بايتاس: ارتفاع الحد الأدنى للأجر إلى 17 درهما للساعة وكلفة الحوار الاجتماعي تبلغ 20 مليارا في 2025    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    إحباط عملية تهريب دولية للمخدرات بميناء طنجة المتوسط وحجز 148 كيلوغراماً من الشيرا    رابطة علماء المغرب: تعديلات مدونة الأسرة تخالف أحكام الشريعة الإسلامية    بايتاس: مشروع قانون الإضراب أخذ حيزه الكافي في النقاش العمومي    كربوبي خامس أفضل حكمة بالعالم    كمية مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي تبلغ بميناء المضيق 1776 طنا    وهبي يقدم أمام مجلس الحكومة عرضا في موضوع تفعيل مقترحات مراجعة مدونة الأسرة    وكالة التقنين: إنتاج أزيد من 4000 طن من القنب الهندي خلال 2024.. ولا وجود لأي خرق لأنشطة الزراعة    بايتاس يوضح بشأن "المساهمة الإبرائية" ويُثمن إيجابية نقاش قانون الإضراب    نجاة مدير منظمة الصحة العالمية بعد قصف إسرائيلي لمطار صنعاء    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    الكلاع تهاجم سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين المدانين في قضايا اعتداءات جنسية خطيرة    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    في تقريرها السنوي: وكالة بيت مال القدس الشريف نفذت مشاريع بقيمة تفوق 4,2 مليون دولار خلال سنة 2024    جلالة الملك يحل بالإمارات العربية المتحدة    ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    المغرب يفاوض الصين لاقتناء طائرات L-15 Falcon الهجومية والتدريبية    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الثورة السورية والحكم العطائية..    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة إلى ملف تعاطي التلاميذ للمخدرات : «أسواق» المخدرات ببعض المؤسسات التعليمية على مرأى ومسمع الجميع
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 23 - 02 - 2015

تؤكد الإحصائيات المتوفرة أن 10 % من تلاميذ الإعدادي والثانوي و20% من طلبة الجامعات يداومون على استهلاك مادة الشيرا والقنب الهندي والحبوب المهلوسة وأن 70 % من مستهلكي المخدرات شرعوا في الإدمان عليها وعمرهم يتراوح ما بين 15 و 18 سنة، أي خلال فترة تمدرسهم في المرحلة الإعدادية والثانوية.
هكذا إذن أصبحت الشيرا «الحشيش» و القرقوبي (حبوب الهلوسة)، مخدرات رائجة ببعض مؤسساتنا التعليمية تباع وتشترى على مرأى ومسمع الجميع في الأحياء الشعبية وأمام الثانويات والإعداديات وداخل قاعات الألعاب والمقاهي المنتشرة كالفطر أمام العديد من المؤسسات التعليمية.
ونحن إذ نعيد النبش في الملف ، نحاول إثارة الانتباه إلى تنامي تعاطي التلاميذ للمواد المخدرة مع مايتطلبه ذلك من ضرورة التدخل العاجل، لتطويق وضع ستكون له تبعات خطيرة على الجيل القادم لامحالة...
أصبحت إذن مجموعة من مؤسساتنا التربوية سوقا مفتوحة لتجار السموم، سوقا تزيد من تعميق معاناة الأسر بشكل ينذر بتضاعف عدد المدمنين على المخدرات لدرجة يصعب معها احتواء الأزمة.
شهادات حية حصلنا عليها من مجموعة من الطلبة والتلاميذ بعد زيارات متكررة لنا لمجموعة من الثانويات والإعداديات ومؤسسات التعليم الخاصة، زيارات استوجبت مرافقة دليل لنا في كل مؤسسة، فلكل مؤسسة تعليمية «رجالاتها» أو تلامذتها الذين يمسكون بزمام الأمور بها، يصعب سرد كل الشهادات التي استقيناها من مجموعة كبيرة منهم، شهادات بعضهم ترمي باللائمة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشونها، أوضاع يعتبرها البعض منهم السبب الأول والرئيسي لإدمانهم على المخدرات، في حين يعتبر البعض الآخر أن لحظة ضعف مروا بها رمت بهم في بحر الإدمان صعب بعده الخروج منه.
