اجتمع على أبناء الشعب الفلسطيني في هذه الأيام أمران في غاية الصعوبة، وباء كورونا واحتلال واستيطان ومخطط تطبيق صفقة القرن الأمريكية، والتي لا تقل خطورتها عن ممارسات الاحتلال، ومن تعرض للقمع الإسرائيلي يتعرض اليوم لمخاطر الإصابة بفيروس كورونا، الذي بات يحاصر العالم بأسره دون أية مؤشرات على نهايته أو الاقتراب من وجود علاج له. غير أن تبعات الفيروس ستكون أشد صعوبة على ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس وأماكن الشتات مع طول أمد الوباء حيث يعانى الفلسطينيون من ويلات الحرب التي تمارسها سلطات الاحتلال العسكري لتصل بهم الحال إلى مستويات عالية من الفقر والحاجة الماسة لشتى أنواع المساعدات، واليوم مع وجود فيروس كورونا أصبحت الحاجة أكبر والعوز أشد، وخاصة في مخيمات قطاع غزة والضفة الغربية والقرى والمناطق الريفية والتي تعاني من نقص في الإمكانيات والمتطلبات المعيشية. وقد شهدت مدن وقرى ومخيمات فلسطين حالات تكافل اجتماعي بين أبناء الشعب الفلسطيني في ظل أزمة وباء كورونا، من خلال تنظيم عمليات المبادرات الاجتماعية للتخفيف عن المحتاجين، ومنذ انتشار فيروس كورونا حدثت تغييرات في النظم المجتمعية للحياة، فبات ما عرف بالحجر المنزلي الإجباري هو نمط الحياة المعتادة لتظهر حالات التكافل الاجتماعي من خلال توفير منتجات غذائية وتوزيعها على الأسر الفقيرة وكبار السن والمصابين بأمراض مزمنة، حتى يمكثوا في منازلهم، مما يساعد على الحيلولة دون تفشي الفيروس فضلا عن تقديم مساعدات نفسية واستشارات للعمال والموظفين الذين فقدوا وظائفهم في الأيام الأخيرة لتحصيل حقوقهم. لقد كانت التجربة الفلسطينية في مجال التكافل الاجتماعي تجربة غنية وكبيرة، ولها خصائصها المتميزة على مدار السنوات الماضية، فكانت تجربة متكاملة في ظل ممارسات الاحتلال والعدوان ضد الشعب الفلسطيني لتكون هي الوسيلة الوحيدة في دعم الصمود الفلسطيني والتعاضد بين أبناء الشعب الفلسطيني، لمواجهة المخاطر وتعزيز التعاون والصمود ودعم الأسر الفقيرة بالمجتمع الفلسطيني ضمن أطر لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي. ولعل التجربة في ظل الوباء تتطلب مضاعفة الجهود وبذل كل الإمكانيات الممكنة لدعم الأسر الفلسطينية وبات من الأهمية ان تأخذ المؤسسات الدولية دورها بأكثر فاعلية وتوفير السلة الغذائية ومضاعفة جهود وكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لدعم الأسر الفلسطينية المحتاجة وضرورة أن لا يقتصر هذا الدعم على الأسر الفلسطينية من اللاجئين فقط. وعلى المستوى الاقتصادي وخطة العمل الوطنية تأتي أهمية إنشاء صندوق "وقفة عز" والذي شكلته الحكومة الفلسطينية من البنوك والشركات ورجال الأعمال لإسناد الجهود في مواجهة تفشي فيروس كورونا خطوة مهمة لتعزيز آليات العمل، والذي سوف يبدأ أعماله برأسمال أولي يصل إلى خمسة ملايين دولار، وهذا يعد خطوة مهمة لدعم الاقتصاد الوطني الفلسطيني. تأتي أزمة كورونا لتعصف بالحالة الاقتصادية الصعبة أصلًا فتزيدها سوءا، إلا أن بعض الجمعيات الفلسطينية والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية والمنظمات الإنسانية تعمل لتدارك الوضع، بإطلاق حملات إغاثة لتدارك الحالة الصعبة التي نتجت عن وباء كورونا، والمطلوب أن لا يقتصر هذا العمل على المنظمات والجمعيات بل يتعداها إلى المبادرات الفردية من أصحاب الخير ورجال الأعمال العرب، وضرورة تقديم المساعدة لمن يمكن مساعدتهم في ظل هذه الجائحة، ويتطلب هذا الأمر ضرورة العمل على إنشاء بنك المواد الغذائية الدائم لمساعدة الأسر المحتاجة وسرعة انتشاره ليشمل الجميع. سفير النوايا الحسنة في فلسطين رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية in[email protected]