اعتبرتَ الإصابة بالعمى ولادة جديدة، استفقتَ على ثقب كبير يملأ حيز الذكريات، ادعيت اسما غريبا، خرجت تمتحن الناس بأسئلة لا معنى لها، ومضيت مزهوا بالقناع المستعار وأنت لا تميز بياض الكفن عن يافطة الفناء المبين . زرت ضريح الموجة الحمقاء، قرأت ما تيسر من سفر الغباء المقدس، مسحت بيدك اليسرى جهة القلب الموجوع، وتخلصت من جواسيس الهاوية. في الطريق لنسيان اختناقك، كللت الغيوم رأس الجبل، فحصت هيبة البياض الغامضة، حضرت حجج الحزن المرصودة، استيقظ جرحها القديم، حرضتها مشاعر بدائية على الهروب، تسابقت نحو إدانة فوهة البركان الخائنة، ووعدتك بالابتعاد عن قبر غريب اغتصبته الدهشة. أخطأت كتابة العنوان .. ذاكرة الأسماء لم تتحمل خرائط التيه صعودا نحو قمة الضياع، نزلت أدراج الهاوية، وصلت القعر، دمرت حروف الرسم الموشوم، رفعت رأسك، كان الجني الأخير يرمي بالتراب فوقك لإخفاء جثة اسم وتفاصيل جريمة ليست كالجرائم المعتادة. عدت لبياض الكفن، استعرت ملامح النكران، خططت للرحيل عن سواد الانكسارات، بدلت الاسم المعلوم بحشرجات تيه وضياع، تأقلمت مع مناحات الفناء، أطلت كائنات الخلوة المحروسة على ضريح الذكريات البعيدة، وفي ما يشبه عدوى الوباء الملعون، أهدت الغرباء نعوتا تسخر من السؤال عن جدوى الاستسلام لما مات بعد شيخوخة الأسماء. قرب باب المقبرة المزعوم، خيول الخسران خانت ملحمتها المفترضة، مطايا غريبة كسرت الصمت المتواطئ، أدمنت نشيد الغباء، أضاعت صهيلها، لا حنين يوقظ الذاكرة، ولا فرح يعانق الاسم الجديد. مسحت حروف الوشم بإزميل النكران، حضر الاسم ومعه تفاصيل الغباء، وإيحاءات الأمكنة عجزت عن ملء الاستعارات الانتهازية، تعويذة المحروم أمنيات، وحوقلة الهارب من كائنات الظلمة القاسية حنين انتظار خائب، والنداء باسم غامض دون موسيقى يجرح الحلق!!! أعلنت الحرب على كائن تخلى عن اسمه في نصف الطريق،عادت بككلمة واحدة إلى ماقبل الزلزال، سخرت من مقاومته لطواحين الشقاء، والغريب العابر فوق القبر قال «أحجار التيه والضياع سرقوها من كهف قاس تنَكّر لاسمه وصار منجما للظلام «. حذّروك من فخاخ وحش متربص، طلبت منه الرحيل وقلت: «لاتتربص بسهوي!سأحرث قلب الحجر! أحضن وهمي، يتلقفني رعب الهاوية، وأفقد زمام التحكم في بياض لعبةٍ هزمتها كلمة سائبة .. وأعيش». في بداية النهاية، ساد طقس الحياد الصقيعي، شاخت المشاعر في أقبية الوأد الموروث، تكومت الأحزان على بعضها، نقشوا على الجدران المتآكلة أسماء ضحايا وشهداء، ولا عجب في انحرافات الصعود نحو فم الأفعى المتواطئة مع شياطين القتل والافتراس. اكتظت ظلمة الكهف بالأحقاد، تساءلتَ باستغراب مصطنع عن سرّ سخرية الهواء من طواحين اعتادت إدمان الأوهام، تمسكت بدور البطولة في لعبة النكران. تركت مخطوطك القديم عند عنعنات عاشت فوضاها المقدسة في طرقات الظلمة وتلال تخويف العاجز المعتوه، سرقت نبوءة عينٍ رأت تداعيات الخراب، واصلت التطلع للأمام عساك تعثر على كوة ضوء تبرر حتمية الفرار، وصدى النداء بين الجبال، عجز الرؤوس عن طرد الفراغ، حماقات الاعتقاد في اسم ليس كالأسماء، وما في الحكاية غير منفى موحش اختار اسما جديدا تكيّف مع ريح الخواء . ويقين الخرافة ندم لا يفيد، رثاء ممل لعشيرة اعتادت آهات الخيبة وهزائم العشائر المتناحرة، وأقنعة الافتراس والغياب تتمسك بهوية الحرباء وتواصل اصطياد من ضُبِط خارج الزمن. أوجعك الحنين لعطر ليلي سألك عن خاتمة الإسراء نحو ضباب المنارة وأناشيدغجرية بكت موت الحلم، والشجرة الزرقاء أسقطت أوراقها الذابلة فوق الجسد المعطوب كي تسرق منه اسم الغابة الخائنة، اقتفى العطر تشكيل سحابة عاقر،تاه عن سرب الحمام بحثاعن قمح منسي، ولانعت وصف بدقة أسى الجوع المشاع. غاب الماء عن قمة الحرمان، برز وجه الهاوية عابسا، وأسماء العابرين المنقوصة احتفت بفداحة الفراغ، ولاجدوى من عتاب غيمة كاذبة عبرتفوق جماجم مدفونة في مغارة الأفاعي المتأهبة،والظلال المكسورة شهود زور على صقيع مخادع، سألوك: لماذا انقلبت على هويتك القديمة وانسلخت عن برج الإدانة؟ ابتسمت بمكر وأجبت: أيقونتي أفعى خرافة تغيرجلدها كلما خانت ضحية جديدة. نسيت الجبل الممدد كصبية خرجت من حفلة اغتصاب مؤلمة،هجرت ألوان الغجر، وفي سبيل النسيان، سقطت منك قصة الاسم الملعون، فقدت القصة عنوانها، مضت باحثة عن سبيل ينقذها من وقت خان ضحاياه، وأنت العذاب قبلت باسم غريب يقتل في النفس شوق الانحرافات الجبلية لصوت دافئ يملأ خواءها المزمن. استيقظت على هوية مغايرةتجبُّ ماسقط في هاويةالحماقات البريئة،وضعوا لك رقما غريبا وحروفا محايدة، احتفظت بكرهك القديم، تذكرت انتهازيتك الحاقدة في عتمة الأنفاق وجنياتها المتربصة، تنكَّرتَ لحروف اسمك المنقوشة على قبر الشهيد وأسطورته الغامضة، قبلت بحروف القناع المستعار، لم تكن تعلم مايعقب خروجك ببياض العروس الحسناء، استسلمت لخدر الزلزال المحكوم بلعنة النبض الأحمق، بحثت عن الخلاص وانهزمت. تخلصت من عبء التفكير في ورطة العيش المحكوم بقانون خيانة الأحلام، تجولت بين زحمة الأغراب وجشع الذئاب، لم تعد تسمع سوى «تشرفنا بك يا سراب»، «كن صديقي يا سراب!» و»أحبك يا سراب»،وفي دفترالقهر المشاع، أسماء خائنة، أكاذيب جميلة، ونوايا ماكرة لاتبالي بمن عشقوا اسم جثة فقدت ملامحها بعد رحيل الروح وشيوع الخواء.