جرت العادة، عندما تكون بلادنا وجها لوجه أمام جائحة طبيعية، أو ظاهرة اجتماعية سلبية، أن تستعين ب»البراح»، في الأسواق والشوارع، وهو شخص يتمتع بشخصية كاريزمية،فهو معروف لدى الناس، وله حظوة ومصداقية، وتأثير وقدرة على مخاطبة الناس على قدر عقولهم وبلكنتهم..بأسلوب مبسط موجز بليغ. ينزل البراح إلى الدواوير أو المداشر أو الأحياء أو الأزقة، ب»نفاره».يبسمل، ثم ينفخ نفختين مدويتين، تصمان الآذان، وتجعل الناس ينظرون إليه بعيون جاحظة، متلهفين لسماع جديده.ويخطب في الناس باسم السلطة الحاكمة بعد أن يدعو لها: «آعباد لله ما تسمعوا غير الخير» ويكررها مرتين.ثم يدخل الموضوع لبسط الرسالة التي انتُدب من أجل إبلاغها، وتتضمن النصح بالاقلاع عن كذا أو الحث على جهاد المستعمر أوالتوعد والتلويح بالضرب بيد من حديد عند التعنت والعصيان لأوامر وتعليمات.ويختم بقوله» ها ودني منكم.دنوب كل واحد على راسو.والحاضر منكم يعلم الغايب». وحديثا، وفي زمن وباء كورونا، الذي يجتاح ليس بلادنا فحسب، وإنما العالم بأسره،يحصد الأرواح ويخلف مدنا برمتها خاوية على عروشها، ظهرت وسيلة أخرى تعزز دور وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية ومواقع التواصل الاجتماعي، متمثلة في شخص «البراح» .غير أن هذا الأخير يختلف من حيث الشكل عن براح الأمس.فمن المعروف أن دور البراح قديما، كان يؤديه رجل معروف في الأوساط بالضرورة، نظرا للقيم والعادات المحافظة.وكان يتبعه جوقة من الأطفال،وكان لايتوقف عن المشي، إلا ليجهر في الناس برسالته، ثم يستأنف السير حاملا نفّاره. أما اليوم، فإن «البراح»، قد يكون شابا أو شيخا أو شابة عازبة أو متزوجة أو أرملة أو مطلقة، ماهمّ. الأهم هو التبيلغ، وجعل الناس يتنبهون، ويكونون في حالة تأهب واستعداد لأمر جلل .وقد يحمل «البراح» بيده المكبر الصوتي، أو يكون هذا الأخير مثبتا على سطح سيارة الشرطة او مطلا من نوافذها وهو لا يغادرها، أويكون ماشيا يجوب الأسواق والأحياء والأزقة والشوارع، وخلفه ثلة من رجال الأمن وأعوان السلطة وبعض الصحافيين. ولقد تتبعت خطابات التحسيس للبراحين الجدد، وجمعتها، ووزعتها على جوانب مختلفة من مناحي حياة الإنسان المغربي. جعلت أولها الجانب الأمني، وفيه يقول البراح مايلي، مخاطبا الناس بعاميتهم: «أيها المواطنين، ابقوا في ديوركم.ما تخرجو خير ليكم.كورونا راه عدو ما تايبان، ويقْدر يمْحينا من الوجود إذا ما كنا على بال. الدولة تتْدير للي عليها واكثر. الاصابات اللي تسجْلت، ما كانت تتْسجل لو ما العْناد دْيال بعضْ المواطنين، لُو ما الجَهل دْيال بعضْ المواطنين.بهادْ الاستهتار وهادْ التهور، غادي تعمرْ المقابر، وغادي تسد على خاطرها . وآالناس، وآبقاو فْ ديوركوم/ والله اللي خرج بلامُوجب، بلا ما تكون عندو شهادة ترخيص بالخروج من المقدم او الشيخ، والله حتى يمشي للحبس، وللي مسافْر بسيارتو والله تتمشي للفوريان. وآالناس ، اشدو الارض، تقيدوا بالتعليمات .الدولة راه خدامة.لايحسب لكم كاينا السيبه. وفي الجانب الصحي، يقول البراح»: «ابقاو فْ ديوركم آلمغاربة، خليوا مسافة الأمان بيناتكم.عنداكم تتزاحمو.راه فْ الزحام تتكون العدوى.كُنّا تنْقولو لشي واحد فْ إطار المزاح»اعطني شبر ديال التيساع»، مع كورونا خصنا نقولو اليوم: اعطيني 2 مترو او مترو ديال التيساع. ديرو يدّيكم على فّامكوم إذا اعطستو إذا اكحبتو.وإذا استعملتو مشوار أو كلينيكس، ماترمِيوْه فْ الارض، رمِيوْه ف البركاسة أو طارو تزبل. باش ما يتْعَدى ناس أخْرين.خَصْكوم تْعوْدو تغْسلو يدِّيكم كل خطْرة بلالكول إذا عندكوم، أو بالصابون إذا مسِّيتو شي حاجة ، فركوا يديكم مزيان، وعنداكم تمسّو وجاهكوم.صْبابتكوم حطوها قدّام باب الدار، وغْسلو السّوميلة بجافيل، ولبْسو شي حاجة. وإذا ممكن، غيّرو حوايجكوم أو دوْشو إذا ممكن. ما تبوسو ولادكوم ما تخليوْهم يبوسكم. الكمامات والصباعات، تيسْتعملها المريض، واللي ما مريض، ما عندها باش تنفعو. خصكوم تعارفو أن الفيروس فيها، تيْبقى 10 ايام وفي اليد 10الدقايق.