استنجد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية بالبنك الإفريقي للتنمية من أجل التوفر على تشخيص موضوعي للنمو الاقتصادي المغربي، يركز على الإكراهات الرئيسية التي تحول دون تحقيق نمو اقتصادي بالقوة والاستدامة والشمولية المرجوة، بعد أن مرت ثلاث سنوات على ولايته الحكومية. ويظهر أن البنك الإفريقي للتنمية قد استجاب لهذا الطلب، كأحد أهم الشركاء الماليين للمغرب، قبل إطلاق الشغال التحضيرية لبرنامج التعاون الثاني مع هيئة تحدي الألفية بحيث أن هذه الأخيرة كانت لها رغبة على أساس تحليل معمق الاكراهات الرئيسية المعيقة للنمو، وذلك لكي يكون لها تخل إيجابي على النمو وعلى الحد من الفقر ومن الفوارق الاجتماعية. وسجل التقرير الذي قدم مساءأول أمس بالرباط بحضور كل من رئيس الحكومة والسفير الأمريكي بالرباط ورئيس البنك الإفريقي للتنمية وممثلين عن القطاعات الوزارية ووسائل الإعلام، أن المغرب رغم التطورات المهمة التي حققها الاقتصاد المغربي خلال السنوات الأخيرة في ميادين عدة، فإنه يواجه تحديات عديدة. وهكذا رصدت دراسة البنك الإفريقي للتنمية في البداية ثلاث مفارقات في النموذج الاقتصادي المغربي، أولها أن المغرب رغم تحقيقه معدل استثمار يعد من بين أعلى المعدلات في العالم 13.7 في المائة من الناتج الداخلي سنة 2012، يظل معدل النمو دون المعدل المتوقع ويبقى هذا النمو مرتكزا بالأساس على الاستهلاك الخاص والعام. والمفارقة أنه بالرغم من حجم هذا الاستثمار، يبقى التحول الهيكلي للاقتصاد بطيئا ويظل التصنيع ضعيفا، والمفارقة الثالثة يظل القطاع الخاص ضعيف الحركية ويفتقر الى المقاولات الصغيرة والمتوسطة الحجم رغم أن هذه الأخيرة عادة ما تكون الأكثر ابتكارا في بلدان أخرى. واعتبرت الدراسة أن من بين الإكرهات الكبرى في النمو الاقتصادي المغربي هي منظومتا التربية والتكوين حيث اعتبرتها الدراسة هي الحلقة الأضعف في ما يخص تنمية الرأسمال البشري، حيث لا تزال نسبة التمدرس بالتعليم الثانوي والعالي ضعيفة في حين يبقى معدل التمدرس دون متوسط البلدان ذات نفس الدخل. ويتمخض عن هذا الوضع تواجد يد عاملة لا تتقن المهارات العامة والخاصة. وشددت الدراسة كذلك على أن النظام القضائي المغربي يعتبر من بين الإكراهات التي تعيق الأنشطة الاقتصادية، فبالرغم من الإصلاحات المنجزة خلال العقد الماضي بغية تحديثه وتعزيز إطاره المؤسساتي، مازال النظام القضائي يعاني نوعا من البطء في تطبيق المساطر وتنفيذ القرارات، مما يدفع المقاولات المغربية والأجنبية الى تجنب اللجوء الى النظام القضائي. كما أبرز تقرير البنك الإفريقي للتنمية أن إشكالية الولوج إلى العقار الفلاحي والصناعي، تشكل إكراها رئيسيا معيقا للاستثمار الخاص في المغرب ، إذ أضحى الولوج إلى العقار أكثر صعوبة خصوصا مع تعقد الأنظمة العقارية وتنوع قواعد تدبير الأراضي، هذا فضلا عن النظام الضريبي الذي لا يسمح بتوجيه ناجع للاستثمارات، حيث أن المقاولين المغاربة يعتبرون أن الضريبة تشكل عبئا ثقيلا وعائقا يحول دون تنمية أنشطتهم، كما أن التعديلات والإصلاحات المتعاقبة التي همت النظام الضريبي وجعلته محط تأويلات أفقدته بالتالي شيئا من وضوحه ومقروئيته. وحسب التقرير، فقد مكنت هذه الدراسة من تحديد القطاعات المؤهلة لكي تحظى بدعم «هيئة تحدي الألفية» في اطار الميثاق الثاني الذي يشمل الفترة 2016-2021، وهكذا سيتم العمل على بلورة مشروعين باتفاق الأطراف الثلاثة الحكومة والبنك وهيئة تحدي الألفية وهما «تحسين جودة الرأسمال البشري»، و» تحسين حكامة وإنتاجية العقار».