لم يكن المهتمون و المتتبعون للشأن المحلي بجماعة فضالات التابعة لإقليم بنسليمان، يتوقعون قيام المستشارين الجماعيين بنفس الجماعة بالتصدي خلال الدورة العادية لشهر فبراير الأخير، لما اعتبروه «سوء التسيير» الذي تعرفه الجماعة، حيث صوت أغلب الأعضاء و من بينهم النائب الثاني والثالث لرئيس الجماعة، ضد الحساب الإداري لسنة 2014 الذي تم تقديمه خلال الدورة العادية التي انعقدت بمقر الجماعة يوم 5 فبراير 2015، والتي حضرها ثلاثة عشر عضوا من أصل 15 ، و تم رفضه بنتيجة 7 أصوات ضده مقابل تصويت 5 مستشارين جماعيين لفائدته. عدم المصادقة على الحساب الإداري المذكور دفع بالأعضاء الرافضين له إلى توجيه عدة رسائل في الموضوع إلى كل من وزير الداخلية ووالي جهة الشاوية ورديغة وعامل إقليم بنسليمان وقائد قيادة فضالات، مذيلة بتوقيع سبعة أعضاء، توصلت «الاتحاد الاشتراكي» بنسخ منها، لتبرير موقفهم وتبيان الأسباب التي جعلتهم يرفضون التصويت عليه، وكذا لمطالبة المسؤولين بالوزارة الوصية على قطاع الجماعات المحلية بعرضه على المجلس الجهوي للحسابات قصد افتحاص مالية الجماعة والتحقيق في التسيير الذي تعرفه. وقد استند الأعضاء، في تبريراتهم، إلى مجموعة من المعطيات التي اعتبروها كافية لرفض الحساب الإداري. ومن بين الاختلالات التي جاءت في شكاياتهم، أن رئيس الجماعة لم يكلف نفسه عناء بعث نسخ من الوثائق المتعلقة بالمداخيل و المصاريف بشقيها التسيير والتجهيز، إلى أعضاء المجلس القروي قبل انعقاد الدورة حسب بنود الميثاق الجماعي رقم 78.00. لكن ما يثير الاستغراب هو أن البيانات المتعلقة بالحساب الإداري، التي تم تقديمها للأعضاء عند انطلاق الدورة مكتوبة باللغة الفرنسية! وأنها غير واضحة و مقروءة. و الأخطر من ذلك حسب بعضهم، أن الرئيس لم يصرح بالمصاريف المتعلقة بالتجهيز أثناء مناقشة الحساب الإداري، حيث اكتفى فقط بذكر تلك المتعلقة بالتسيير بهدف تضليل أعضاء المجلس القروي. و على مستوى مداخيل الجماعة لسنة 2014 فقد اعتبرها الأعضاء جد هزيلة، إذ بلغت حوالي 1.142.000.00 درهم، و قد تم تحصيلها فقط من عائدات كراء السوق الأسبوعي، ومن مداخيل الضريبة على القيمة المضافة ومن الإمدادات الممنوحة من طرف الدولة. علما ، حسب رسائل الأعضاء، أن الجماعة تتوفر على موارد مالية كثيرة ومتنوعة والتي لم يدل الرئيس بأي مبرر واضح حولها، كما هو الشأن بالنسبة لمداخيل الأسبوع الثقافي الذي تم تنظيمه في شهر مايو من السنة الماضية و خاصة تلك المتعلقة بالمبالغ التي تستخلص من أصحاب المحلات الترفيهية كالسرك ومحلات ألعاب الأطفال وحراسة السيارات والدراجات، حيث تساءل الأعضاء في هذا الصدد حول من كان مكلفا باستخلاص تلك الرسوم؟ كما أن تلك المفروضة على منتوج المقالع المتواجدة بالجماعة وعددها ثلاثة جد هزيلة. مما يبين أن هناك غموضا حول المعايير المعتمدة في استخلاص مبالغها. نفس الشيء يمكن أن يقال عن الرسوم المفروضة على التجزئات السكنية المحدثة بتراب الجماعة، حيث لم يتسن للأعضاء معرفة التجزئة السكنية التي التزمت بتأدية الرسوم المفروضة عليها و تلك التي لم تؤد ما عليها. أما على مستوى المصاريف، فإن الأعضاء الذين صوتوا ضد الحساب الإداري استندوا في تبريراتهم إلى مجموعة من المعطيات التي تبين اختلالات التسيير بجماعة فضالات. و في مقدمتها أن