أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    حكومة نتنياهو توافق على عودة بن غفير رغم معارضة المستشارة القانونية للحكومة    شركة مختصة تعلن تسريب بيانات أزيد من 31 ألف بطاقة بنكية مغربية على شبكة الإنترنت    المنتخب المغربي يواصل تحضيراته لمباراتي النيجر وتنزانيا قبل السفر إلى وجدة    أسود الأطلس مكتملي الصفوف يستعدون لمواجهتي النيجر وتنزانيا..    أولمبيك آسفي يعلن انفراجا في أزماته بعد تدخل لقجع    العصبة والجامعة تحددان مواعيد كأس العرش واستئناف البطولة    ريتايو: "لا نريد الحرب مع الجزائر الجزائر هي من تهاجمنا"    الذهب يصعد لأعلى مستوى    المغرب يتحرك لتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية داخل الاتحاد الإفريقي    اللجنة الوطنية لحماية المعطيات تطلق برنامجا لضمان الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي    اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومستشاره الإعلامي وتقييد الوصول لوسائل التواصل الاجتماعي بتركيا    أرباح الأندية المغربية من بيع اللاعبين في 2024 تبلغ 8.27 مليون دولار    منخرطو الوداد ينتفضون في وجه الرئيس آيت منا    مؤلم.. العثور على رضيع حديث الولادة قرب مسجد بمريرت    كيوسك الأربعاء | تقرير يبوئ المغرب الرتبة السابعة عربيا في مؤشر النجاعة القضائية    تلمسان.. مدينة مغربية لقرون طويلة قبل تغيير هويتها    "التسوية الطوعية" تَخفض حاجة البنوك إلى السيولة بداية عام 2025    مسيرة بطنجة تندد بحرب الإبادة    مسؤول بحماس: لم نغلق باب التفاوض    جامعة الكرة تصادق على تعديلات جديدة.. عقوبات لتخريب الفار وارتكاب الشغب    مجلس السلم والأمن.. المغرب يؤكد على ضرورة مواكبة البلدان التي تمر بمرحلة انتقال سياسي لتسريع عودتها إلى الاتحاد الإفريقي    إسبانيا تعزز موقعها كشريك تجاري أول للمغرب داخل الاتحاد الأوروبي    شركة صينية تفوز بصفقة لتوسيع الطريق السيار بين الرباط والدار البيضاء    توقعات طقس اليوم الأربعاء بالمغرب    المغرب في مواجهة أزمة مائية متفاقمة: تقرير يسلط الضوء على التحديات والحلول المستقبلية    الرئاسة المغربية لمجلس السلم والأمن: مشاورات غير رسمية مع الدول في مرحلة انتقالية سياسية    من اغتال كينيدي ؟ .. ترامب يكشف للعالم الحقيقة    إعادة الإدماج بنون النسوة: حفل إفطار جماعي لنزيلات السجن المحلي العرائش 2    جنيف : فاعلون صحراويون ينددون بالانتهاكات والقمع في مخيمات تندوف    صندوق النقد الدولي يمنح المغرب 496 مليون دولار    فتح باب الترشح لرئاسة مجلس جماعة أصيلة بعد وفاة بن عيسى    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    ترويج مواد صيدلانية يجر ثلاثة أشخاص للاعتقال    الشرطة القضائية تفكك شبكة لسرقة سيارات كراء السيارات بمدينة البئر الجديد    يسار يشكر جمهوره بعد ليلة لا تُنسى في الدار البيضاء    بنك المغرب يطلق برنامجًا جديدًا لدعم تمويل المقاولات الصغيرة جدًا بسعر فائدة تفضيلي    "دبلوماسية الطعام"    جائزة "مبدعات" تعود بدورتها الرابعة لدعم إبداعات النساء    حِكم حَلاجِية..    لوديي يستقبل الوزير المنتدب لدى رئاسة جمهورية الكاميرون المكلف بالدفاع    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يعقد دورته السابعة غدا الأربعاء    أَكُلُّ هذا القتل من أجل تجويد شروط التفاوض؟    بورصة الدار البيضاء تعزز أرباحها عند الإغلاق    التمني في زمن التفاهة.. بين الحلم والواقع    مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يحتفي بذكراه الثلاثين ويكشف عن أعضاء لجنتي التحكيم    أيوب كريطع يتوج بجائزة أفضل أداء تمثيلي في مهرجان مونس السينمائي    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    مختصون يناقشون راهن الشعر الأمازيغي بالريف في طاولة مستديرة بالناظور وهذا موعدها    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    التوتر الأسري في رمضان: بين الضغوط المادية والإجهاد النفسي…أخصائية تقترح عبر "رسالة 24 "حلولا للتخفيف منه    الرياضة في كورنيش مرقالة خلال رمضان: بين النشاط البدني واللقاءات الاجتماعية    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    الأدوية الأكثر طلبا خلال رمضان المضادة للحموضة و قرحة المعدة!    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذكرى الأولى لرحيل السي محمد جسوس .. السوسيولوجيا المغربية.. بين حرارة الميدان وطلاوة الأفكار

هي سنة مرت على رحيل المعلمة الكبيرة والهامة العلمية الكبيرة الفقيد سي محمد جسوس، ليترك الكثير من العمل المنجز ميدانيا وسياسيا وثقافيا وجمعويا قائما، وهو ما يذكرنا بما قدمه لبلاده ولقناعاته ولحزبه ولمناضليه وطلبته.
