مرة أخرى فقدت مدينة جرادة أحد أبنائها المغامرين في باطن الأرض بحثا عن لقمة العيش، ويتعلق الأمر بالمسمى قيد حياته بلوطي بلقاسم في 39 من العمر متزوج وأب لطفلين، والذي لقي حتفه حوالي السابعة والنصف من صباح السبت 7 فبراير 2014 داخل بئر من آبار الفحم المعروفة ب»السندريات». وقد علمت «الاتحاد الاشتراكي» أن الهالك كان داخل بئر رفقة شخصين آخرين عندما فوجئوا بانهيار فوق رؤوسهم على عمق 30 مترا، حيث سقطت حجرة كبيرة على رأسه أردته قتيلا في الحال بينما تمكن زميلاه من النجاة بأعجوبة. وبعد أزيد من ساعتين من البحث وسط الركام، تم إخراج جثة الهالك من تحت الأنقاض ونقلها إلى مستودع الأموات وسط سخط واستياء عارمين في صفوف المواطنين الذين حجوا إلى عين المكان. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تفقد فيها مدينة جرادة معيلا لإحدى الأسر الفقيرة التي تعيش على بقايا الفحم الحجري. وفي غياب أرقام رسمية عن عدد الضحايا، تتحدث مصادر من المدينة عن 43 فقيدا من 1998 إلى الآن، قضوا تحت الأنقاض داخل آبار الموت «السندريات»، ناهيك عن عشرات خرجوا بعاهات مستديمة بعدما كتبت لهم النجاة من الموت المحقق. إنه واقع حال أبناء مدينة منجمية تعيش تحت وطأة الإقصاء والتهميش، غياب فرص شغل دفعهم إلى سبر أغوار ما تبقى من آبار للفحم الحجري «الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود»، يغامرون بأرواحهم في سبيل الحصول على لقمة عيش يسدون بها رمقهم ورمق أسرهم في انتظار الذي يأتي ولا يأتي...