حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    قيوح يشرف على تدشين المركز اللوجيستيكي "BLS Casa Hub" بتيط مليل    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الموساوي, رئيس اتحاد مساجد فرنسا ل الاتحاد الاشتراكي .. الهجمات الإرهابية التي ضربت باريس كانت بمثابة صدمة للمجتمع الفرنسي ككل ولمسلمي فرنسا على الخصوص

محمد المساوي هو رئيس سابق للمجلس الفرنسي للديانة الاسلامية ( 2008/2013) والرئيس الحالي لاتحاد مساجد فرنسا، وهو اكبر منظمات مسلمي فرنسا على الإطلاق, من خلال حضورها الوازن بكل التراب الفرنسي,والتي تدافع عن إسلام معتدل كما هو موجود بالمغرب.
في هذا الحوار, يقدم لنا محمد الموساوي رؤيته لوضعية مسلمي فرنسا باعتباره احد الفاعلين الأساسيين وسطهم، وعن دور هؤلاء الفاعلين والوضع بفرنسا بعد العلميات الإرهابية الأخيرة.
الاعتداءات التي تطال المسلمين بفرنسا
هي في ارتفاع مستمر
منذ 5 سنوات،
وهو ارتفاع يختلف
من سنة إلى أخرى.
وهذا الشهر لوحده
(يقصد شهر يناير
الذي تم فيه الحوار) ارتفعت الاعتداءات وتضاعفت ثلاث مرات,
أي بارتفاع 130 في المائة
}} بصفتك رئيس اتحاد مساجد فرنسا، كيف هو وضع الجالية المسلمة بفرنسا بعد العلميات الإرهابية التي تعرضت لها باريس في 7 من يناير الماضي؟
الهجمات الارهابية التي ضربت باريس كانت بمثابة صدمة للمجتمع الفرنسي ككل ومسلمي فرنسا على الخصوص، خاصة وأن مرتكبي هذه الجرائم البشعة ادعوا تجاوزا وادعاء انهم قاموا بما قاموا به «للدفاع عن الدين والنبي « من خلال تصريحاتهم ، وكل مرة تحدث مثل هذه العمليات و ينظر الى الاسلام كمسؤول عن ذلك. مسلمو فرنسا يشعرون بقرب الاعتداء عليهم وهو ما حدث بالفعل من خلال الاعتداءات على المساجد والنساء المحجبات مباشرة بعد هذه العمليات التي استهدفت شارلي إيبدو.
شاب مغربي تعرض للقتل بجنوب فرنسا ولم تتحدث عنه الصحافة, خاصة وان الجاني تلفظ بألفاظ لها علاقة بالاحداث الإرهابية لأنه تحدث عن الله والإسلام وان الوضع الراهن اثر عليه وارتكب جريمته.
في هذا الإطار وقعت عدة اعتداءات مثيرة على بعض المساجد من إطلاق للرصاص وحرائق وكتابات مشينة ضد الإسلام والمسلمين،ولكن لا بد أن نشير إلى انه مباشرة بعد هذه الأحداث قام رئيس الدولة والوزير الأول ووزير الداخلية في مخاطبتهم للفرنسيين بالتأكيد على عدم الخلط بين الإسلام والإرهاب, وان مسلمي فرنسا غير مسؤولين عن ما وقع, وأنه لا يجب أن نخلط بين المسؤوليات.قال الرئيس الفرنسي إن حرب فرنسا هي ضد الإرهاب وليست ضد الإسلام, وذلك في إشارة منه لضرورة التمييز بين الأشياء أثناء افتتاحه لندوة بمعهد العالم العربي حول التجديد بالعالم العربي الأسبوع الماضي.
طبعا تدخل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند كان قويا بمعهد العالم العربي وهو يسير في اتجاه مختلف تصريحات اعضاء الحكومة الفرنسية،الذين قاموا بتصريحات قوية لعدم الخلط والكراهية, لكن للأسف هناك جهات حاولت استغلال هذا الحدث و أرادت توظيف الحادث واستعمال العنصرية اللفظية ضد مسلمي فرنسا.