شهادات صادمة
يقول «م.س» 18سنة «.. الحقيقة أنني أتحمل كامل مسؤوليتي فيما وصلت إليه ولكن الله يعفو ما عندي ما ندير راني تبليت، دخنت أول سيجارة عند سن الثالثة عشرة من عمري، كنت تلميذا في سلك الإعدادي وكنت أرافق مجموعة من الأصدقاء أكبر مني سنا كانوا يدرسون معي، كنا نستغل الساعات الفارغة وسط حصص الدراسة ونركن جانب حائط المدرسة الخلفي، كنا في البداية ننتشي بتدخين سيجارة أو سيجارتين وكان أحد الأصدقاء الميسورين يوزع علينا السجائر بسخاء وذات مرة أحضر قطعة من الحشيش «جوان» قام بإعداده وشرع كل واحد منا يرتشف منه نفسا عميقا، كانت تلك أول مرة أذخن فيها الحشيش ولم تكن الأخيرة بالرغم من أنني ندمت على ذلك و أقسمت مساء ذلك اليوم ألا أعود لتدخينه مرة ثانية، خاصة بعد أن أحسست بالدوار والغثيان ، لكن هانتا كاتشوف مازال البلية فينا..» .
شهادة من بين مجموعة من الشهادات الحية التي سجلناها وسط مجموعة من التلاميذ الذين التقيناهم أمام مؤسساتهم التعليمية.
«ع.ط» تلميذ كان أكثر جرأة في حديثه معنا، ولم يكن نادما ، على مايبدو، من كونه يسير في طريق الإدمان يقول في معرض حديثه معنا « كانت أول علاقة لي مع الحشيش منذ ثلاث سنوات بالضبط رفقة مجموعة من الزملاء في رحلة مدرسية نظمتها إحدى الجمعيات، لا أخفيكم أنني كنت مدمنا على تدخين السجائر ولم أجرب قط تدخين الحشيش، بل كنت مقتنعا بأنه «بلية» خطيرة، لكن خلال هذه الرحلة كان معنا أحد الأشخاص «راه حرك للطاليان دابا» كان يبيع «الجوانات» وتحت إلحاح الأصدقاء وعلى سبيل التجربة كانت أول نثرة تلتها أخرى فأخرى وهكذا تمكن مني فأصبحت أسعى للبحث عنه بعد أن كان الأصدقاء من قبل هم الذين يأتونني به، لاأخفيكم أن قدرتي على التركيز في الدراسة بدأت تقل وأن همي الوحيد عندما أكون في قاعة الدرس هو الخروج للإستمتاع بنشوة لفافة حشيش، وهذا الأمر لايتعلق بي فقط، فالكثير من الزملاء تجدهم يعيشون نفس الوضع، بل منهم من انقطع عن الدراسة بسبب إدمانه. ولعلمكم، فإن تدخين الحشيش لايقتصر علينا نحن الذكور فقط، بل هناك تلميذات يذخنن الحشيش أيضا والبعض منهن يتناولن المعجون أو القرقوبي ، بالنسبة لي أتناول المعجون فقط أما القرقوبي فلا « هاذاك راه مصيبة» ».
تقول «ن.ع» فتاة في السادسة عشر من عمرها وهي واثقة من أنها ليست» مبلية» بل تدخن بمزاجها «أدخن السجائر بشكل مستمر وفي حالات متعددة أدخن الحشيش مع مجموعة من الصديقات نتناول السجائر ومنا من تدمن على تدخين الحشيش خلال جلساتنا الحميمية، يتكفل خلالها زميل لنا بإحضار البضاعة للاستهلاك الشخصي قبل أن يصبح هو المزود الرئيسي لكل المدخنين بالمؤسسة حتى بعد توقفه عن الدراسة، أشعر بانتشاء وأنا أدخن «الجوان» وأعرف جيدا أنني سأتوقف عن التدخين عندما أرغب في ذلك فأنا أدخن بمحض إرادتي».
«أسواق» مزدهرة
لا يمكن لأي أحد أن يضبط عملية ترويج هذه السموم بالمؤسسات التعليمية من دون أن يبذل أي جهد، فالبيع لا يتم كما يظن البعض في نقطة معينة وبشكل فردي، بل يتم عن طريق مجموعات، كل مجموعة تتكون من ثلاثة إلى خمسة أفراد «سخار» يكون جريئا ويتكفل هو بإحضار «السخرة» للمجموعة قصد الاستهلاك الجماعي أو الفردي في سرية تامة بعيدا عن أعين هيئة التدريس لكن أمام أعين باقي التلاميذ، الأمر الذي يسهل عملية توسع المجموعات واستقطاب مدمنين جدد إلا من رحم ربك!!
