شدد كتاب روائيون مغاربة على ضرورة دعم قطاع النشر ليساهم في ترويج الإبداع الروائي المغربي الذي استطاع أن يفرض نفسه في المشهد الثقافي العربي، وتشجيع إنتاجات الروائيين الشباب. وأكد الكاتب محمد مشبال، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية الذي اختتمت فعاليته مؤخرا، أن الرواية المغربية أصبحت لها مكانتها في المشهد الثقافي العربي، وتمكنت من حصد الكثير من الجوائز في مجموعة من الملتقيات الوطنية والدولية. وقال إنه مع بداية تسعينات القرن الماضي، وبالضبط في الألفية الجديدة، تفجرت أشكال سردية متنوعة وبدأ الاهتمام بالحكاية والسرد، حيث ارتفع عدد الروائيين، وبدأت الرواية تطرق مواضيع جديدة مختلفة تماما، كاستغلال الأساطير والخرافات والثقافات الشعبية المحلية. وأشار إلى أن عدد الروايات المغربية في بداية الثمانينات وأواخر السبعينيات لم يكن يتجاوز العشرين أو الثلاثين رواية ، فضلا عن فقر النصوص الروائية التي كانت ترتبط أكثر بالايديولوجيا وأحيانا بالتجريب المبالغ فيه، مشيرا إلى أنه لم يكن هناك تفاعل ما بين القارئ والرواية المغربية. وفي هذا السياق، شدد مشبال على ضرورة الاحتفاء بالرواية المغربية من خلال مؤسسات ثقافية رسمية، وتنظيم ملتقيات دولية كبرى خاصة بالرواية، وتخصيص جائزة للشباب في مجال الرواية من طرف وزارة الثقافة من أجل تحفيز وتشجيع الطاقات الإبداعية الشابة ماديا ومعنويا. ومن جانبه، قال شعيب حليفي، في تصريح مماثل، إن الكتابات الروائية الجديدة بالمغرب "تستكمل ما بدأه الرواد من كبار وفرسان الرواية المغربية منذ الستنيات والسبعينيات كأمثال مبارك ربيع، ومحمد زفزاف". وأعرب عن اعتقاده بأن الرواية المغربية "تتطور في أشكال متعددة وتختار من حين لآخر إبراز قضايا تهتم بالانسان والمجتمع والتاريخ من خلال عدد من الأسماء التي تنتمي إلى حقول معرفية متعددة" . وأضاف أن العديد من الندوات بالمغرب على المستوى الأكاديمي بالجامعات والمؤسسات الثقافية والجمعيات، وكذا وزارة الثقافة من خلال إصداراتها، ومعارض الكتاب، تساهم في إنعاش الرواية، فضلا عن الدراسات النقدية التي تدعم وتقوم موقع الرواية المغربية من خلال الإصدارات والمقالات التي تنشر في العديد من المجلات. وأكد شعيب حليفي أن مكانة الرواية المغربية تعكسها الجوائز التي تحصل عليها في المنتديات والملتقيات النقدية التي يشارك فيها الكتاب الروائيون والنقاد المغاربة. كما أكدت الكاتبة الروائية ربيعة ريحان أن الرواية المغربية أصبحت تحظى بالتقدير، مبرزة أن هذه الرواية " حققت بعض التميز خصوصا على يد بعض الأسماء المؤسسة التي راكمت منجزا استطاع أن يفرض نفسه بقوة ويترك له صدى إيجابيا من خلال المتابعات سواء على مستوى النشر الورقي في المجلات المتخصصة للرواية، أو في الندوات". وأضافت ربيعة ريحان أن الرواية المغربية تحقق لها صدى على مستوى العالم العربي بفضل " الجمالية والإبداع الذي ساهمت فيه أسماء من الروائيين والنقاد المغاربة حفرت بشكل من الأشكال في المجتمع المغربي وفي الخصوصية المغربية". وشددت على المزيد من الدعم المادي والمعنوي للروائيين، وإتاحة الفرصة أكثر للنشر، والاهتمام ب"الأسماء الابداعية الحقيقة" والالتفات إلى الأعمال الجادة، وخلق لجن للقراءة والفرز، معتبرة أنه "لم يعد هناك تواصل حقيقي ما بين العملية الإبداعية والعملية النقدية". ومن جهته، أكد عبد الإله المويسي، كاتب روائي وناقد أدبي، أن الرواية المغربية استطاعت أن تحقق تراكما نوعيا على مدى الخمسين سنة الماضية، وقال إن "الرواية المغربية تمثلها أجيال متعددة تمردت على المستوى المعياري في كتابة الرواية وخرجت عن النمطية وأصبحت تكتب رواية متحررة". وأضاف أن هناك شبابا من الروائيين يحاولون جعل الرواية المغربية "تنخرط في المناخ العالمي من خلال استحضار الجغرافية والمناخ والثقافات الإنسانية أكثر من استحضار المناخ المغربي فقط بمفهومه التقليدي، باعتبار أن الإنسان المغربي في نهاية المطاف ينتمي إلى هذا الكون الجميل". وأشار في نفس السياق إلى أن الإمكانيات التي تتيحها وسائل التواصل الحديثة كالشبكة العنكبوتية (الأنترنيت) "أعطت فرص للشباب المغربي للوصول إلى المتلقي في مختلف المناطق في العالم دون الحاجة إلى الوسائط". وقال الكاتب محمد برادة، إن الرواية المغربية ، والرواية العربية بصفة عامة ، أنجزت منذ ستينيات القرن الماضي، نصوصا لافتة أثارت انتباه القراء خارج الحدود، لأنها تحمل "خطابا يضيء داخل الفرد"، غير أنه اعتبر أنه برغم ما حققته هذه الرواية من جماليات فإنها افتقدت الوعي بالعلاقة بين الشكل الروائي الملائم والعناصر الجمالية والدلالية. وأكد أن "الرواية العربية منذ بداياتها المتعثرة أواخر القرن التاسع عشر أخذت تلامس مواطن الجرح والثقوب مقلبة تربة اللغة والخطاب والقيم منذ أحمد فارس الشدياق وسردياته المنفتحة على تعدد مستويات اللغة وعلى معرفة الآخر، مرورا بفرح أنطون ورواياته التعليمية الجريئة، وتجربة نجيب محفوظ التأسيسية، ووصولا إلى الفترة الراهنة حيث غدت الرواية متنفسا وملجأ للكتاب والكاتبات الشباب في الفضاء العربي كافة". وأضاف أن منجزات هذه الرواية حققت مستويات جمالية مهمة إلا أنها تفتقر عند الكثيرين، إلى وعي واضح بالعلاقة القائمة بين اختيار الشكل ومقتضيات الدلالة والرؤية إلى العالم، مؤكدا أن " هذا الوعي هو الذي يحقق التلاحم بين الشكل الفني والدلالة، ويحفظ للعناصر الجمالية وظيفتها ويجعلها، في الآن نفسه، مكونا مضيئا للسياق ومتعاليا به عن الظرفية العابرة". وكان ملتقى القاهرة الدولي السادس للرواية العربية الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة المصرية على مدى أربعة أيام تحت شعار "تحولات وجماليات الشكل الروائي"، قد بحث عددا من الإشكاليات المتعلقة بفن الرواية العربية ومنها "حدود النوع واللغة في الرواية"، و"تطور التقنيات الروائية"، و"الرواية والتراث" ، و"الرواية والفنون"، و"شعرية السرد"، و "القمع والحرية"، و"الرواية ووسائط التواصل الحديثة".