}} هل تتوفرون على إحصائيات حول الاعتداءات التي تطال مسلمي فرنسا او ما يسمى بالأعمال المعادية للإسلام؟
عندما كنت رئيسا للمجلس الفرنسي للديانة الاسلامية ما بين 2008 و2013 وقعت على اتفاق مع وزارة الداخلية الفرنسية باسم المجلس من اجل خلق مرصد لإحصاء الاعتداءات التي تطال المسلمين، في السابق كان يتم التمييز بين الاعمال المعادية للسامية والأعمال العنصرية ,وبالتالي لم يكن باستطاعتنا ان نعرف الاعتداءات التي تمس المسلمين دون غيرهم.
وعندما تم توقيع هذه الاتفاقية سنة 2010 لاحظنا ان الاعتداءات التي تطال المسلمين هي في ارتفاع مستمر منذ 5 سنوات الاخيرة ، وهو ارتفاع يختلف من سنة الى اخرى.وهذا الشهر لوحده ( يقصد شهر يناير الذي تم فيه الحوار (ارتفعت الاعتداءات وتضاعفت ثلاث مرات اي بارتفاع 130 في المائة.)
}} بعد هذه الاحداث الارهابية مباشرة هناك بعض الإعلاميين الذين لم يترددوا في تحميل المسؤولية مباشرة لمسلمي فرنسا؟
هذا الامر كان يحدث دائما بفرنسا، ان قانون الجمهورية الفرنسية يتعامل معنا كأفراد، ومن يقترف أي عمل غير قانوني تتم متابعته كفرد وليس المجموعة التي ينتمي اليها، ولا يمكننا في هذه الحالة القول للمسلمين عليكم التعامل كأفراد وعندما يقترف فرد منهم عملا غير قانوني نحاسب الجميع.لهذا فالقانون يتعامل معنا كأفراد, والمعلومات التي نتوفر عليها حسب الجهة القريبة من الملف، تفيد أن الافراد الذين قاموا بهذه العمليات الاجرامية ليست لهم علاقة بالمساجد ولم يمر اغلبهم بأية مساجد إلا تردد بعضهم في حالات نادرة، واغلب هذه الحالات المتهمة بالإرهاب مروا من العمل بالشبكات الاجرامية الى العمل بالشبكات الارهابية. وإذا مر بعضهم بالمسجد لبعض الوقت, فإن الأساس أن هؤلاء تخرجوا من المدرسة الجمهورية ولهم اسر ومروا بمؤسسات اخرى تابعة للجمهورية ,لهذا لا يمكننا القول بتاتا ان المسجد هو من يتحمل المسؤولية في توجههم هذا, بل العديد من مؤسسات الجمهورية التي مروا بها وترعرعوا بها.وعدم تحميل المسؤولية لهذه المؤسسات هو اجحاف وتغاضي عن الواقع.
}} بعد هذه العمليات فتح النقاش من جديد حول الإسلام بفرنسا، وهل يوجد بفرنسا «اسلام فرنسي» او «اسلام بفرنسا» وهو نقاش طرحه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وزعيم المعارضة حاليا.طبعا هذا يجرنا ايضا الى النقاش حول دور المؤسسات الاسلامية في تلقين الدين الاسلامي وهناك من يعتبرها غائبة مثل مجلس مسلمي فرنسا وباقي الجمعيات الاسلامية وكيف يتم بفرنسا استقطاب شباب عبر الانترنيت من طرف مجموعات جهادية من سوريا والعراق واليمين في غياب دور الاسرة وكل مؤسسات الاسلام بفرنسا؟
هذه حقيقة, الشباب من أصول مسلمة لا يترددون كثيرا على المساجد وهذا لا يخص الاسلام فقط بفرنسا, بل باقي الديانات كالمسيحية وغيرها.وتحميل الجالية المسلمة مسؤولية عدم وصولها الى كل الشباب المسلم هو فيه مفارقة كبيرة, فبفرنسا التربية تقع على عاتق المعلم والسلطات العمومية ونطلب من الإمام ان لا يخرج من مسجده.اي دوره هو القيام بالشعائر، اليوم نطلب من الامام كيف يصل الى الشباب خارج المسجد. المؤسسات علينا محاسبتها حسب مسؤوليتها, اي هل الشباب الذي تردد على مسجد او جمعية معينة ادى به ذلك الى الانحراف والإلتحاق بالمجموعات الارهابية ام لا؟ والواقع يكذب ذلك، الذين يترددون على المساجد لم يمسهم الارهاب, بل الاكثر من ذلك المسؤوليات مشتركة، مثلا اكثر من 50 في المائة من الكاثوليك الذين يعتنقون الاسلام يلتحقون بالحركات الارهابية، لمن سوف نحمل المسؤولية، هل نحمل المسؤولية للكنيسة الكاتوليكية عن هؤلاء الشباب الذين ترعرعوا في اطار ثقافة مسيحية يهودية والتحقوا بمنظمات متطرفة.