كل الشهادات التي تقال في حقه تبدو أقل بكثير من الظل الذي يتبعه وهو يسير في طريق العلم والمعرفة والنضال، فقد قام محمد جسوس إلى جانب العمل الجماعي والسياسي والتعليمي والبحث، بجهود جبارة في بلورة ميثاق التربية والتكوين. فالأستاذ جسوس يعتبر بمثابة علامة فارقة في تاريخ السوسيولوجيا المغربية، وذلك بالنظر إلى الدور المتميز الذي لعبه منذ نهاية ستينيات القرن الماضي في تكوين أجيال عديدة من السوسيولوجيين، وبصفة خاصة في انفتاح الجامعة المغربية الناشئة على مقاربات نظرية وممارسات ميدانية جديدة، سمحت بتأسيس خطاب سوسيولوجي متميز بعقلانيته ونزعته النقدية من جهة، وبحرصه على التقيد بالاشتغال في حدود العلم ووفق ضوابط ومقتضيات كانت بدورها في طور التأسيس، ساهم محمد جسوس بحظ وافر في تقعيدها وترسيخها.
وقد حصل الأستاذ محمد جسوس الذي ولد بفاس سنة 1938، على شهادة الميتريز في علم الاجتماع من جامعة لافال بكندا سنة 1960، كما حصل على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة برنستون بالولايات المتحدة سنة 1968، والتحق بكلية الآداب والعلوم الإنسانية كأستاذ لعلم الاجتماع سنة 1969 ، وعين كأستاذ مدى الحياة لعلم الاجتماع بجامعة محمد الخامس سنة 2004. ومن بين أعمال الباحث جسوس هناك: رهانات الفكر السوسيولوجي بالمغرب، طروحات حول المسألة الاجتماعية، طروحات حول الثقافة والتربية والتعليم، فضلا عن عمل قيد النشر حول طبيعة ومآل المجتمع المغربي المعاصر.
وقد جمع جسوس، بشهادة معارفه ومجايليه وطلبته وأصدقائه، بين الصرامة الأخلاقية وبين واقعية العمل الإنساني. جمع بين حرارة الميدان وطلاوة الأفكار. وفي مساره العلمي، جاء إلى بلاده لكي يمتحن أقصى ما وصلت إليه البشرية من علوم اجتماع. ربما يكون المجتمع من اختراعه هو الرائد في ميدان السوسيولوجيا، كما كان مفهوم الإنسان من اختراع القرن 19. لهذا، كان من الأوائل الذين انتبهوا إلى الظاهرة الإسلاموية، ليس فقط في سياق الثورة الإيرانية سنة 1978، كما فعل فوكو في فرنسا، بل لأنه أولا كان قد تشرب من ماكس فيبر مقاربة مغايرة للفكرة الماركسية لدى اليسار العربي والمغربي على وجه الخصوص.
لقد كان جسوس يدرك دور الدين في صناعة الدولة المغربية - منذ المؤتمر الاستثنائي - ودوره في بناء الشخصية الوطنية، وكان يعرف بفعل التاريخ وعلم الاجتماع، قدرة «الطرقية الجديدة» على استعماله في التحجير على الفكر وتسويغ الاستبداد الثقافي وإعادة إنتاج المنظومات المتلاشية، من خلال الاستعمال السياسوي للدين. جسوس من الأوائل الذين نبهونا إلى ضرورة دخول المتن الديني، حتى لا يملأه ...الفراغ! ومن الأوائل الذين نزعوا عن الثقافة عمائم التعالم ومسحات التخشب، لكي تسيح في مياه الحياة العادية للناس، أو تتكون في أمثالهم الشعبية والقصص الخرافية التي تقيم المعنى. جسوس هو النموذج الأخلاقي للعالم وللسياسي .. الدي تخافه السلطة، لأنه يعرف ميكانيكا التسلط، يفكك الطاقم الايديولوجي الذي تغص به المجتمعات.
وحسنا فعل عدد من الباحثين عندما أصدروا كتابا تكريميا تحت عنوان :«محمد جسوس، مسار عالم اجتماع». وهو كتاب يشتمل على أشغال الجلسة التكريمية للدكتور محمد جسوس ضمن فعاليات المنتدى الوطني الأول للفكر السوسيولوجي بمدينة تطوان في 17 دجنبر 2009، الذي نظمته «جمعية أصدقاء السوسيولوجيا بتطوان».
الكتاب عبارة عن كلمات وشهادات ودراسات تناولتْ بالتحليل والرّصْد للمسار الفكري والعملي والتدريسي للأستاذ جسوس. حيث تمّ التركيز على كوْن الاشتغال على بدايات الفكر السوسيولوجي بالمغرب، الذي يعتبر محمد جسوس من دعائمه، ليس ترفا فكريا، أو محاولة خفية لتمجيد الذات وتقديس الماضي، كما أنها ليست مراوغة لتجاوز الحاضر وتفادي الاصطدام معه ومع إشكالاته العصية، إن البحث هنا هو ضرورة ملحة بل وإجبارية، وفوق ذلك هو رسالة شرف علمي، عالقة على كل باحث سوسيولوجي.
ومن هنا تأتي إعادة الاعتبار لمحمد جسوس، ولدوره الريادي، ذلك أنه نموذج للمثقف المضطلع بشروط وأسباب الأزمة وعمق الاختلالات التي تعيشها الأنساق والهياكل والمؤسسات ونموذجا للسوسيولجي المدرك لحدود مشروعه العلمي ودوره في حقل الاشتغال والتخصص. فالأستاذ محمد جسوس، وفق هذا السياق، علامة على تحوّل جذري في علاقتنا بالفكر السوسيولوجي عامة، وللأشخاص الممثلين له بصفة خاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.