فبعد أن كانت تتم في وقت سابق عملية ترويج مخدر الشيرا والحبوب المهلوسة في أماكن معينة كانت معروفة لدى بعض المسؤولين الأمنيين قبل المدمنين، نجد الآن أن مجال توزيعها امتد ليشمل جل أحياء الدار البيضاء وإن بدرجات متفاوتة، خاصة قرب بعض الثانويات والمؤسسات الاعدادية، ويتخذون في أحيان كثيرة من قاعات الألعاب وبعض المقاهي المنتشرة في محيط هذه المؤسسات مكانا إما للترويج أو الاستهلاك، وغالبا ماتجد أن إعلان منع تدخين الحشيش مثبت على جدران هذه الأمكنة، الأمر الذي يؤكد انتشار تناوله هناك.
هكذا إذن ينتعش «سوق» ترويج المخدرات من حشيش وقرقوبي ومعجون أمام مجموعة من مؤسساتنا التعليمية، هكذا إذن يصبح أبناؤنا عرضة للإدمان داخل هذه الفضاءات التربوية، هاته الوضعية تؤشر على فداحة الأجواء التي ينتعش في غيابها مروجو المخدرات، الذين يملأون الفراغ الذي يعيشه التلاميذ حيث يبيع لهم تجار هذه السموم لحظة حلم تتحول مع توالي الأيام الى كابوس رهيب، يخرب طاقاته ويرميه في أثون الانحراف والإدمان والجنون والسجون، لكن السؤال المطروح هو ماذا يدخن هؤلاء التلاميذ؟
نقط توزيع المخدرات بمدينة الدارالبيضاء كثيرة جدا ولايمكن حصرها، حيث نجد درب الكبير، حي مولاي رشيد، كاريان سانطرا، درب مولاي الشريف، درب السلطان، كلوطي، بوطويل، العواقلة، درب بلعالية، واللائحة طويلة منها يتم تزويد جل مؤسساتنا التعليمية.
مخدرات مغشوشة
الطلب على الحشيش يفوق العرض في أغلب الأحيان، والثمن يختلف باختلاف جودة الحشيش ، «فهناك الزيروة، البروميانة، القسرية، الطبيسلة، الدوزيامة، الفريا، السوبيرة، هذه الأخيرة من النوع الغالي والممتاز من الحشيش وهي قليلة في السوق مثلها مثل البروميانة» وأكثر أنواع الحشيش رواجا في الأسواق البيضاوية نجد الدوزيامة ، إذ يتراوح ثمنها ما بين 25 و 35 درهما، لكن نوع الحشيش الأكثر استهلاكا بين التلاميذ لرخص سعره فهو الفريا ، حيث تقوم مجموعة من ( البزناسة ) بشراء (الفريا) وهو أردأ الأنواع، بأبخس الأثمان ويضيفون إليه بعض المواد الاخرى قبل بيعه للمستهلك، ف 90 % من الحشيش المتواجد بالأسواق البيضاوية ليس من النوع الرديء فقط، بل إنه يحتوي على مواد أخرى أكثر خطورة على صحة الإنسان ، فإذا كانت خطورة الإدمان على الحشيش تختلف حسب نقاوته والكمية المدخنة، فإن الخطير في الأمر كون هناك من يخلط النوع الردئ من الحشيش (الفريا ) «بالرزينة» ،وهي مادة كيميائية سامة تباع عند العطار، وهناك من يضيف إليها القرقوبي المدقوق والسيلسيون، حتى يقوي قدرته على التخدير،
هذا مايفسر الحالة التي يصبح عليها هؤلاء المدمنون من التلاميذ بحيث تقل قابليتهم على التحصيل ومنهم من ينقطع عن الدراسة ماداموا يدخنون مواد ليست مخدرة فقط، بل سامة بالنظر إلى تركيبتها، ولعل ذلك ما يفسر الحالة الصحية التي يوجد عليها هؤلاء المدمنون .
يقول أحد تجار الحشيش بالتقسيط بأحد الأحياء الشعبية «في هاذ الوقت، الحشيش ولاّ بحال الخبز، عليه الطلب بزاف راه هاذ الشي ولاّ باين، تتلقى الأم كتبيع والدراري حتى هما كلشي خدام واللي حصل وما قدرش يتفاصل كايمشي يدوز لعشور ديال البيعة والشرية ومنين يخرج من الحبس كايرجع يبيع عاودتاني، راه قليل اللي كايوقف البيع من بعد ما يدوز الحبس والدراري ، يقصد التلاميذ، باركا عليهم غير الفريا ولا القرقوبي».