تحميل المسؤولية الى الائمة في عدم قدرتهم الوصول الى جميع الشباب هو فيه اجحاف ايضا. نحن ايضا نتساءل لماذا يعزف الشباب عن المساجد ويفضل تلقي شعائر الدين عبر حاسوبه، ربما لان اللغة المستعملة داخل المساجد ليست هي اللغة التي ينتظرها ويفهمها.اوربما التعليم الديني غير منظم وهي مسؤوليات حقيقية لا بد من تحملها.لكن لا يمكن ان نحمل كل المسؤوليات للمؤسسات الدينية لوحدها.
}} وكيف تفسر عجز مؤسسات الإسلام الفرنسي عن الوصول إلى هؤلاء الشباب، هل ذلك في نظرك يعود إلى طرق عملها او ارتباطها بالبلدان الأصلية, هناك تفسيرات متعددة تعطى لذلك، لكن بصفتك احد مسؤولي الإسلام الفرنسي كيف تفسر ذلك؟
لا بد أن نعترف أن اغلب الأئمة الموجودين بالمساجد غير مكونين بشكل جيد لكي يصلوا إلى الشباب الذي ترعرع بفرنسا،لكن ظاهرة عزوف الشباب عن المؤسسات الدينية وتفضيله لمؤسسات اخرى مثل المواقع الالكترونية هي ظاهرة تمس المسلمين وباقي الديانات، لان العولمة اليوم جعلت من التدين سلوكا انفراديا، وأصبح الشاب اليوم يريد اختيار كل شيء بشكل فردي ويتعامل مع كل شيء كبضاعة موجودة بالسوق ويختار منها ما يشاء.وهذا يجعل المسؤولية هي مسؤولية الجميع سواء المؤسسات الدينية او غير الدينية. مثلا في ضواحي المدن الفرنسية او الضواحي الفقيرة كانت توجد بها في السابق مؤسسات دينية وجمعوية قوية تقوم بتأطير الشباب وتعليميه العديد من الامور، مثل الجمعيات الكاتوليكية والشيوعية الفرنسية. اليوم اختفى كل هذا من الساحة. وكانت هذه المؤسسات تعلم الشاب كيف يعبر بشكل حضاري وقانوني داخل مؤسسات الجمهورية ويعبر الشباب من خلالها على مطالبه، اليوم هناك فراغ تام في هذا الجانب.
ظاهرة العنف اليوم التي نشهدها بأوربا ليست جديدة، فقد سبقها العنف اليساري، حيث اننا نتذكر في الستينات والسبعينات جماعات راديكالية يسارية باسم الفوارق الطبقية والدفاع عن العمال قامت بعمليات ارهابية, الكل يذكر الألوية الحمراء وغيرها من المنظمات المتطرفة العنيفة بأوربا.
اليوم الارهاب الذي يتم باسم الإسلام، هو عمل من طرف مجموعات تستقطب اليوم كل من أراد ان يصفي حساباته مع المجتمع الذي يعيش فيه ويتم استعمال الإسلام في هذا الإطار.
