفعل والممارسة والترسيخ بالوعي الجماهيري اقليميا والذي احاط التجربة بالاحتضان والتقدير لكل المستشارين الاتحاديين بجماعات الاقليم الذين دبروا شؤونها او ساهموا فيه من خلال مواقعهم ، سواء عن طريق تحمل مسؤولية التسيير او من موقع المعارضة الإيجابية ، والأمثلة عن ذلك عديدة بكل من الجماعتين الحضريتين بآزرووإفران أو بالجماعات القروية بكل من تمحضيت وبن صميم وسوق الاحد وتزكيت والتي ساهم المستشارون الاتحاديون فيها بمجهوداتهم واقتراحاتهم وتصوراتهم للنهوض بأوضاع الساكنة بها وكذا شرف مواجهة كل الانحرافات والاختلالات من موقع المعارضة والتصدي لكل الاساليب الوصولية والانتهازية التي طبعت التدبير الجماعاتي بالإقليم بسبب المناخ السياسي العام الذي كان متحكما في الاوضاع العامة اقليميا ، مما أثر سلبا على كل المناحي التنموية وأرسى بالمقابل اسس الولاءات الانتخابية والتبعية السياسية ولوبيات النهش العقاري والنهب الغابوي الممول والمسطر للخرائط السياسية برلمانيا وجماعاتيا وغرفيا ومهنيا ، مما افقد العمل السياسي كنهه ومصداقيته بسبب سطوة المال والمصالح والولاءات وبسبب النظرة التجزيئية النفعية للشأن العام وفق منظور متجاوز ومتحجر اتبع وانتهج خلال عقود عدة من العمل السياسي بالإقليم ،الذي كان سابقا يعتبر محمية خاصة بامتياز للعديد من وجهائه وكل المنتفعين من الكعكة السياسية والاقتصادية به. وبالرجوع الى واقع الاقليم وبرغم ما حقق من تطور نوعي، فإن الوضع العام القائم يتطلب المزيد من بذل الجهود لتجاوز التفاوتات الحاصلة بين مناطقه الحضرية والقروية التي تعيش في عزلة شبه تامة خصوصا مع التساقطات الثلجية الاخيرة، التي حولت حياة العديد من الأسر بالإقليم الى جحيم حقيقي على كل المستويات بسبب تدني درجات الحرارة الى مادون الصفر بدرجات عديدة . فالتفاوتات الصارخة التي يعيشها الاقليم بين مناطقه الحضرية والقروية تدعو الى اعادة النظر في السياسات المتبعة اقليميا وعلى كل المستويات. فبرغم تعاقب العديد من المسؤولين على رأس الاقليم لم يحدث الاقلاع و التطور الاقتصادي المنشود و المنتظر من طرف الساكنة لإقليمهم ، بسبب افتقاد الارادة الحقيقية للانطلاق نحو تغيير الواقع المعيش ، رغم توفر وامتلاك العديد من الامكانات المساعدة على تطور الاقليم باعتباره قطبا سياحيا واعدا ومجالا طبيعيا وبيئيا يمكن ان يستقطب العديد من الاستثمارات في مجال السياحة البيئية والايكولوجية، وبالتالي الاسهام في تحريك الدورة الاقتصادية على أكثر من مستوى ومجال. فالثراء البيئي الذي يضم العديد من الفضاءات الغابوية والبحيرات والأنهار المغذية للسافلة مع امتلاك أكبر خزان مائي بالمغرب لايستفيد الاقليم من كل هذه المعطيات إلا نزرا يسيرا بسبب افتقاره للبنى التحتية المساعدة على الاستغلال الامثل لهذه الموارد المساعدة على تواتر ارتفاع المؤشرات التنموية التي تتطلب مشاركة وتعبئة جميع الطاقات والفعاليات، خصوصا مع امتلاك الاقليم لأحدث جامعة على المستوى الوطني، والتي تظل اسهاماتها بعيدة كل البعد عن الانخراط والانفتاح على المحيط، خاصة مع ما تتوفر عليه من كفاءات علمية في مختلف المجالات المرتبطة بالتنمية المجالية والاقتصادية، والتي باستطاعتها ان تسهم في الدفع بعجلة التنمية بالإقليم من خلال ارساء اسس التعاون مع الفاعلين بمختلف المجالات اقليميا .