زيارة خاطفة لمحيط المؤسسات التعليمية تجعلك تلاحظ تجمعات مثناترة هنا وهناك لمجموعة من التلاميذ تلفظهم المؤسسة ساعة بين الحصص ، إما لكون استعمال الزمن يتضمن ساعات فارغة وسط الحصص، وإما لكون الأستاذ تغيب عن الحصة الدراسية وأمام افتقار مؤسساتنا ومحيطها إلى تجهيزات تربوية تستقبل التلاميذ فإن المقاهي وقاعات الألعاب وجنبات الطرق يتصيدهم الفراغ وتجار الحشيش والقرقوبي، البعض من هؤلاء ينقطع عن الدراسة ويدخل عالم الإجرام والتسكع والنتيجة أنه تطالعنا يوميا محاضر الشرطة القضائية تتابع مجرمين أقدموا على فعلهم الإجرامي وهم في حالات هيستيرية وغير طبيعية تحت تأثير مفعول المخدرات خاصة الأقراص المهلوسة «القرقوبي» أو البولة الحمراء والتي تباع ببعض المقاهي وأمام بعض المؤسسات التعليمية من جامعات وثانويات وإعداديات، وهناك بعض التلاميذ يتاجرون في بيع هذه الحبوب التي يتراوح ثمنها مابين ال5 و 10دراهم في بعض الأحيان!
تساؤلات مشروعة
سؤال منطقي ومعقول يتبادر إلى الذهن مع تنامي هذه الظاهرة، أين هي السلطات المحلية ورجال الأمن من كل هذا؟ ومن يتكفل بحماية الأمن بمحيط هذه المؤسسات التعليمية من تجار المخدرات ومروجيها؟ مدير إحدى المؤسسات التعليمية بمدينة الدار البيضاء صرح لنا قائلا بأنه تعب من طلب تواجد عناصر الأمن بالقرب من المؤسسة التعليمية حيث يتجمهر بائعو الديطاي والحشيش ومجموعة من الشباب الذين يقومون بمعاكسة التلميذات بعد خروجهن من المؤسسة لكن دون جدوى والتبرير دائما قلة الإمكانيات وحتى في حالة تلبيتهم النداء ، فإن الأمر لايتعدى مرور الكرام من أمام المؤسسة !!
«م.ع» أم لطفلين اتصلت بنا هاتفيا لتنقل لنا معاناتها مع ابنها ذي الستة عشر عاما والذي اكتشفت أنه مدمن على تدخين الحشيش بالرغم من أنه لم يسبق له أن دخن سيجارة من قبل ، تقول هذه السيدة» أصبت بصدمة عندما اكتشفت الأمر خاصة وأنه تعلم ذلك في المؤسسة التعليمية التي كان يدرس بها ومن أقرانه، أقر لي بأنه شرع في تدخين الحشيش منذ ثلاثة أشهر فقط وأنه دخن أزيد من 500 «جوان «، سألته عن مصدر المال الذي يشتري به الحشيش فاعترف بأنه يقوم بشرائه وتدخينه بشكل مشترك مع أحد أصدقائه وأنه بعد أن ابتلي أصبح يتنقل شخصيا إلى درب غلف وباب مراكش لاقتناء الحشيش بنفسه مخبرا إياي بأن الحشيش يباع «بالعلالي وبالصف» هناك مما زاد من هول الصدمة .»
لم تقف هذه السيدة مكتوفة الأيدي تعقبت إبنها إلى باب المؤسسة وانتظرت ساعات لترقب مايقع كانت هناك تحركات لم تفهمها ولكن كان هناك بائع السجائر بالجملة والديطاي الذي كان يلبي طلبات الزبائن، أخبرت مدير المؤسسة الذي صرح لها بأنه مسؤول عما يجري داخل المؤسسة وليس عمايجري خارجها!! وبأن هذا الأمر موكول للسلطات المحلية التي يتوجب عليها التدخل .
تضيف السيدة»م.ع» « أصبت بالإحباط وقمت بنقل إبني من هذه المؤسسة وأرسلته ليستقر مع عائلتي بعيدا عن هذا الجو الموبوء، أتساءل هنا، من المسؤول عن هذه الوضعية الكارثية التي تهدد مستقبل أطفالنا؟ وأين هي السلطات المحلية وعناصر الأمن، فالحشيش يباع على مرأى ومسمع الجميع ولامن يحرك ساكنا لحماية أطفال قاصرين من تجار المخدرات»!