المصاريف التي بلغت 7.200.000.00 درهم جد مرتفعة مقارنة مع المداخيل التي بلغت 1.142.000.00 درهم، حيث أن الرئيس لم يدل بالوثائق الأساسية والضرورية لتبرير تلك المصاريف. و كمثال على ذلك، فقد بلغت المصاريف المتعلقة بالإيواء والإطعام والنشاط الثقافي وأثاث التزيين والحفلات 142.000.00 درهم. وهو مبلغ مبالغ فيه لسبب بسيط ، حسب رسائل الأعضاء، هو أن الرئيس لم يدل بأية فاتورة للأداء تبين ذلك ولم يشر إلى المناسبات التي تم صرف الأموال عليها و لا الأشخاص المستهدفين من هذه العملية، و لا عدد وأنواع التزيين و الحفلات التي تمت إقامتها. علما بأن الجماعة لم يتم بها أي احتفال خلال السنة الماضية سوى الأسبوع الثقافي الذي تم رصد مبالغ خاصة له سلمت لجمعية الفروسية. و بالنسبة لمصاريف شراء الوقود والزيوت فقد بلغت 199.998.48 درهما. لكن لم يتم الإدلاء بأية حجة تثبت صرف تلك المبالغ مثل الإدلاء ب«شواهد القيام بمهمة» مؤرخة و مؤشر عليها من طرف الجهة التي توجهت إليها السيارة أو الآلة التابعة للجماعة أو سجل خاص بالتنقل ممسوك لدى الموظف المكلف بصرف المبالغ المذكورة. كما أن المصاريف المتعلقة بشراء معدات معلوماتية و كهربائية لمصلحتي الحالة المدنية والتقنية بما فيها الكاميرات والتي بلغت 157.789.00 درهم، لم يبين الرئيس نوع و عدد المعدات التي اشتراها والتاريخ الذي تم فيه ذلك، وكذلك ثمن كل واحدة من تلك المعدات. نفس الغموض يقال عن مصاريف شراء وإصلاح المعدات المتعلقة بالكهرباء العمومي والتي بلغت ما يزيد عن 99.500.00 درهم؟ كما أن الرئيس لم يبين السيارات التي تم إصلاحها ولا نوع قطع الغيار التي تم استبدالها رغم أن هذا الباب بلغت مصاريفه ما يفوق 166.000.00 درهم! وما أثار استغراب الأعضاء هو المبلغ الذي تم صرفه على الهاتف والذي بلغ 75.000.00 درهم، حيث أنه لم يتم الإدلاء بأية فاتورة أو وثيقة تشير إلى عدد الهواتف النقالة المستعملة، ولا إلى الأشخاص الذين يستفيدون منها. علما ، حسب نفس المصدر، بأن الجماعة تتوفر على 45 هاتفا نقالا. وبالنسبة لمصاريف أجور الأعوان العرضيين والتي بلغت 319.958.76 درهما، فقد اعتبرها الأعضاء مبالغا فيها ، خصوصا وأن الرئيس لم يدل بأية لائحة تبين عدد و أسماء هؤلاء الأشخاص العرضيين، وعدد الأيام التي اشتغلوا فيها و الأعمال التي قاموا بها. وتساءل بعضهم عن الأشغال التي زاولوها ، هل تمت لفائدة الجماعة أم لفائدة الخواص؟ و كذا عن المعايير التي اعتمدت لاختيار هؤلاء الأشخاص العرضيين؟ هذه التساؤلات اعتبرها الأعضاء مشروعة لكون الرئيس امتنع عن التصريح بمصاريف التجهيز، وذلك لأسباب غير معروفة. وبإسقاط الحساب الإداري لسنة 2014 بجماعة فضالات و من خلال التبريرات التي قدمها الأعضاء الرافضون له، يتبين أن هناك غموضا يلف تدبير شؤون الجماعة المذكورة وأن بعض القرارات تتم في غياب باقي مكونات المجلس القروي وخاصة الأعضاء المتواجدين بمكتب المجلس، وإلا كيف نفسر تصويت النائب الثاني والثالث ضد الحساب الإداري؟ الشيء الذي يتطلب من المسؤولين بالوزارة الوصية على قطاع الجماعات المحلية عرض الحساب الإداري المرفوض على المجلس الجهوي للحسابات وذلك بناء على طلب ممثلي الساكنة بالمنطقة و طبقا للمادة 71 من الميثاق الجماعي والمادة 143 من القانون رقم 99 - 62 المتعلق بمدونة المحاكم المالية.