اختفاء مشاهد التحرش بالنساء والبلطجة، احترام الأسبقية في صفوف الانتظار ونظافة الشوارع… في ظل أجواء عصيبة/استثنائية غير مسبوقة، عنوانها الأكبر الخوف والخشية من تفشي فيروس كورونا المستجد وما تقتضيه الظرفية من يقظة وحذر شديدين، تصبح القراءة المتأنية لبعض «نقط الضوء» الثاوية داخل مسلسل «القتامة « هذا ، بمثابة طوق نجاة للانعتاق – ولو مؤقتا – من عقال التشاؤم «اللاإرادي» الآخذة دوائره في الاتساع هذه الأيام. «نقط ضوء» ترتدي أكثر من لبوس وتتمظهر على أكثر من صعيد، نحاول، هنا، التوقف عند بعضها. من «إيجابيات» حالة الطوارئ الصحية المفروضة، على امتداد جغرافية بلادنا، بجهاتها ال 12، المتباينة التضاريس، بحواضرها وقراها، أن العديد من الشوارع والفضاءات العامة، استعادت جزءا غير قليل من نظافتها المفقودة طيلة عقود من الزمن، رغم ملايير الدراهم المهدورة في صفقات تفويض تدبير قطاع النظافة ، في أكثر من مدينة، لشركات ظل معظمها عاجزا عن ترجمة الأهداف المنصوص عليها في كناش التحملات أثناء إبرام اتفاقيات التفويض مع مدبري الشأن المحلي، في ما يخص التغلب على «مواطن الأوساخ» وتراكم الأزبال وما تنفثه من سموم تهدد سلامة الصحة العامة. فالالتزام بالبقاء داخل المنازل والبيوت وإغلاق المقاهي والمطاعم وغيرهما من أماكن تشكل «التجمعات البشرية»، كان لهما الوقع البين في النقص من وتيرة التحرك والتنقل وما يتولد عنها، عادة، من رمي المخلفات، بشتى أنواعها، في قارعة هذا الشارع أو ذاك الفضاء. نقص حركة طال، أيضا، مجال وسائل النقل المختلفة ما أحدث «انفراجا «ملحوظا في ما يخص درجة نقاوة الهواء المستنشق في بعض المدن – العاصمة الاقتصادية نموذجا – التي يعاني قاطنوها من وطأة التلوث المسبب للعديد من الأمراض تعلق الأمر بالربو أو ما شابهه. يلاحظ، كذلك، وتفاديا للازدحام، بروز «ظاهرة» احترام الصفوف – إلا في حالات نادرة – المنتطرة أمام الصيدليات، المخبزات، الوكالات البنكية، المحلات التجارية والمرافق الإدارية … في وقت كان العديدون يعتبرون مسألة التقيد بالحد الأدنى من النظام واحترام الأولوية داخل» طابور» معين لقضاء غرض ما، أمرا ينقص من «مكانتهم» ويخدش «وضعيتهم»، لكن هاجس احتمال الإصابة بعدوى «كورونا»، صالح هؤلاء، بالرغم منهم، مع سلوك مدني راق، نأمل أن يتحول، في المستقبل القريب، إلى قاعدة تطبع تصرفات غالبية المواطنين بدل أن يبقى حبيس الاستثناء ؟ في سياق محاولة «القبض» على «حسنات» المرحلة، نشير إلى أن العديد من المظاهر الشائنة، التي كانت تشكل عنوانا معيبا ل «اليوميات المجتمعية» داخل غالبية المدن ، كما هو حال العربدة والبلطجة والاعتداءات على المارة من قبل منحرفين وقطاع طرق، قد تراجع منسوبها، شأنها شأن الملاسنات النابية لأتفه الأسباب في أكثر من حي سكني أو أثناء وقوع حادثة سير مثلا. كما لم تعد العين ترصد – مرغمة – مشاهد التضييق على النساء والفتيات و«التحرش» بهن، سواء في الطريق العام أو أثناء امتطائهن لوسائل النقل المختلفة. لقد أفلح «الرعب» من فيروس «كوفيد 19»، في الحد من تصرفات «مرضية» شتى، عجزت العديد من «الوصفات» والقوانين عن الحيلولة دون تفشيها المضر بالفرد والجماعة؟