إذا كانت الأزمة التي تسببت فيها جائحة فيروس “كورونا” (كوفيد-19) قد خلفت تداعيات سوسيو-اقتصادية ثقيلة، فإن هذه الوضعية الاستثنائية أدت بشكل مباشر إلى تنمية الروح الإنسانية والتضامنية التي تسم ساكنة مدينة آسفي، باعتبارها قيما ثابتة تجمع بين مكونات المجتمع المغربي قاطبة. فمنذ دخول حالة الطوارئ الصحية حيز التطبيق، أبان سكان حاضرة المحيط عن مستوى عال من المسؤولية وتعبئة مكثفة من أجل الحد من الآثار السوسيو-اقتصادية لهذا الوباء وتجاوز الإكراهات والتخفيف من معاناة المواطنين جراء هذه الأزمة العالمية. وفي هذا الصدد، تعددت الحملات التضامنية بمبادرة من جمعيات رياضية وفاعلين في المجتمع المدني، وكذا مواطنين عاديين، في مشهد يجسد لسلوك مواطن واعتزاز بالانتماء، عبر مجموع تراب إقليمآسفي. ولقيت هذه المبادرات استحسانا واسعا من لدن ساكنة آسفي، من قبيل تجربة طبيب يقترح، في هذه الظرفية الاستثنائية، تقديم فحوصات طبية مجانية لفائدة المواطنين الذين ينحدرون من أوساط معوزة. ويتعلق الأمر بالدكتور طه بنجلون المعروف من قبل الجميع، بمبادراته الخيرية سواء في الظروف العادية أو في أوقات الأزمات. وفي مبادرة أخرى نموذجية، قام مواطن ينحدر من مدينة آسفي بوضع مغسلة في أحد أزقة المدينة، قصد تمكين المارة من غسل أياديهم كإجراء وقائي لتفادي انتشار العدوى. من جهة أخرى، أشاد المسفيويون باللاعب الدولي المغربي عبد الرزاق حمد الله، الذي قرر التكفل ب1000 أسرة معوزة، في مشهد خيري لاقى إشادة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي مشهد آخر جاب مواقع التواصل الاجتماعي، قام شباب ينحدرون من حي “الجريفات”، انخراطا منهم في جهود مكافحة فيروس “كورونا”، بصناعة كمامات يدوية، مع السهر على توزيعها بشكل مجاني على المارة. بدورهم، انضم مشجعو فريق أولمبيك آسفي لكرة القدم إلى الجهود التضامنية وقاموا بإطلاق عملية جمع تبرعات خصصت لشراء مواد غذائية أساسية وتوزيعها لفائدة الأسر المعوزة. وأظهر مشجعو الفريق المسفيوي، مرة أخرى، أن الرياضة تشكل قبل كل شيء، محركا حقيقيا للقيم الإنسانية أكثر من كونها مجالا للمنافسة وحيازة الألقاب. من جانبه، أشرف النادي الملكي للدراجات النارية لآسفي على توزيع 100 قفة تحتوي على مواد غذائية أساسية لأسر معوزة تنحدر من إقليمآسفي. واستهدفت هذه المبادرة أجراء توقفوا عن العمل نتيجة للوضعية الاستثنائية التي يمر بها المغرب. ويتعلق الأمر بعاملين في الحمامات وورشات صناعة الفخار ونادلي المقاهي والمطاعم والأرامل. وفي نفس المنحى، قامت جمعية الألفية الثالثة للمقاولين الشباب بتوزيع 360 قفة تتألف من مواد غذائية أساسية لفائدة أسر معوزة بإقليمآسفي. واستهدفت هذه المبادرة التضامنية الأرامل والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى النساء المطلقات بالوسطين الحضري والقروي. ولم تتردد ساكنة آسفي في التنويه بالجهود المبذولة من قبل الأطباء وعمال النظافة وقوات الأمن وأعوان السلطة، الذين يوجدون في الجبهة الأمامية، في الليل كما في النهار، لصون الأمن الصحي للمواطنين ورفاهيتهم. ولئن كانت هذه المهام النبيلة نابعة من أداء الواجب الوطني، فإنها تعبر عن تفاني وتضحيات هؤلاء الأبطال لمواجهة الصعوبات والمخاطر المرتبطة بهذا الوباء ومواجهة التحديات التي يفرضها هذا الظرف الدقيق، وذلك بهدف تمكين المملكة، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من التغلب على هذا الوباء في أقرب وقت ممكن. يذكر أن ساكنة إقليمآسفي أبانت عن التزام تام وانخراط تلقائي في إجراءات وتدابير حالة الطوارئ الصحية التي دخلت حيز التطبيق بالمملكة للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19). واستجابت الساكنة، منذ الساعات الأولى لانطلاق تطبيق حالة الطوارئ، لنداء المكوث في المنازل وعدم الخروج إلا في حالات الضرورة القصوى كالعلاج والتبضع أو الالتحاق بمقرات العمل بالنسبة للموظفين.