يرى أحد الفاعلين التربويين بأن نظامنا التعليمي وانعدام فضاءات صحية وملائمة بجل مؤسساتنا التعليمية يجعل خطر الإدمان يتهدد التلاميذ في كل لحظة، فكيف يعقل أن يرخص للبعض بفتح قاعات مشبوهة للألعاب أمام هذه المؤسسات التعليمية وكيف يعقل أن تنتشر مجموعة من المقاهي قبالة هذه المؤسسات بحيث تتحول إلى أماكن تجمع مجموعة من التلاميذ والتلميذات لتبادل «الخبرات» فيما بينهم!! دون الحديث عن انتشار أصحاب بيع السجائر «بالديطاي « وفي المقابل نجد الفراغ على المستوى التربوي والتوجيهي بحيث يترك التلميذ وحيدا في مواجهة إغراء الزملاء المدمنين أو المروجين للمخدرات مما يستدعي تحصين المؤسسات التعليمية.
مسؤول في إحدى نيابات الدارالبيضاء اعتبر أن حالات تناول المخدرات تنتشر خارج أسوار هذه المؤسسات وتسجل في حالات متفرقة ظاهرة التدخين بمجموعة من المؤسسات يتم التعامل معها بطرق تربوية، نفس المسؤول اعتبر أن توجهات وزارة التربية الوطنية تذهب إلى اعتبارها فضاء للتكوين وتحقيق ذات التلميذ عقلانيا وتطوير مهاراته الأمر الذي يستدعي من المشرفين التربويين تحصين هذه المؤسسات التعليمية ضد كل السلوكات المنحرفة وإشاعة الأمن التربوي وهذا ماشرعت في اعتماده - يقول نفس المسؤول- النيابات بتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني والفاعلين التربويين من خلال الأنشطة التحسيسية بخصوص مخاطر الإدمان، وذلك لن يتأتى إلا بتفعيل دور جمعيات الآباء وتوعية الأسر وتنقية الفضاءات الداخلية بالمؤسسات التعليمية ومحيطها من السلوكات المنحرفة واعتبار دور الأسرة قائما عند الحديث عن هذه الظواهر والسلوكات الانحرافية، هذا دون إغفال الدور الذي يضطلع به مجلس التدبير بالمؤسسات التعليمية والذي يفترض فيه إيجاد الحلول للمشاكل التربوية المطروحة على المؤسسات التعليمية وعلى محيطها بتنسيق مع باقي المتدخلين خاصة مع السلطات المحلية من أجل حماية المؤسسات التعليمية من الانحرافات والسرقات والاعتداءات.
فالتنسيق المحكم بين مختلف المتدخلين في العملية التربوية من فاعلين تربويين وجمعيات المجتمع المدني ومجالس التدبير والسلطات المحلية سيساهم في تنقية محيط المؤسسات التعليمية وسيجعل مناخ الحياة المدرسية سليما خاصة إذا ماتم الاهتمام بالأنشطة الثقافية التربوية والرياضية وتفعيل أدوار النوادي البيئية لتحصين التلاميذ من كل أشكال الانحرافات.
وفي انتظار أن يتم كل هذا تبقى مجموعة من مؤسساتنا التعليمية هدفا مفضلا لتجار المخدرات ويبقى التلاميذ تحت رحمة بارونات الحشيش والقرقوبي والمعجون الذين يعرضون سمومهم على التلاميذ ، نظرا لرخص ثمنها من جهة ولقربها من مستوى القدرة الشرائية للتلاميذ واقترابها من مصروف الجيب اليومي الذي يتقاضاه التلميذ، بل إن بعض هؤلاء التلاميذ يضطرون لبيع أدواتهم الدراسية، وهو ما يفسر ظاهرة الكتاب الواحد في اليد والقلم في الجيب السائدة في مدارسنا، كأن المقررات ذات الوزن الثقيل قد انتهى بها الأمر، عند «مول الزريعة» وهذا ما عبر لنا عنه العديد ممن التقيناهم، حيث أكدوا أنهم إما حضروا عملية مبايعة بهذا الشكل أو أقدموا هم أنفسهم على القيام بها، وكل ذلك نظير توفرهم على دريهمات تبلغ في الأقصى 10 دراهم لاقتناء «قرطاسات المعجون» أو حبات القرقوبي أو «جوان» .
لكن إذا كان الحشيش والقرقوبي والمعجون يعتبرالمخدر الأكثر استهلاكا بالمغرب، فإن سوقا رائجة وإن كانت صغيرة، بدأت تعرف نموا متزايدا لأصناف أخرى مثل الهيروين والكوكايين، هذه السوق تجد زبناءها بين مجموعة من التلاميذ والطلبة الميسورين والذين يتابعون دراساتهم بالمعاهد والمؤسسات الخاصة، وتلك قصة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.