}} نلاحظ ايضا ان مسلمي فرنسا لا يتوفرون على نخب إعلامية وثقافية لها دراية بالمشهد الإعلامي الفرنسي وبالرأي العام، ولها قدرة على الرد والجدل حول قضايا تمس الإسلام او حول كتابات وأعمال روائية تمس الاسلام، بماذا تفسر هذا الغياب؟ كما نلاحظ ايضا ان الردود تكون في مواقع وفي عوالم ليست لها علاقة بما يوجد في فرنسا ، من وسائل اعلام بعيدة عن هذا المشهد والواقع بفرنسا؟
تاريخ الهجرة المغربية بفرنسا هو خاص، بدأ بهجرة عمالية في منتصف القرن الماضي, حيث كانت تبحث عن عمال يتم البحث عنهم في المنطقة المغاربية وافريقيا جنوب الصحراء، وتم فقط استقطاب عمال للقيام بعمل يدوي وشاق ولم تكن هناك نخبة وسط هذه الجالية. والهجرة الطلابية جاءت بعد ذلك بعقود، والجالية المسلمة تحتاج الى وقت اكثر من اجل خلق وتكوين نخبة خاصة بها بفرنسا مثل باقي الاقليات التي تتواجد بفرنسا منذ قرون. والمقارنة التي تتم بين الجالية المسلمة والجالية اليهودية هي غير صحيحة، مثلا الجالية اليهودية تنظمت منذ قرنين مند 1808 في عهد نابليون وكان رجال الدين موظفون مع الدولة. الديانة الاسلامية جاءت بعد قانون 1905 الذين يفصل الدين عن الدولة، ولم تعد الدولة تتحمل مصاريف التدبير او التكوين للديانات. الوضع كان مختلفا للجالية المسلمة التي كانت فتية وليست لها القدرات للتنظيم والتكوين وما يتم حتى الان مازال في بدايته. المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية عمره 10 سنوات، ولا يمكننا ان نقارنه بباقي المؤسسات التي لها قرنان او اكثر.
المثقفون من اصول مسلمة لا يدافعون عن هذه الاقلية بتلقائية, بالإضافة الى ان عددهم قليل, بل ان بعضهم يعتقد ان الهجوم على الاسلام هو الطريق للترقي الاجتماعي والفكري بفرنسا.
والجالية المسلمة بفرنسا سوف تحتاج الى الوقت من اجل تنظيم نفسها، وتكوين نخبتها الفكرية والإعلامية ومن يدافع عن ثقافتها.
}} في السنوات الاخيرة تطورت بفرنسا سلوكات العنصرية والثقافة الانطوائية والخوف من الآخر،ونلاحظ ان الكتب ذات الطابع العنصري اصبحت تحقق مبيعات استثنائية، مثلا «الانتحار الفرنسي» لاريك زمور حقق اكثر من نصف مليون نسخة في المبيعات، كتاب ويلبيك «الاستسلام» حول افتراض ان رئيس مسلم سيحكم فرنسا في طريقه الى تحقيق نجاح كبير، كيف تفسر هذا الاتجاه العام بفرنسا بصفتك فاعل جمعوي ومثقف مقيم بفرنسا منذ عقود؟ هل هذه الظاهرة فرنسية ام اوربية,أي ارتفاع قوة الحركات الفاشية والمتطرفة سياسيا، الانطواء على الذات والخوف من الآخر, بصفة عامة وخاصة الاسلام؟
الظاهرة التي ذكرت لم تعد خاصة بفرنسا، بل تمس عددا من الدول الاوربية مثل المانيا، الحركات الشعبوية عرفت نموا في اطار ازمة اقتصادية واجتماعية قوية. في السابق كانت العنصرية تمس الاجنبي بصفة عامة، اليوم مع بروز الاسلام في الساحة العمومية خلق النقاش حول الهوية بأوربا وبدأ البعض يتساءل هل هذه الهوية الجديدة والبارزة والقوية سوف تطغى على الهوية الأوربية, هذا الخطاب التخويفي يؤثر على بعض المواطنين الذين يعتبرون ان العولمة اثرت على مستواهم الاقتصادي وسوف تؤثر على هويتهم الثقافية ايضا.
