عرف محيط المؤسسات التعليمية، انتشار مجموعة من الظواهر المشينة التي تمس بالمجال التربوي، الشىء الذى جعل العديد من المتتبعين للشأن التعليمي والمحلي وفعاليات من المجتمع المدني وشركاء المدرسة، يدقون ناقوس الخطر. كما تعالت الأصوات المنددة بخطورة هذا الوضع. مما جعل الكل يتوحد لمحاربة هذه الآفات الخطيرة. نتج عن ذلك تكثيف اللقاءات التحسيسية المشتركة بين كل مديرية إقليمية والسلطات الأمنية والمحلية وجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ ،والإدارة التربوية والأطر التربوية ، مستعينين في ذلك بأنشطة ثقافية أو فنية أو رياضية، تهدف إلى التعريف بخطورة التدخين، وخطورة جميع أنواع المخدرات. وهناك من استعان في هذا المجال بقاعات الإنصات، فكانت النتائج إلى حد ما مهمة، تقلصت من خلالها بعض هذه الظواهر بشكل لافت. إلا أنه وفي السنتين الأخيرتين ظهرت آفة أخرى،وتتجلى في انتشار السيجارة الإليكترونية، التي غزت محيط بعض المؤسسات التعليمية الخصوصية. مجموعة من الأمهات والآباء ،إما عن طريق الصدفة، أو عن طريق وشاية من أشخاص أو تلاميذ، اكتشفوا أن أبناءهم يستعملون السيجارة الإليكترونية، فكان ذلك بمثابة الصدمة القوية، خصوصا أن مجموعة من هؤلاء التلاميذ كانوا بعيدين كل البعد عن كل الشبهات، ومنهم من يتصف بالخجل. وهو ما أكدته إحدى الأمهات في اتصال مباشر بإحدى الاذاعات الجهوية بالدار البيضاء، كانت تبث على امواجها مباشرة برنامجا يهتم بالمجال التربوي التعليمي، حيث تطرقت من خلال اتصالها إلى ظاهرة السيجارة الإلكترونية التي انتشرت بمحيط المؤسسة التعليمية الخصوصية التي يتابع ابنها دراسته بها، موضحة أن صدمتها كانت قوية حين علمت أن ابنها أحد المدخنين لهذه السيجارة ،علما أنه خجول للغاية رغم تفوقه في دراسته ،وحين تطرقت للموضوع مع الإدارة التربوية لهذه المؤسسة سارعت هذه الأخيرة إلى إخماد لهيب هذه المشكلة واقبرته حتى لا يتعدى صداه أسوار المؤسسة، وبالتالى لا يصل صداه للعموم. لأنه وبدون شك سيشكل ضربة مضادة وقوية لسمعة المؤسسة. ليست صرخة هذه الأم وأسرتها هي الأولى والأخيرة، بل هناك أسر وأمهات آخرين، اكشتفوا تعاطي أبنائهم لهذه السيجارة الإلكترونية،إما عن طريق أحد زملائهم التلاميذ حين ينفردون ببعضهم أمام أبواب بعض الفيلات المجاورة أو المحيطة بمؤسساتهم الخصوصية ،حيث يشجع بعضهم البعض على تدخين هذه السيجارة، وبعد الاستئناس بها يقتنيها لينفرد كل واحد بسيجارته ، يتباهى بها وبشكلها وقوة بخارها، وهو الأمر الذي يغري من يكتشفها لأول مرة ..هكذا انتقلت العدوى وتكاثر المتهافتون. بعض تلاميذ التعليم الخصوصي أكدوا لنا أن من التلاميذ من استقدم هذه السجارة من منزله،فهي إما لأحد إخوانه الذين يكبرونه سنا أو لوالده. وهناك من شاهدها في أحد المتنزهات أو المقاهي واستهوته فأعجب بها وبطريقة تدخينها وما تقذفه من بخار مميز عن السيجارة العادية. فأصبحت وسيلة من وسائل الترفيه والتباهين مما جعلهم يعتبرونها (السيجارة البرجوازية )على عكس الشيشا التي سبق لها أن غزت العديد من المقاهي بما في ذلك تلك المتواجدة في الأحياء الشعبية، ولولا الحرب الضارية التي قامت بها السلطات الأمنية والمحلية لوصل زحفها حتى أسوار المؤسسات التعليمية. طبيعي أن لا نحمل المسؤولية لإدارة هذه المؤسسات الخصوصية في انتشار السيجارة الإليكترونية، لكننا نحمل المسؤولية كاملة لأسر كل تلميذ تشبع برؤية أحد أفراد أسرته وهو يستعمل هذه السيجارة مزهوا ببخارها ومتلذذا بنشوتها. إن خطورة هذا الوضع تلزم إدارة هذه المؤسسات التعليمية الخصوصية والأطر التربوية التعامل مع هذا المستجد الخطير بكل حزم وجرأة، عبر القيام بعمليات تحسيسية، الغاية منها تنبيه التلاميذ إلى خطورة التدخين سواء للسيجارة العادية أو الإلكترونية، وأن استعمال هذه الأخيرة لا يرفع من قيمة مستعملها بل على العكس من ذلك، فإن خطورتها لا تقل على خطورة جميع المخدرات، حتى يتسنى تصفية محيط هذه المؤسسات التعليمية وانقاذ هذه الشرائح من التلاميذ من الوقوع في إدمان السيجارة الإليكترونية ، أو كما يحلو للبعض نعثها بالسيجارة البرجوازية.