توقف الروائي والقاص المغربي مبارك ربيع، في لقاء حواري معه أدار فقراته الناقد عبد اللطيف محفوظ، ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته 26، عند مشاكل ترويج الكتاب بالمغرب ووضعية الكتاب المغاربة، وسمات الحركة النقدية بالمغرب التي لا تواكب كل الإنتاج الأدبي. لم يخف الروائي مبارك ربيع تذمره من واقع النقد الأدبي بالمغرب الذي لا يلتفت إلى جل ما يصدر من إنتاجات إبداعية، أو يركز على أسماء بعينها، ما لا يخدم العملية الإبداعية وإشعاع بعض الأعمال التي تستحق أن يسلط عليها الضوء، مقدما أمثلة لذلك بروايته» بدر زمانه» التي وجدت تلقيا نقديا بالمشرق أكثر مما تناولتها الأقلام النقدية المغربية، وبعض الكتابات المهمة لكتاب آخرين اطواها النسيان بسبب ذلك، لافتا في هذا الصدد إلى أن «نقادنا المغاربة خجولون وبخيلون جدا». وأشار ربيع أيضا إلى أن الكتب الدينية والفضائحية والسياسية هي ما يلقى رواجا وإقبالا لدى المغاربة، وهو ما يزرع بذور يأس وإحباط داخل أوساط الكتاب، يقاومونها لمواصلة الكتابة فقط ب «الإرادة والتمسك بفعل الكتاب كواجب». واعتبر ربيع أن من أهم معيقات ترويج الكتاب، توجد في المقدمة مشاكل الطبع والنشر، وجشع بعض الناشرين وهو ما ينعكس على أوضاع الكتاب ماديا، وهي مشاكل صاحبت عملية الكتابة بالمغرب وجعلت أغلب الروائيين المغاربة يبدأون مسارهم الإبداعي بكتابة القصة في الستينات، لصعوبة نشر الأعمال الروائية، بخلاف القصة التي كانت تجد طريقها، بسهولة، إلى القارئ عبر الملاحق الصحفية للجرائد والمجلات. وحول اشتغاله على الجانب الجمالي في أعماله الروائية، شدد مبارك ربيع على كون الهوس بالجمالية هو ما أطر، دائما، اشتغاله في الرواية خصوصا في «الريح الشتوية» حيث وظف الأدب الشعبي، لأول مرة في عمل روائي، وخصوصا الزجل وتركيبة الجمل والمبتدآت التي قد لا تجد خبرا لها إلا بعد عشرة أسطر. وعن انتقالاته بين الرواية والقصة، أبرز صاحب «القناص والقصر» أنه بالرغم من أن فن الرواية منفتح وعلى تماس مع الراهن وامتداداته وعلاقته بالتاريخ، ويمنح للكاتب فرصة تحليل الأحداث أفقيا وعموديا بخلاف القصة التي تحصره في تحليل عمودي، يقف عند تسليط الضوء على نقطة معينة من الفضاء أو الشخصيات، فإنه ظل وفيا لكتابة القصة القصيرة كجنس يرتبط باللحظة والعابر، إذ أصدر منذ 3 سنوات مجموعته القصصية «الصورة والقفص». لا يكترث مؤلف «غرب المتوسط» للتصنيفات التي تضعه مرة في صنف المدرسة الواقعية أو البوليسية وحتى الكتابات البورجوازية، لكنه لا ينكر أن الواقع يستفزه ويثيره لذا يعكسه في كتاباته «عبر تركيبه وتمثله بطريقة تعكسه لكن لا تنقله»، لافتا في نفس السياق إلى أن ما يهم في الكتابة الروائية – سواء كانت تاريخية تكتب عن التاريخ، لكن باختلاف المنهج والأدوات، أو علمية وهي الغائبة عن المشهد الأدبي المغربي – هو روائية الرواية التي تجعل الكاتب «صانع كلمات» يُلمس منها الإحساس الروائي الذي يجعل القارئ ينفذ إلى الأحداث ويقاسم الكاتب آراءه، سواء اتفق معها أو رفضها. وخلص ربيع إلى التأكيد على مواصلة فعل الكتابة دون الالتفات إلى إلى الأصداء النقدية، مقدما ما صاحب صدور روايته «رفقة السلاح والقمر» من كتابات استغربت تطرقه الى أجواء حرب الجولان، ووصف الآليات الحربية خارج المعايشة المباشرة، مضيفا أن الكاتب في النهاية هو «تلك الحرية المطلقة التي تحاول التركيب بين الواقع واللاواقع من خلال الكتابة على عدة مستويات، انطلاقا من كيميائه الداخلية».