بعد الانتقادات الشعبية ونداءات «أصدقاء المريض» حيال وضعية المركز الاستشفائي الإقليمي بخنيفرة، نزلت القطرة التي أفاضت الكأس، ويتعلق الأمر بقرار صدر عن إدارة المستشفى، يقضي، حسب بعض أطباء الجراحة، إما بإغلاق المركب الجراحي، أو بتحديد عدد العمليات الجراحية به، ابتداء من الثلاثاء عاشر دجنبر، مقابل الاقتصار على الحالات المستعجلة فقط، وهناك من أفاد بتضمين القرار الأمربإحالة «مرضى الراميد» على القوافل الطبية، النبأ الذي كان طبيعيا أن يثير تخوف الرأي العام المحلي لما له من تداعيات وخيمة على المرضى،فيما أسرعت الإدارة الى نفي بعضه وتوضيح بعضه الآخر. وأمام تضارب المعطيات ، كان اللقاء مع إدارة المستشفى التي أكدت أن الأخير يعاني من نقص حاد في الأطر الطبية والأطقم شبه الطبية والتمريضية، وقد يزداد تعقيدا بعد إحالة البعض على التقاعد، في غضون نهاية العام الجاري، وهناك أقسام بهذا المستشفى تم تطعيمها بمتدربين في التمريض، علاوة على كون قسم الجراحة لا يتوفر إلا على طبيب واحد مختص في التخدير والانعاش، ما أثر بجلاء على السير العادي للمركب الجراحي الذي صار يواجه وضعا خانقا نتجت عنه حالات عصيبة من الاكتظاظ وارتفاع عدد العمليات المبرمجة والحالات المستعجلة التي يصعب التغلب عليها. ووفق إدارة المستشفى دائما، فقد وقفت على «عدم منح العمليات المستعجلة الأهمية المطلوبة بالقدر التي تعطى به للعمليات المبرمجة، بسبب عجز قاعات الجراحة عن استيعاب كل الحالات»، علما بوجود أربع قاعات للعمليات المبرمجة وواحدة للعمليات المستعجلة، من أصل ست قاعات في المجموع، ما استدعى عقد اجتماع موسع جمع الإدارة بالأطباء الجراحين والأطقم شبه الطبية، لأجل مناقشة الاكراهات والحلول التي يمكن نهجها، ومن ذلك امكانية اضافة قاعة للحالات المستعجلة، وترك ثلاث فقط للحالات المبرمجة، نظرا لعدد الحالات المستعجلة الطارئة التي يستقبلها المستشفى، بين الفينة والأخرى، وإما يتحمل بعضها «مضاعفات الانتظار» أو تحال على المستشفى الجهوي لبني ملال. وفي هذا الصدد، قالت الإدارة إن الأطباء الجراحين لم يوافقوا على المقترح، ولا البرنامج الذي يمكن به تدبير وترشيد الوضع، رغم علمهم بعدم توفر المستشفى إلا على طبيب واحد للتخدير والانعاش، فيما امتنعوا بالتالي عن المساس بالبرنامج المسطر من طرفهم، وأيضا عن تسليم الإدارة لائحة المرضى المقبلين على العمليات الجراحية، حتى يمكن التعاطي مع الأمر ببرنامج مناسب للطرفين، بحسب مصادر الإدارة دائما، و التي أكدت بلوغ تداعيات أزمة الموارد البشرية «مختبر التحليلات» الذي سيعاني لاحقا في حال تقاعد الإطار المكلف به، شأنه شأن»مستشفى النهار» الذي لا يزال عالقا، فيما يصعب إخفاء وضعية «قاعة الاستيقاظ» التي أُغلقت مخلفة أكثر من علامة استفهام؟ وصلة بالموضوع، سبق ل «جمعية أصدقاء المريض» أن دخلت على الخط، بعدما وقفت على عجز المركب الجراحي عن إجراء العمليات الجراحية المبرمجة، في جميع التخصصات، بسبب افتقاره لأكثر من طبيب واحد للتخدير والانعاش، مذكرة ب «عدم قدرة طبيب واحد على القيام بالمهام المنوطة به، سيما خلال استقبال المستشفى لضحايا حوادث سير أو عمليات قيصرية، وغيرها من الحالات التي لا تقبل بالانتظار والمواعيد الطويلة»، مقترحة على الإدارة الجهوية والمركزية « امكانية تعيين طبيب في تخصص الانعاش والتخدير، ولو بالتناوب من أقاليم الجهة،إلى غاية تدخل وزارة الصحة لمعالجة المشكل». مصادرنا الإدارية لم يفتها الجواب عن سؤال ما تعرفه «المستعجلات» من فوضى واكتظاظ، على طول النهار والليل، مكتفية بربط الوضع بمشكل الخصاص المهول في الموارد البشرية، وكون ما يوجد من العاملين يبذلون مجهودات كبيرة، بينهم أربعة أطباء فقط، يشتغل كل واحد منهم 12 ساعة، علما بأن القسم يستقبل مرضاه من كل الأحياء الشعبية والجماعات الترابية، ما يؤثر سلبا على ظروف الاشتغال، وعلى نفسية وأعصاب المرضى والمرتفقين، وهم ينتظرون دورهم لساعات طويلة، وأحيانا في غياب تام للأطر الطبية، ضمنهم حالات مستعجلة، وغالبيتهم ليست لهم القدرة على التطبيب في القطاع الخاص. وضع مأزوم أعطيت بشأنه وعود من قبل الجهات المركزية لتدارك خصاص الموارد البشرية، في وقت تتزايد شكاوى المواطنين من تأخر المواعيد لشهور طويلة، وما يزيدهم ذلك من إحساس بالمعاناة المتعددة الأوجه؟