دعا خبراء الصحة الحكومات إلى الضغط على منظمة الصحة العالمية من أجل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة مع شركات صناعة الغذاء، منوهين بأهمية سن قانون دولي يضبط معايير التسويق ويفرض الجودة الغذائية من أجل حماية الأطفال من البدانة وسوء التغذية. وتشير الإحصائيات إلى أن معدلات السمنة في العالم قد زادت بشكل كبير، على الرغم من اتباع بعض البلدان للخطوات التنظيمية الموصي بها حول الغذاء الصحي. وأظهرت دراسة نشرتها مجلة "ذي لانست" الطبية أن معدلات البدانة في السعودية ومصر وليبيا وعمان والبحرين والكويت تخطت المستويات المسجلة في الدول المتقدمة. وأوضحت أن مشكلة الوزن الزائد والبدانة تطال أكثر من 70 بالمئة من النساء اللواتي تخطين سن ال20. وأكد كريستوفر موراي مدير معهد التقييم الصحي في جامعة واشنطن، الذي حلل معطيات مجمعة من 188 بلدا، أن ظاهرة الوزن الزائد والبدانة التي كانت في البداية حكرا على البلدان المتقدمة تطال اليوم 30 بالمئة من سكان العالم، أي ما يعادل 2.1 مليار شخص، يوجد منهم 62 بالمئة في البلدان النامية. وتتصدر الولاياتالمتحدة وبريطانيا وأستراليا قائمة البلدان المتقدمة التي تنتشر فيها البدانة، إذ يعاني 60 بالمئة من الأشخاص الذين تخطوا سن ال20 من البدانة أو الوزن الزائد. 3.4 مليون شخص حول العالم لقوا حتفهم عام 2010 بسبب داء البدانة ولا تقتصر المشكلة على الكبار، بل انتشرت أيضا في صفوف صغار السن، فقد ارتفع عدد الأطفال والمراهقين المصابين بالبدانة أو بوزن زائد بنسبة 50 بالمئة في العالم بين العامين 1980 و2013. وقالت الباحثة ماري نغ التي أشرفت على هذه الدراسة إن "هذا الارتفاع مثير للقلق، فالبدانة عند الأطفال قد تؤثر كثيرا على صحتهم وتؤدي إلى إصابتهم بأمراض في القلب والأوعية الدموية ومرض السكري وعدة أنواع من السرطان". وكانت دراسة نشرت سنة 2012 في مجلة "ذي لانست" قد كشفت أن ظاهرة البدانة والوزن الزائد أودت بحياة 3.4 مليون شخص عام 2010. وللتصدي لداء البدانة يقترح الباحثون أن يكون هناك " تغيير جوهري في إدارة الإمدادات الغذائية، وفي الضوابط على المنافسة التجارية، بالإضافة إلى إيجاد التدابير اللازمة لحماية إمدادات الغذاء الصحي". كما طالبوا في سلسلة دراساتهم التي نشرت في الدورية الطبية البريطانية بعدم ترك "إمدادات الأغذية لأهواء الشركات متعددة الجنسيات، والممولين والمضاربين، بل يجب أن تكون تحت إشراف ضيق التنظيم". وأكدوا على ضرورة فرض ضرائب على المنتجات غير الصحية وتقديم الدعم الذي يجعل الأغذية الصحية في متناول الأسر الفقيرة أيضا. وقالت الباحثة كريستينا روبرتو المشاركة في إحدى الدراسات "لابد من إعادة صياغة فهمنا للسمنة بشكل كامل، إذا كنا نريد أن نوقف زحف وباء البدانة العالمي". وأضافت "نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن الأشخاص يتحملون قدرا من المسؤولية عن صحتهم، ولكن علينا أن نعترف أيضا أن بيئات الغذاء تستغل نقاط الضعف البيولوجي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي لتشجيع الأشخاص على تناول الأطعمة غير الصحية". ومن جانبه قال تيم لوبشتاين، من الاتحاد العالمي لمكافحة السمنة، إن "لصناعة الغذاء مصلحة خاصة في استهداف الأطفال في مراحل عمرهم الأولى، فالتعرض المتكرر للأطعمة السريعة والمشروبات المحلاة يشكل لديهم الأذواق الغذائية التي تتحكم في اختياراتهم للأطعمة عند الكبر". وأكد أن "الأطفال البدناء يمثلون الشريحة الأكثر استهلاكا لمنتوجات الشركات "، مشيرا إلى أن قيمة السوق العالمية للأطعمة السريعة المستهدفة للأطفال قد بلغت حوالي 19 مليار دولار بعد أن كانت 13.7 مليار في 2007.