وحتى إذا استعملتوها، بعد 3 السوايع ارميوها في البركاسة». وفي الجانب الاجتماعي، يقول البراح: « ابقاو فْ ديوركم آلحباب، فْ هاد الوقت، تفرض علينا ما نخرجو من ديورنا.باش نحدّو من العدوى.نصبرو شويا راه كلْنا في كورونا سَوا.ربي ساوى الرْيوس، ولكن قادر سبحانه وتعالى يفرجها.بالنسبة للناس اللي عندهوم خدمة رسمية ومدخول قار، يتعاونو مع جيرانهم اللي ما خدامين، اللي مّواقفية.هادي شدة وتزول.والله تيْوصي على الجار.والله تعالى تيقول: الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.نتعاونو مع بعضياتنا.والدولة راه تدرس كيفاش تعْتق هاد الناس. آخُّوتي راه دوام الحال من المحال.غآيْفوت كورونا باش مّا اعْطى الله.وتبْقى هاالتعاويد.وسعداتك أفاعل الخير.» وفي الجانب الاقتصادي ، يقول البراح: « ابقاو ف ديوركم آالناس، ما كاين علاش تتزاحموا.السلعة موجودة فْ السوق.ماخصكوم تبيّنوا اللهطة.كل مواطن من حقو بوطاغاز واحدة وبثمنها المعروف.تقدّاو بالقياس.السلعة اللي تتباع بزايد، قاطعوها أو بلغوا صحاب الوقت.ما تتْزاحمو في الصيدليات ووكالات تحويل الاموال أو الحوانْت او الابناك..شدو الصف ثلاثة بثلاثة، وبين كل واحد واحد مسافة الامان، الله يخليكم، باش ما تكون العدوى. وفي الجانب السياسي، يقول البراح: «» ابقاو فْ ديوركم آعباد الله، وا بقوا فْ ديوركم.ما تسمعو للمحرضين اللي تيقولو خصنا نصليوْا في المساجد، أو خصنا نخرجو باش نحتجو على الدولة لأنه ما عندنا ماناكلو، او خصنا نخرجو للشوارع نقراو اللطيف .ما نسمعو للناس اللي تيقولو كورونا مجرد إشاعة.آعباد الله ابقاو ف ديوركوم. راه السلطة اللي اعتقلتو ف الخارج، راه غا تضربو بشهر حتى ل3شهور وغرامة من300 درهم حتى 1300 درهم، والمحرضين كتحكم عليهم بتهمة المساس بأمن الدولة. وفي الجانب النفسي، يقول البراح: « نوصيكم آخّوتي المغاربة على الصبر.كورونا اعطانا فرصة نراجعوا فيها نفوسْنا، ننْتابهو للجارنا ونتعاونو معاه إلى ما عندو خدمة.ندخلو للكوزينة نساعدو عيالاتنا في التنظيف والتعقيم والتهوية، ونتفقدو آش خاص ف البيوت ديالنا إلى كنا ما تندخلو لعند ولادنا حتى تينعسو.نْتْشغلو بالبريكولاج فْ الدار..نصاوْبو قفل.. نصلحو شرجم.نجلسو مع ولادنا نقريوْهم، نوريوْهم مواهبْنا سواء ف الرسم او المطالعة او الشطرنج، نعلموهم كيفاش يتعاملو مع الازمة، نلعبو معاهم في الهاتف في الطابليت، نسمعو للنكت على كورونا فْ مواقع التواصل والاخبار الجديدة،كاين ف الدراري اللي مايبغى يقرا وما يبغي يفهم أنه ماشي ف عطلة، وكاين الكسول وكاين المعكاز اللي تيموت على النعاس وكاين اللي تيدير الحركة بزاف، ما نضربوهم ، نتمالكو أعصابنا، ما نخلقو جو اللي يأثر على المزاج والسلوك ديالهم، ومن بعد مايمشي مرض كورونا يخلي لنا وليدات مراض نفسيا،معصبين عدوانيين. الناس الكبار اللي مولْفين الخْروج يلْعبو ضامة او يجلسو فْ مقاهي التِّرسي او ف الحدائق العمومية، عارفين شحال صعيب يتحمْلو الكْلاس فْ الدار، يحْسن عْوان الاولاد والعيالات مع التوبيخات والطلبات اللي ما تتقادا .المهم نديرو جهدنا ونصبرو وما نخليوا جو ديال الاكتئاب يسيطر في بيوتنا». وفي الجانب الروحي يقول البراح: « ابقاو ف ديوركم، حاولو تْصنتو للقرآن ،هادي فرصة اللي ما تيْصلي يصلي ويذكر الله، ويْعارف أن الدنيا آفات وجوائح، وأن الدنيا اختبار لصبر المومنين، كثّْرو من الاستغفار.تصنتو للموسيقى الهادئة وخاصة بلا كلمات تعلمو من الانترنيت لغة أو رياضة مثل اليوغا.. وفي الجانب الإنساني، يتوجه البراح إلى الأفارقة المهاجرين، بالقول:»اخوتنا الأفارقة، مرحبا بكم في بلدكم الثاني المغرب. كرونا تيقتل الجميع، ماتيفرق بين الأجناس او الأعمار… خصنا نتحدو ضد هاد المرض المعدي. المطلوب تبقاو فديوركم، ونضابطو للتعليمات. الجامع بين هاته الخطابات التوعوية، هو: «آالناس آالمغاربة ابقوا ف ديوركم» للحد من خطر وباء كورونا، حتى لا يحصد مزيدا من الضحايا قد يكونون في القريب العاجل نحن أو زوجاتنا أو أطفالنا أو أحبابنا ومعارفنا، من يدري؟