المسلمون عليهم ان يطمئنوا المجتمع الفرنسي، فهم في مجتمع لا تحكمه القوانين فقط ,بل العادات ايضا الاجتماعية التي لها تأثير, لهذا فحتى بعض الاشياء التي يسمح بها القانون يجب التفكير في رد فعل المجتمع عند رؤيته لها.
}} اي ان بعض المسلمين مسؤولين عن بعض ردود الأفعال السيئة التي يعيشها المجتمع الفرنسي؟
طبعا البعض يعتقد انه يعيش منعزلا عن باقي المجتمع. ونعرف انه داخل المجتمع ليس هناك فقط القانون, هناك العلاقات الاجتماعية التي يتحكم فيها التعايش والتآخي اكثر من القانون. واذا اخذنا شعار الجمهورية: المساواة، الحرية والإخاء. يسهل عليك وضع قانون لدعم المساواة والحرية, لكن لا يمكنك القيام بذلك لمبدأ الاخوة بين الناس والمواطنين، هو امر يحتاج الى جهد المواطنين فيما بينهم وليس الى قانون لتحقيقه داخل المجتمع. وعلى مسلمي فرنسا ان يحسسوا الآخرين ان الاخوة تنبعث منهم تجاه الآخرين, من مواطنيهم والى بلدهم فرنسا.
}} هناك شباب من اصل مسلم بفرنسا رفض القيام بدقيقة صمت لصالح ضحايا شارلي ايبدو، بل هنا من اشاد عبر الانترنيت بهذه الهجمات، كيف يمكن تفسير ذلك؟
هي حالات نادرة في اعتقادي ويجب شجبها ,ليس هناك مبرر لتشجيع هذا النوع من السلوكات. واي شاب مسلم بفرنسا يجب ان يكون له احساس تجاههم وتجاه آلام عائلاتهم بعد ما اصابهم.وان يقتسم شعور الضحايا وعائلاتهم. وهذا الحق الادنى للمواطنة.ولا يمكننا ان نبرر ما قاموا به, لكن في نفس الوقت علينا فهم اسباب هذا النوع من السلوكات.
سلوكات بعض الشباب لها تفسير آخر، هو رفض كل انواع السلطة كيفما كانت بما فيها الابوية، سلطة المدرسة. لهذا هذا الرفض هو احيانا تلقائي دون التفكير في العواقب, وهناك بعض الشباب مدفوعين الى هذه الممارسات من طرف بعض الجهات, ونحن كمسلمين بفرنسا علينا ان نشجب مثل هذه الظاهرة.
}} هناك تعاون بين المغرب وفرنسا في تكوين الأئمة، كيف يتم هذا التعاون بصفتك مسؤولا عن احد اكبر جمعيات المساجد بفرنسا؟
قضية تكوين الأئمة أصبح اليوم تحديا كبيرا بفرنسا، بالإضافة الى الجانب الأمني والاستخباراتي والقانوني الذي اقترحه الوزير الاول مانييل فالس على البلد. هناك جانب تكوين الأئمة والمرشدين الدينين داخل السجون وهو تحدي آخر، والتجربة المغربية في هذا المجال مهمة خاصة بعد فتح معهد محمد السادس لتكوين الائمة والمرشدين والمرشدات. هذه الخبرة المغربية الجميع يريد الاستفادة منها من كل انحاء العالم، من مالي الى تونس وقطر والامارات والكويت وحتى الشيشان،كلها ترغب في الاستفادة من هذا التكوين. ونحن بدورنا كجمعيات فرنسية «اتحاد مساجد فرنسا « طالبنا الاستفادة من هذا التكوين من خلال قبول شباب ولد بفرنسا وتشبع بثقافتها للتعلم في هذه المؤسسة. لأن بعض الائمة رغم معرفتهم الدينية ليس لهم إلمام بالواقع الفرنسي وبالمجتمع الفرنسي وخصوصياته.وبعد التوفر على عدد كافي من الائمة نهدف الى اطلاق معهد بفرنسا يقوم بهذا التكوين الديني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.