سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المخابرات الأمريكية تكشف عن الدوافع التي دعت إسبانيا للتخلي عن الصحراء المغربية : الملك خوان كارلوس يروي القصة كاملة من خلال كتاب ألفه خوصي لويس دموفيلا
كشفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ،من خلال الوثائق التي رفعت عنها السرية ،عن الدوافع التي جعلت إسبانيا تتخلى عن الصحراء المغربية التي كانت تحتلها. وأوضحت هذه الوثائق أن الملك الإسباني خوان كارلوس الذي كان أميرا حينها،لعب دورا مهما في هذا الملف، من خلال اتصالاته وتنسيقه في مدريد مع السفير الأمريكي ويلز ستابلر،إذ وافق على تسليم الصحراء إلى المغرب، في مقابل الدعم الأمريكي الذي سيحصل عليه ليصبح ملكا للبلاد.
كشفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ،من خلال الوثائق التي رفعت عنها السرية ،عن الدوافع التي جعلت إسبانيا تتخلى عن الصحراء المغربية التي كانت تحتلها. وأوضحت هذه الوثائق أن الملك الإسباني خوان كارلوس الذي كان أميرا حينها،لعب دورا مهما في هذا الملف، من خلال اتصالاته وتنسيقه في مدريد مع السفير الأمريكي ويلز ستابلر،إذ وافق على تسليم الصحراء إلى المغرب، في مقابل الدعم الأمريكي الذي سيحصل عليه ليصبح ملكا للبلاد. وتطرقت الوثائق إلى الأوضاع التي شهدها العالم آنذاك والتي كانت تعاكس المصالح الأمريكية، بعد انتصار ثورة «القرنفل» في البرتغال. إذ اقترب الشيوعيون وفق هذه الوثائق، من أن يصبحوا جزءا من الحكومة في إيطاليا، في الوقت الذي كانت تنهار في اليونان الديكتاتورية العسكرية، في حين كان الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو يسيطر على البلاد. الوثائق السرية للمخابرات الأمريكية وفق ما نشرته العديد من وسائل الإعلام العالمية، تفيد أنه في عام 1975 تم إطلاق مشروع سري لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ،غايته انتزاع مقاطعة إسبانيا الثالثة والخمسين، أي الصحراء، لأنها ليست فقط منطقة غنية بالفوسفاط والحديد والنفط والغاز، ولكنها ذات قيمة كبيرة على المستوى الجيوستراتيجي. ورأت أن عدم الاستقرار في إسبانيا، بسبب مرض الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو شكل عاملا أساسيا في تنفيذ عملية المسيرة الخضراء التي شارك فيها أزيد من 350 ألف مغربي. وحسب هذه الوثائق، فإن خوان كارلوس الأول، الذي أصبح أحد المقربين للولايات المتحدة ، كان يرسل معلومات سرية عن جميع الحركات التي ينوي فرانكو القيام بها في إقليم الصحراء. ووفق وسائل الإعلام ،فإن خوان كارلوس قام بهذه الخطوة على أمل حصوله على الدعم الأمريكي اللازم ليصبح حاكما للبلاد بعد وفاة فرانكو،وكان على اتصالات مباشرة آنذاك بالسفير الأمريكي في إسبانيا ويلز ستابلر، الذي كان له اتصال مباشر بالبيت الأبيض ومع رئيس وزارة الخارجية هنري كيسنجر، الذي بعث برقية إلى السفير الأمريكي في مدريد يقول فيها: «يجب التعامل مع جهات الاتصال الخاصة بك مع الأمير بأقصى درجات التقدير، هذه التقارير ذات قيمة كبيرة للولايات المتحدة، وسنبذل قصارى جهدنا لضمان التعامل معها بشكل مناسب في المستقبل». هذه الوثائق كشفت أنه في 31 أكتوبر 1975، تولى خوان كارلوس القيادة بالنيابة بسبب مرض الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو، وكانت إحدى أكثر القضايا إلحاحا التي يجب معالجتها هي قرار الملك الحسن الثاني بتنظيم المسيرة الخضراء.إذ ترأس خوان كارلوس أول مجلس وزراء له، وأظهر عزمه على توليه المسؤولية المباشرة في قضية الصحراء،كما قام بإرسال رجل ثقته مانويل برادو وكولون إلى واشنطن لكسب الدعم الأمريكي، وبالتالي تجنب الصراع مع المغرب الذي قد يكلفه تاجه الذي طال انتظاره. وتبرز معطيات المخابرات الأمريكية توسط كيسنجر مع الحسن الثاني ، وفي النهاية تم توقيع الاتفاق السري الذي سيقدم به خوان كارلوس الصحراء إلى المغرب، في مقابل أن تصبح الولاياتالمتحدة حليفته وداعمة له في السلطة، وبذلك نظمت المسيرة الخضراء في 6 نونبر 1975 وكان كل شيء على استعداد وتنظيم مسبق، خاصة أن الولاياتالمتحدة وفرنسا تواقتان لاستعادة المغرب للصحراء، في إطار عدائهما للاتحاد السوفياتي الذي كان حليفا للجزائر وجبهة «البوليساريو». وتؤكد الوثائق أن خوان كارلوس اتفق مع الحسن الثاني على شروط تسليم الصحراء، حيث اتصل السفير الأمريكي في إسبانيا بواشنطن وأبلغها أن مدريدوالرباط اتفقتا على أن المتظاهرين لن يدخلوا سوى بضعة أميال في الصحراء، وأنهم سيبقون لفترة قصيرة على الحدود ، حيث لا توجد القوات الإسبانية، وسيسمح خوان كارلوس لوفد مغربي مكون من 50 شخصية من الدخول إلى المنطقة. رواية أخرى تضمنها كتاب ألفه خوصي لويس دموفيلا يونغا بتعاون مع العاهل الإسباني خوان كارلوس ،يكشف أسرار اللحظات الأخيرة لإسبانيا في الصحراء، تقول إنه في يوم 14 أكتوبر من سنة 1975، ألمت وعكة صحية بالجنرال فرانكو،إذ أصبح يشعر بألم كبير في الصدر ويجد صعوبة في التنفس وطبيبه الشخصي، الدكتور بوزيولو، يخاف أن تكون الأعراض الأولى لداء السداد. للاستشارة والتأكد من الأمر، طلب مساعدة الدكتور كريستوبال فيلافيردي، رئيس مصلحة القلب بمستشفى « لاباز « وهو صهر الجنرال. استعد الدكتور فيلافيردي لإجراء تخطيط كهربائي لقلب والد زوجته، إلا انه كان مصرا على أن يتم كل ذلك ليلا وفي سرية تامة، حتى لا يُعرف نبأ تدهور صحة الجنرال في الخارج. أحضر إلى «باردو» فريق أطباء من اختياره للسهر باستمرار على صحة فرانكو. كما تم نقل كل المعدات الطبية الضرورية ليلا، لأن فيلافيردي كان يرفض نقل والد زوجته ثانية إلى «لابازا «، لأنه سيتعذر عليه عندها الحفاظ على سرية تدهور صحة مريضه. يوم 6 أكتوبر، كانت الأزمة الكامنة التي رهانها الصحراء الإسبانية، تنفجر بشكل واضح. فالملك الحسن الثاني يهدد باجتياح الأراضي التي يحتلها الجيش الإسباني على رأس آلاف المغاربة، سلاحهم الوحيد رايات المملكة الشريفة. إنها» عملية المسيرة الخضراء»، بموازاة مع الأزمة السياسية، كان مرض فرانكو يزداد خطورة يوما عن يوم. إصابة قلبية، نزيف وإصابة في المعدة. كان الألم يغزو الجسد المنهك للديكتاتور. تعيش الحكومة حالة اضطراب، لم يعد أرياس يعرف ما ينبغي أن يفعله، يضغط عليه العديد من الوزراء لتعيين دون خوان كارلوس على رأس الحكومة مرة ثانية. «حين قرر الملك الحسن الثاني تنظيم عملية المسيرة الخضراء ، يقول الملك خوان كارلوس»، من المؤكد أنه كان يشك في أمر ما، لكن لا أعتقد أنه كان على علم بأن فرانكو يحتضر، ولا أعتقد أنه يمكن القول بأن الحسن الثاني كان يستغل الظروف، لقد كان التوتر بين الرباطومدريد أكبر من ذلك. لقد كانت الفترة فترة استقلال في العالم ككل، وكان دورنا قد جاء. فمحكمة لاهاي أصدرت حكمها بخصوص الصراع، وتم الاعتراف للمواطنين الذين كانوا يعيشون تحت المراقبة الإسبانية بالحق في تقرير مصيرهم. لكننا في مدريد، لم نكن نعرف كيف ينبغي أن ننهي الأمر، كانت الحكومة منقسمة بين خيارين،واحد يؤيد التفاهم بسرعة مع المغرب وسحب جنودنا، والخيار الثاني كان ينزع نحو الطروحات الجزائرية، التي ستصبح بعد ذلك هي طروحات البوليساريو. كان الصراع على أشده». وأوضح كارلوس أن «المغاربة مقاتلون أشاوس، وأنه هذه المرة لم يكن على رأسهم عبد الكريم معين، بل ملك ذكي جدا، استراتيجي جيد وديبلوماسي نبيه في الوقت نفسه. لست متأكدا، إلا أ ني أعتقد أن فرانكو، لو كان مكاني، لتصرف بحكمة دون التورط في معركة استعمارية كنا سنجني منها توبيخا عاما،كما أن الجنود الإسبان كانوا في حاجة دائما إلى الإحساس بأنهم تحت قيادة. لم يكن الحال كذلك. كان يبدو أن الحكومة غير معتادة على غياب فرانكو على رئاسة الدولة. والجنرال غوميز دو سالازار، الذي كان يقود الجيش الإسباني في الصحراء، كان منشغلا بنفسه عمليا. إلا أنه فهم أنه لا مفر من إنهاء الاستعمار وقد تقبل الأمر. بالإضافة إلى ذلك، ما كان سالازار سيتساهل لو تعرض جنوده لأي عنف. عندها قررت أن أتكلف شخصيا بهذا الملف – يشرح الملك خوان كارلوس – فقد كنت رئيسا للدولة من جديد، إلا أن الشروط كانت مغايرة هذه المرة. خلال صيف 1974، لم أفعل شيئا آخر سوى ما كان دوغول يسميه « افتتاح الأقحوان «. وخلال أكتوبر 1975، كانت الوضعية حرجة . وكان علي أن أتخذ قرارات بالغة الخطورة. فمنذ مرض فرانكو، عرفت إسبانيا فراغا في السلطة لا جدال حوله، لم يتجرأ أحد على فعل شيء، لم يتجرأ أحد على التحرك، ولا أن يتحمل أدنى المسؤوليات. فجمعت في «لاسارسويلا»، بالإضافة إلى رئيس الحكومة ووزير الشؤون الخارجية، كل قادة أركان الجيش. أخبرتهم بأنني سأركب الطائرة صباح الغد واتجه إلى العيون، أصيبوا بالذهول. صرخ وزير الشؤون الخارجية بيدرو كورتينا: «لا يمكنكم الذهاب إلى هناك! «إلا أنني شعرت أن العسكريين، رغم التزامهم الصمت، كانوا يؤيدون قراري. قلت لهم عندها: «اسمعوني جيدا: إن فرانكو يشرف على الموت، وأنا الوريث… لمزاولة المهام! سأذهب إلى العيون لكي أوضح لغوميز سالازار ولرجاله ما ينبغي أن نفعله وكيف سنفعله. سننسحب من الصحراء بشكل منتظم وبعزة نفس. ليس لأننا انهزمنا، بل لأن إسبانيا لا يمكنها إطلاق النار على حشود من النساء والأطفال العزل». ونحن في العيون، يضيف خوان كارلوس كنا نرى، دون حاجة إلى منظار، حشودا كبيرة ترفع الأعلام الخضراء. ولم تكن تنتظر سوى الأوامر للتقدم حتى أفواه رشاشاتنا. وأؤكد أنه كان بإمكاننا أن نرى في الصفوف الأمامية النساء والأطفال أكثر من الرجال. كنت مقتنعا أننا إذا لم نتراجع، فإننا سنرى أمام أعيننا مذبحة رهيبة… بمجرد أن حللت بالعيون، نصحت الجنود و أنا أوضح لهم بأنه لا يمكننا إطلاقا أن نتخلى بسرعة عن مواقعنا، ولا يمكننا، من جهة أخرى، أن نطلق النار على هذه الحشود من الناس الذين كانوا يتقدمون عزل تجاهنا. لذلك فإننا سنتفاوض حول الانسحاب في ظل شروط تكون مشرفة لنا. أعتقد أنني سمعت تنفسا للصعداء من طرف الجميع. كنت أعلم أن الرباط ستتعرف بسرعة على فحوى خطابي. بمجرد عودتي إلى مدريد، ترأست مجلسا للوزراء انعقد على وجه السرعة. قلت لبيدرو كورتينا: «سأتلقى مكالمة هاتفية من ملك المغرب، يخبرنني من خلالها أنه سيوقف المسيرة الخضراء. «نظر إلي وزير الشؤون الخارجية في ذهول». وعن قناعته بإقدام الملك الحسن الثاني بالاتصال به ،يقول ملك إسبانيا، كنت أعرف ذلك قبل سفري إلى العيون، إني أعرف العرب، إنهم يحبون «المبادرات الطيبة»، وأجمل المبادرات بالنسبة إليهم هي تقدم القائد لجنوده. ثم كررت قولي لبيدرو كورتينا: «نعم، سيطلبني الملك الحسن وسيفعل ذلك لتهنئتي. والآن أيها السادة – قلت لبقية الوزراء- عليكم أن توضحوا لي ما ينبغي أن أقوله لملك المغرب. فهذا دوركم وليس دوري». شرعوا في التفكير في ما ينبغي أن أقوله للحسن لثاني، فجاءني عون خدمة ليخبرني بأن ملك المغرب يطلبني على الهاتف. بمجرد أن أمسكت السماعة، قال لي الحسن الثاني: «إني أهنئكم على مبادرتكم. الآن يمكننا أن نتناقش بكل هدوء». ثم أوقف الحسن الثاني المسيرة الخضراء بصفة نهائية. اتهمنا البعض، بعد ذلك، بأننا انسحبنا من العيون بسرعة وبطريقة غير منتظمة. إنه خطأ كبير. لقد كان غوميز دو سالازار رجلا حذرا وشديد التدقيق في التفاصيل، كان يعمل على إنجاز مهامه بشكل جيد وكان يكن احتراما كبيرا لجنوده. بناء على ذلك، ففي هذا النوع من العمليات حيث لا يكون لدينا الوقت المطلوب، فلا بد من حدوث بعض الهفوات دائما. بالنسبة لي، ما كان يهمني أكثر هو أن نوقف تلك المسيرة المجنونة التي يشارك فيها مئات الآلاف من الأشخاص المستعدين لكل شيء لاسترجاع أرض تحتلها قوات أجنبية.